* دراسة د.سهام النويهي من أبرز الدراسات العربية التي تحدد أطر ومهارات الفكر المنطقي المنهجي وعوائق التفكير السليم
* التفكير النقدي ليس فكرة نظرية بل واقع تطبيقي و شريان حياة لتعلم مهارات العلاقات والتعاملات والاقتصاد المعرفي والقراءة الناقدة، وتجنب مضار بعض وسائل الإعلام..

* كما نتعلم المنهج العلمي ، يجب علينا أيضًا تعلم عملية التفكير النقدي ، لأنها تعيد الثقة في قدرة العقل التحليلي على المثابرة في التغلب على المشاكل، ورفع القدرة على تحليل المواقف الإشكالية.
مقدمة
يعد عالمنا المعاصر عالم انفجار المعلومات والتغيرات التكنولوجية المتعددة و السريعة ، التي لا بد أن يواكبها الحاجة إلى تطوير مهارات التفكير وتطبيقها بشكل فعال على صعيد كل الأمور الحياتية من أجل اعداد فرد يكون قادرًا على مسايرة التطور و التغير السريع ، لذلك تحتاج كل المؤسسات ولا سيما المؤسسات التعليمية إلى تطوير المهارات الفكرية وتطبيقها بشكل فعال في جميع مراحل التعليم المختلفة ، من أجل حل المشكلات المعقدة التي سيواجهها الطلاب والاختيارات الحاسمة التي سيضطرون إلى اتخاذها ، من أجل ذلك كانت الحاجة ماسة بضرورة استخدام مهارات التفكير وعلى وجه التحديد التفكير الناقد الذي يعد أحد أهم المهارات المفيدًة التي يجب تعلمها كأسلوب في التفكيرمن أجل تغيير طريقة تفكير المرء في التفكيرذاته.
لقد انتبه الفلاسفة والمفكرون إلى ضرورة تبني التفكير الناقد، فلم يكن وليد عصرنا الحالي بل امتد بجذوره إلى الفكر اليوناني القديم ، حيث بنيت عليه فلسفة سقراط وتوما الأكويني في العصر الوسيط وفرانسيس بيكون ورينيه ديكارت وجون لوك و إسحاق نيوتن حديثا ثم المساهمات الأكثر حداثة ، التي كان أبرزها مساهمات جون ديوي John Dewey ولودفيج فتجنشتين Ludwig Wittgenstein و وجان بياجيه Jean Piaget وغيرهم من المفكرين الغربيين الذين ركزت دراساتهم على أهمية التفكير الناقد منذ الستينات وحتى اليوم .
وبالرغم من الاسهامات الغربية التي أكدت على دور التفكير الناقد في حياتنا اليومية ، إلا أن مكتبتنا العربية افتقرت لمثل هذه الدراسات ، ولم يكن هناك إلا إشارات قليلة لأهمية التفكير الناقد لا ترقى أن تكون دراسة كاملة في هذا المجال ، ومع حلول عام ٢٠٠٩ برز على الساحة الفكرية كتاب التفكير الناقد للمفكرة الدكتورة سهام محمود محمد عيسوي النويهي (١) الذي يعد أبرزالاسهامات العربية المعاصرة في مجال الاهتمام بتوجيه الدراسات للتفكير الناقد كأحد أهم الحلول لمشكلاتنا الحياتية المعاصرة .
لا سيما أننا نطالب الأن بالتنمية المستدامة كي نلحق بركاب الدول المتقدمة .
تعد سهام النويهي أول امرأة عربية تهتم بمجال المنطق وفلسفة العلم ، فقد أثرت مكتبتنا العربية بالكتب والمقالات والأبحاث في هذا التخصص الذي عملت عليه لسنوات عديدة من البحث والتحليل والتدريس والممارسة ، في كافة فروع المنطق وفلسفة العلم وفلسفة اللغة ، حيث أنشأت علاقة جدلية بين هذ الفروع وبين التفكير ليصبح تفكيرا ناقدا بحيث يصبح المرء قادرا على مواجهة كافة المشكلات وحلها.
