سأكتب في هذه المرة وسأسطر شعرا بلا قافية ، لأني اريد ان أخاطب القلب وجها لوجه ، إنني غير سعيدة لأن بين جنبي قلبا يلم به الهم ما يلم بغيره من القلوب ، إن السماء تبكي بدموع الغمام ويخفق قلبها بلمعان النجوم وتصرخ بحبات المطر ، وإن الأرض تئن بأصوات الريح ، وتبكي بين أحضان البحر وما بكاء السماء إلا لأنين أهل الأرض ، عشت الشطر الأول من حياتي ابحث عن الرحمة ولكني لم أجد لها طريقا بين قسوة الأيام وجروحها، إن الرحمة مثل الشمس في معانيها كمنظرها وحقيقتها، إذا وجد الطبيب بين جوانح الإنسان ضالته من القلب الرحيم وجدت الإنسانية مبتغاها من السعادة والهناء ، كم رأيت انواعا ليست بالقليلة من البشر منهم إذا كشف لك عن أنيابه رأيت الدم الأحمر يترقرق فيها ، أو أظافره التي توهمك أنها ناعمة ولو أطلت النظر ستجدها ماهي إلا مخالب حادة لا تسترها إلا الصورة البشرية ، أو كحجر صلب لا تخلص إليه نسمة من نسمات حنية ورقة الحياة ، فلنرحم بعضنا بعضا أتدري يا إنسان متي يكون الإنسان إنسانا ؟ عندما يخفق لخفقان القلوب وسكن لسكونها ، إن من الناس من تكون عنده المعونة الصالحة للبر والإحسان فلا يفعل فإذا مشي في الأرض مش فيها مرحا متدفعا كأنما ملك الدنيا وما فيها وإذا وقع ناظره علي مسكين لا يكون نصيبا إلا السخرية والضحك ، يالا قسوة الأيام مع قسوة البشر
إن الله وهب الحياة لبني البشر ليعمروها فلنرحم الحيوان لأنه يتألم كما نتألم ويبكي بغير دموع فلنرحم الطيور التي وهبها الله الإنطلاق والحياة تهيم في فضائها كما تشاء ، وتقع حيث يطيب لها التغريد والتنقير فلنطلق سراحها ونغني مع تغريده فوق الأشجار وفي الغابات وعلي شواطئ البحار والأنهار ونري منظرها بين السماء والأرض كالفلك الدائر
أيها الناس أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء