استعرضت د ايمان بهى الدين مديرة إدارة الاعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية دراسة أجراها المجلس على عمالة الأطفال بالدول العربية وذلك امام المنتدى الإقليمي للطفولة المبكرة الذي واصل اعماله اليوم بالقاهرة بعد مناقشات تواصلت على مدى يومين بمشاركة ٦٠خبيرا من ١٢دولة عربيةيمثلون أعضاء الشبكة العربية للطفولة المبكرة..وقالت يعد عمل الأطفال ظاهرة قديمة في بعض بلدان المنطقة العربية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقطاعات بعينها مثل الزراعة والمهن الحرفية التقليدية الصغيرة والصناعات غير الرسمية كصناعة الملابس والسجاد، بالإضافة إلى بعض الأنشطة المتعلقة بالبناء. ولكن على مدى السنوات العشر الماضية التي شهدت فيها المنطقة اضطرابات سياسية واقتصادية وصراعات وحروبًا كبيرة، مع ما نجم عنها من نزوح جماعي للسكان، داخل الدول وفيما بينها، كل ذلك أدى إلى تغير الوضع وتفاقمه.
لقد شهدت المنطقة العربية زيادة مضطردة في الاستخدام المباشر وغير المباشر للأطفال وباعتبارهم من أكثر الفئات ضعفاً، فقد تم تجنيد الأطفال واستخدامهم كدروع بشرية أثناء النزاعات والحروب وفي ظروف الارهاب، إضافة إلى استخدامهم في أنشطة غير مشروعة كالاستغلال الجنسي، وانخراطهم بشكل متزايد في أسوأ أشكال عمل الأطفال، والعمل القسري والسخرة في قطاعات الزراعة والخدمات والصناعات المختلفة، مما ينطوي على مستوى خطير ومقلق من الاستغلال والإساءة، ويعتبر انتهاكاً مباشراً لاتفاقية حقوق الطفل.
قالت إن قضية عمل الأطفال تحظى باهتمام على المستوى الاقليمي العربي، فقد صادقت الدول الأعضاء على معظم الاتفاقيات الإقليمية والدولية، كما تم وضع الاستراتيجيات والخطط الاقليمية والوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، إلا أن التقدم الذي أحرزته المنطقة العربية في هذا المجال من حيث القضاء على عمل الأطفال وبشكل خاص أسوأ أشكاله، وضمان الالتحاق بالدراسة ومعالجة أسباب التسرب المدرسي وإعادة التأهيل، وكذلك ما يرتبط بهذه الظاهرة من تجفيف لمنابع الفقر والحد من البطالة ، قد أصبح محل خطر في ظل المتغيرات والمستجدات السياسية والأمنية الراهنة في المنطقة العربية.
لقد أصبح هناك حاجة ملحة وفورية لحماية الأطفال في المنطقة العربية وبصفة خاصة في تلك الدول التي تعاني من الإرهاب والاحتلال والنزاعات المسلحة، سواءً كان إستغلالهم الخطير نتيجة لقضايا إقتصادية بحتة، أو مقترن بالصراعات والنزوح واللجوء. ويجب على دول المنطقة أن تعي وتدرك أن عمل الأطفال يفرض تحديات فورية ومستقبلية، ليس فقط على الأطفال أنفسهم، ولكن أيضاً على بلدانهم ومجتمعاتهم المحلية وكذلك على الإقتصاد الوطني. ومن الأهمية بمكان، معالجة الأسباب الجذرية والعواقب المترتبة على زيادة عمل الأطفال، والقضاء جوهريًا عليهم، لا سيما أسوأ أشكاله.
ومن هذا المنطلق، كانت الحاجة إلى أهمية توفر معلومات موثقة وحديثة عن وضع عمل الأطفال ونسب التسرب من التعليم المدرسي، لوضع وتنفيذ التدابير المطلوبة لذلك، فإن التوصية الصادرة بالدورة العشرين للجنة الطفولة العربية (نوفمبر 2014) دعت جامعة الدول العربية مع كل من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إلى التعاون والشراكة في إجراء دراسة إقليمية حول حجم وملامح عمل الأطفال في المنطقة العربية، لتحديد السمات والاتجاهات الرئيسية لعمل الأطفال على مدار السنوات العشر الماضية، في سياق الأوضاع السائدة في المنطقة العربية.
ومن الجدير بالإشارة أنه هناك نقص وندرة في البيانات المتاحة في المنطقة العربية حول عمل الأطفال، لا سيما في البلدان التي تواجه أزمات ونزاعات مسلحة التي مثلت تحديًا للباحثين القائمين على الدراسة، ومع هذا، فقد تم وضع كافة البيانات ذات الصلة، لا سيما ذات الطبيعة النوعية.
وتعد هذه الدراسة الإقليمية خطوة علمية نحو تحفيز الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على تكثيف جمع البيانات حول عمل الأطفال، ووضع خطط عمل وطنية تهدف إلى القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال، والتمهيد لإعداد استراتيجية إقليمية لمكافحة عمل الاطفال لمواجهة الإنتهاك غير المقبول لحقوق الإنسان وحقوق الطفل، للعمل على وضع برامج تمكن من تغيير الواقع من أجل مستقبل مشرق لأمتنا العربية ..فأطفالنا مستقبلنا.