من أجل الوصول لأفضل النتائج الممكنة ، لذا عملت النويهي أن يصبح التفكير الناقد أسلوبًا عاما للتفكيرفي كل المؤسسات وأن يكون مقررا عاما يُدرس في الكليات والجامعات باعتباره وسيلة “لتحسين” التفكير ، وطريقة لتغيير تفكير المرء في التفكير ذاته.
من هنا كان من الضروري التوقف عند أفكارها في كتابها التفكير الناقد لمعرفة كيف يصبح المرء مفكرا نقديا ؟ وما هو النهج الواجب اتباعه للوصول لطريقة التفكير الصحيحة الهدف منها الحفاظ على نقاط القوة وإجراء التحسينات من خلال استهداف نقاط الضعف.
جاء كتاب سهام النويهي (التفكيرالناقد) من مقدمة وخمسة فصول وكانت الفكرة الأساسية التي يقوم عليها الكتاب بسيطة المظهر عميقة الجوهر لأنها تحدد نقاط القوة والضعف في تفكير المرء من أجل تقييم الأفكار أو الأحكام بالوعي والإبداع وصقل هذه العمليات حسب الحاجة غاية الوصول لأفضل الحلول والنتائج الممكنة ، وقد ربطت النويهي هذه الأفكار بالفكر المنطقي المنهجي الذي يعتمد على الحجج والاستلالات بالإضافة إلى المهارات التي يكتسبها المرء نتيجة التكرارفي استعمال الأسلوب المنطقي لذا جاء الكتاب في صورة جدلية لعلاقة متبادلة بين المنطق والتفكير الناقد ، كان نتيجتها إزاحة الألوان السلبية من التفكير أو التفكيرغيرالناقد وهذا ما سوف نعرض له بالتحليل في السطور الأتية .

الفصل الأول : تعريف التفكير الناقد
تعرض سهام النويهي في الفصل الأول من كتاب التفكير الناقد ، المعنون( مدخل إلى التفكير الناقد ) ما هو المقصود بالتفكير الناقد ، فتذهب إلى أنه ” ما هو إلا التفكير المنظم الذي توجهه المعايير الذهنية ، فهو عملية ذهنية منظمة من أجل التصور الواعي والتطبيق والتحليل والتركيب وتقييم المعلومات المجمعة من خلال الملاحظة والخبرة والتأمل والتفكير الاستنتاجي ..” (٢) وهذا المعنى يبعد بالتفكير الناقد أن يكون نهجًا سلبيًا في التفكير ، بل هو دليل للفكر النقدي الإبداعي الذي يجعل من التفكير نشاط عقلي يجمع بين الجانب النظري المبني على الملاحظة والجانب العملي في الوصول إلى النتائج من أجل صياغة وحل المشكلات ، وإن جاز لي التعبير فتعريف سهام النويهي للتفكير الناقد هو البحث عن إجابات أثناء البحث عن المعنى ، من أجل هذا صاغت عددًا من المهارات التي يستخدمها المرء من أجل رؤية ثاقبة وسليمة أهمها :
١-العقلانية
٢- العقلية المتفتحة
٣- الوضوح
٤- الدقة
٥-الارتباط
٦- الاتساق
٧- الصحة المنطقية
وتؤكد سهام النويهي أن هذه المهارات السبع (مهارات التفكير الناقد) مطلوبة ومرغوبة في الدراسة والعمل والحياة بصفة عامة ، لذا لابد أن نكتسبها من أجل التأثير على الناس من خلال عملية صنع القرار ، والذي يجب التدريب عليه أثناء سنوات الدراسة ، لذلك ترى سهام النويهي ضرورة البدء مبكرا لتعلم التفكير النقدي للطلاب فتذهب بالقول إلى أنه ” إذا ما طبق التفكير الناقد على المقررات الدراسية فإنه يؤدي بالطلاب إلى التفاعل مع ما يدرسونه من موضوعات ” (٣) هذا بالإضافة إلى تعلم الطلاب ” مجموعة من المهارات التي يمكن تطبيقها على أي موضوع يقومون بدراسته ” (٤) من أجل ذلك علينا الانتباه من أن نقع في التفكير غير الناقد الذي يعتمد على الخبرة الذاتية والعاطفة أو الحدس دون الرجوع لأي أساس منطقي وبالتالي يصبح تفكيرا غيرمبررًا ، من أجل ذلك دقت سهام النويهي ناقوس الخطر من الوقوع في براثن التفكير غير الناقد واستطردت في المقارنة بينه وبين التفكير الناقد لأنه كما تقول ” سيحررنا من الافتراضات غير المبررة والاعتقادات والانحيازات الخاطئة والعادات السيئة ” (٥)
وهنا نتساءل كيف لنا معرفة التفكير غير الناقد أو التفكير غير السليم؟
تجيب النويهي على هذا التساؤل في الفصل الثاني من كتابها من خلال الوقوف على معوقات التفكيرالناقد وأهم العادات السيئة التي تعترض التفكير .
