جلست فرح أمام بيتها تنتظر حبيبها عبد الرحمن وقد جاء موعده الذي يحضر فيه كل سبت من كل أسبوع واخذت تقول ما أجمل هذا اليوم إن الشتاء يخفف عني كثيرا من آلامي التي يهيجها الخريف ما أعظم شكري لك عبد الرحمن إنك رسول العناية الإلهية لي والعزاء الباقي في هذه الحياة بعد ما فقدت كل عزاء وسلوي
وهنا حضرت صديقتها هناء تحمل بين يديها باقة ظهور تحبها فرح ثم جلسا سويا فرح وهناء وعبد الرحمن في حديقة المنزل ، وكانت فرح تعشق الورود وترعاها بنفسها واتجهت فرح نحو ورودها وعبد الرحمن ورائها
فرح ماذا بك لقد أتيت إليك في موعدي ماذا بك ؟
اغمضت عينها وأطرقت برأسها
عبد الرحمن أنت تمزح مع هناء كثير وهذا يزعجني
فرح إني أحبك وما تفكرين فيه ما هو إلا هواجس ليس لها من الحقيقة إلا في رأسك انت
ودنا منها وقال لها هاتي يدك البيضاء لأقبلها بإسم الحب والغرام
فارتمت بين أحضانه باكية إني خائفة بل ارتجف خوفا هل من المعقول أن تتركني بعد هذه السنون
فرح لا يا حبيتي أنت أنفاسي وحياتي
وهدئت الأمور ثم أتي علاء ابن عمها وزوجته إلي بيت فرح وفي هذه اللحظات هبت ريح شديدة فتساقطت علي الأرض أوراق كثيرة من أعالي الأشجار فأنقبضت فرح ثم قالت
إن تساقط الأوراق يحزنني كثيرا وبرغم هذا الفزع والقلق كانت الأوراق تتساقط برقة ورشاقة
ثم قالت
عبد الرحمن إني أسمع نغمة حزينة فضحك ضحكة هسترية وقال لها
ليس من عادتي أن ألجأ إلي الحزن في أي موقف من المواقف حتي لو احزنني الناس جميعا وأتت هنا بجوارهم فرح وعبد الرحمن قصة حب علي أغصان الشجر ونظرت إليهم نظرة ثاقبة ورحلت وفرح كادت أن يطير عقلها فهي تعلم جيدا أن هناء تحب حبيبها عبد الرحمن
وفي اليوم التالي
اقامت فرح حفلا كبيرا احتفالا بحبيبها وكان حفلا صاخبا فالكل يعلم أنهما عشيقان وسوف يتزوجان قريبا
وكان التلاقي بينهما ومدت فرح يدها إلي حقيبتها واخرجت خاتما من كيس حريري ومدت يدها وعانقت يده وقالت له
عبد الرحمن أما آن أوان لقاءنا حلمت بهذه اللحظات كثيرا ونظر إليها حبيبها نظرة رومانسية حالمة أخترقت جوانحها نعم حبيبتي وانا كذلك ولكن لا بد أن ارحل الآن فقد كلفت بأمر ما ولابد أن ارحل آلان فرح وموعها تسيل كالفيضان بين مقلتيها أتتركني وترحل الآن
فرح كنت أرجو أن أعيش بجانبك لأتولي حراسة سعادتك التي عاهدت نفسي أن اكفلها لك ما حييت ولكن المقادير تحول بين حلمي وحلمك آلان ولا أستطيع أن أقول ما هي الأسباب
فرح (( إنني لا أخاف الموت من أجلي بل من أجلك أنت ويخيل إلي أنني لو رحلت ستقضين أياما شديدة عليك وعلي مشاعرك الرقيقة الحساسة ))
إلي أين أنت ذاهب ؟
إن (( إن بين جوانحي كنزا ثمينا من حبك لم أستطع أن أكشف لك إلا عن مقدار قليل من جواهره ونفائسه كنت أود أن أفرغ مشاعري بين يديك ولكن ماذا أصنع آلان
عبد الرحمن
حبيبتي إن قلبي لن يفارقك لحظة وروحي سترفرف عليك وتحوم حولك فلن نفترق يا حبيبتي) وودعها حبيبها الوداع الأخير فارتمت بين أحضانه ثانية وعلمت أنه مكلف بمهمة سرية لا يستطيع الحديث عنها
واختلت فرح بنفسها وكانت أصوات أنفاسها كاصوات الريح بين دخان متصاعد من جوف الأرض إلي عنان السماء
واخذت تحدث نفسها
عبد الرحمن أنت رمز حياتي من أولها إلي أخرها ثم قالت أسمع نغمات الكمان سوف يأتي حبيبي قريبا واغلقت عينيها ودموعها تنساب علي مخدعها كحبات اللؤلؤ
ودارت الأيام بحلوها ومرها وعادت الحياة إلي طبيعتها وفرح تعتني بأزهارها وورودها تلهو وتلعب بين أغصان أشجار حديقتها ترسم حروف إسمها واسم حبيبها بين أحضان الشجر وعلي صفحات الجداول وبين حبات الرمال وعلي زخات المطر كفراشة تنتقل من غصن إلي أخر
وعاد عبد الرحمن سالما وخفق قلبها خفقة لم يخفق مثلها من قلب وتشابكت ايديهما ثانية واكملا حياتهما بين عبير الزهور وحبات المطر وعيون القمر.