الفصل الثاني :معوقات التفكير الناقد
لكي يصبح المرء مفكرًا ناقدًا ، عليه أن يكون على دراية بالعوائق ، وأن يعترف بالتحديات التي قد تواجهه ، كي يتغلب عليها بأفضل ما يمكنه.
ذلك أن القرارات السيئة سوف تؤثر سلبًا على أي منظمة أو مؤسسة و تعرضها لضربة خطيرة ، وبالتالي إذا أردنا التنمية المستدامة كي نلحق بركاب الدول المتقدمة لا بد أن ننتبه أن هناك معوقات تقف حاجزا دون أن نصل للتفكير الصحيح ، وقد حذرت النويهي من الوقوع في هذه المعوقات .
بالرغم أن هناك الكثير من العوائق فيما يتعلق بتنفيذ التفكير النقدي والتي حددها الباحثون والمتخصصون بأكثر من 100 عائق مختلفة تمنع التفكير النقدي الفعال ، إلا أن سهام النويهي جمعتها في تسعة عوائق تقف حائلا أمام اتخاذ القرارات بعناية ” (٦) هذه المعوقات هي :
١- التمحور حول الذات : هو الميل لاعتبار الذات هي محور الكون
٢- التفكير بالتمني وخداع النفس : هو الاعتقاد بأمر ليس له وجود ولا دليل عليه ولكننا نتمنى وجوده كما لوكان صادقا.
٣- الإيحاء التوافق وتقدير الخبراء ذوي السلطة : التسليم برأي كل من كان له خبره أو سلطة دون فحص أو تحليل .
٤- الكسل والكبرياء : هو التفكير التلخيصي والادعاء بفهم كل الشئ
٥-التمحور حول الجماعة : رؤية المرء لجماعته على أنها أفضل من أي جماعة أخرى ” (٧) مما ئؤدي للصراعات وعدم التسامح.والاضطهاد.
٦- الجهل: ليس هو الغباء لأن الغباء نقص الذكاء بينما الجهل نقص في المعرفة (٨)
٧-الانحياز: وهو بعد ذاتي لتفضيل ما يتفق ما أراءنا والبعد عن من لا يتفق.
٨- التفكير ب إما …أو: التفكير في الحجين المتكرفين لأي موضوع وعدم الأخذ في الاعتبار الممكنات الأخرى .
٩- الإخفاق في إجراء التميز : وهوالخلط بين المفاهيم وعدم توضيح الاختلافات بين الأشياء .
إذا وقفنا على هذه المعوقات بشكل مجمل نجد أن النويهي ترى أنها قيودا للفكر البشري ؛ تحول بين المرء وعزيمته في الوصول للقرار الصحيح ، نتيجة النظرة الذاتية غير الحيادية التي تدعم وجهة النظر من طرف واحد ، بسبب تمحور فكرة المرء حول ذاته سواء بميله بقبول المعتقد الذي يتفق مع ميوله ورفضه المعتقدات التي لا تتفق معه أو برؤيته لذاته بصورة أفضل مما هو عليه في الواقع ، مما يتولد عنه أحد الأمراض النفسية ( الاسقاط Projection ) وهو حيلة دفاعية من الحيل النفسية اللاشعورية، وعملية هجوم يحمي الفرد بها نفسه بالصاق عيوبه ونقائصه بالأخرين ، من خلال لوم الأخرين على ما فشل هو فيه ، وقد أكدت سهام النويهي ” أن هذا النوع من التفكير يمثل عقبة كبيرة لأنه يمنعنا من التعرف على نواحي النقص فينا ” (٩) لهذا فلابد من ضرورة انفتاح العقل وعدم الانقياد الأعمى للرأي الأخر دون تدقيق أو تمحيص حتى لو كان الأخر من ذوي الخبرة والاختصاص ” فلكل منهم طرقه وحيله في الإقناع ، فليس من المحتم التسليم التام دون التفكير فيما يقولونه أو يطرحونه ” (١٠) لهذا علينا عدم القبول الأعمى للأشخاص ذوي الدرجات أو الخبرة المشكوك فيها. ، وبالمثل عدم الانقياد لبعض الأفكار لمجرد أنها من شخصيات ذات سلطة دون أن يكون هناك دليل يدعم هذه الأفكار ، كما علينا التصدي لعائق الكسل و الكبرياء الذي يعد أحد ألأفات المنتشرة في مجتمعاتنا المعاصرة ، لأنه يعد جهدا تلخيصيا يقلص من قدرة الإنسان على الابداع وبالتالي لا يضيف أي جديد ، كما علينا البعد عن الكبرياء حيث يتظاهر المرء ” بفهم الأشياء خوفا من أن يظهر حمقه أو غباءه ” (١١) مما ينتج عنه عدم إدراك ما لا يعرفه أو يجب أن يعتبره مشكلة.
لذا علينا الوقوف على فهم المعنى جيدا والوقوف على مصطلحات ومفردات اللغة فإذا لم نفهم ما يعنيه الأخرون فلن نستطيع أن نقييم أي ادعاءات أوحجج .
مقومات التفكير الناقد
كما طرحت النويهي في هذا الفصل المعوقات الأساسية التي تعترض التفكير الصحيح ، فإنها تطرح حلولا للتغلب على مخاطر المعوقات السلبية التي تعوق التفكير الإبداعي ، حيث تضع ثلاثة مبادئ أساسية يندرج تحتها العديد من المبادئ الأخرى ، من شأنها النهوض بالتفكير وبعث الروح النقدية المبتكرة من جديد وهي
١- مبادئ أساسية للتفكير الناقد : وفي هذا المبدأ تؤكد أنه يجب علينا التعرف على أربعة مبادئ أساسية:
أولا : التمييز بين الوقائع Facts و الأراء Opinions
ثانيا : – فحص الحقائق وتمحيص الأراء
ثالثا : تقييم الدليل
رابعا :الشجاعة على تغيير الأفكار
٢- التوجهات المساعدة على التفكير الناقد : ويشمل العديد من التوجهات
أ : الاتجاه الأول
ب: الاتجاه الثاني للنقد قيمة وإن كان نقدا للذات
ج: الاتجاه الثالث : الجهد مفتاح الحياة
د: الاتجاه الرابع : الأشخاص مهمون مثلما أن مهم
٣- العادات المساعدة على التفكير الناقد : ويحتوي على العديد من العادات :
أ: الحذر من الانطباعات الأولى
ب- الأمانة مع النفس
ج: تجنب الخلط في الفهم
د: طرح أفكار كثيرة
ز: البحث على الارتباط بين الموضوعات
س : التعرف على وجهات النظر الأخرى
ش: وضع الأحكام بناء على دليل
وفقا لما سبق نلاحظ أن سهام النويهي وضعت خطوطا عريضة من شأنها النهوض بعملية التفكير النقدي حيث يتضمن التفكير النقدي تحديد المشكلة وفحص الأدلة وتحليل الافتراضات والتحيزات وتجنب التفكير العاطفي وتجنب التبسيط المفرط والنظر في التفسيرات الأخرى والكشف عن الغموض.
ما تسعى إليه النويهي من خلال التفاصيل الدقيقة لمقومات التفكير الناقد هو تجاوز نماذج التفكيرالنمطية من أجل الوصول إلى طريقة متقدمة في التفكير ، باستخدام مقومات متنوعة تمكن أصحابها من اكتشاف أفكار جديدة ومحسنة في كثير من الأحيان. وبشكل أكثر تحديدًا ، وتلفت النويهي نظر المفكريين النقديين إلى رؤية المشكلة من عدة وجهات نظر ، والنظر في العديد من مناهج التحقيق المختلفة ، وإنتاج العديد من الأفكار قبل اختيار مسار العمل. بالإضافة إلى ذلك ، ذلك أن المفكر الناقد أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر الفكرية ، وللمغامرة ، وللنظر في الأفكار غير العادية .
ببساطة ترى النويهي أن المفكر الناقد يتعامل بشكل أسرع وأكثر فعالية من المفكر النمكي أو غير الفعال ، وهذا لا يتطلب سحر فيما يفعله بل بتكلب مهارات ومقومات تساعده على ذلك
الفصل الثالث : الاستدلال الناقد
تؤكد سهام النويهي في الفصل الثالث من كتابها التفكير الناقد على دور الاستدلال الناقد في تطوير مهارات التفكير الناقد ، ذلك أن الاستدلال على الرغم من أنه مصطلح غير شائع في حياتنا اليومية إلا أنه عملية ضرورية يجب الاعتماد عليها للوصول إلى التفكير الصحيح ، فالاستدلال كما تذهب النويهي ” هو العملية التي ينتقل فيها الفكر من مقدمات أو معلومات متوفرة إلى نتيجة تلزم عنها ” (١٢) ويعد هذا اللزوم هو لزوم منطقي مبني على المقدمات الأولية ، التي لا بد أن تكون مؤكدة وبالتالي تصبح النتيجة مؤكدة ، لذلك كان كل استدلال جيد لا بد أن يسبقه مقدمة أو عدد من المقدمات الجيدة وهنا تظهر أهمية القياس ، قياس النتائج وفقا للمقدمات ، ومن أجل القيام باستدلال ناقد ، تذهب النويهي إلى أن كل استدلال ناقد يعتمد على ما يسمى بالحجة Argument وهي علاقة تبادلية بمعنى أن كل حجة تحتوي على عملية استدلالية وكل استدلال يستند إلى حجة ، ومن أجل وضع حجج سليمة واستدلالات صحيحة ، يجب علينا اتباع عدد من الخطوات :
١-تحليل الحجة : من خلال تقديم الأسباب أو الدليل الذي يدعم الحجة
٢-بناء الحجج : من خلال معرفة كيفية وضع الأسباب على أن تكون مرتبطة بالنتائح
٣-تصنيف الحجج: من خلال التفرقة بين أنواع الحجج المختلفة لا سيما الاستقرائية والاستنباطية
٤-صحة الحجة :من خلال البرهان القوي الذي لا يثبت صحة الحجة فقط ولكن أيضا يثبت أنها سليمة للبعد عن المغالطات المنطقية التي يلتبس فيها ما هو خاطئ وصحيح.
٥-اللغة والحجة : من خلال وضوح اللغة وسلامتها والبعد عن الالتباس في المعاني المختلفة
٦-تقييم الحجج : عن طريق التأكد أن هذه الحجج صحيحة وجيدة لا سيما ارتباط الأسباب بالنتائج
٧-كيف تعرض حججا مقنعة: الاقناع هو ” فن جعل الأخرين يستمعون بطريقة عادلة لأفكار تختلف عن أفكارهم ” (١٣)
وفقا لهذه الخطوات تذهب النويهي إلى أن أي تفكير ناقد لا بد أن يكون قادرا على تقييم وبناء الحجج والذي سيصبح من خلاله لدينا القدرة على استنتاج نتيجة واحدة أو عدة نتائج وهذا يتطلب فحص العلاقات المنطقية بين البيانات والاستدلالات .
لذا تبرز النويهي أهمية فلسفة اللغة في منهجها حيث توضح أننا لا يمكننا معرفة ”استدلال يقوم به شخص ما ، إذا كنا لا نفهم ما يقوله “(١٤)
بالإضافة لذلك نلاحظ في هذا الفصل أن سهام النويهي – عند وضعها لخطوات الحجج والاستدلالات – فهي تضع قواعد لتوجيه العقل للتفكيرالاستدلالي الناقد من خلال (كوجيتو)- إن جاز التعبير – أو قانونا يستطيع المرء من خلاله أن يفكر بشكل نقدي حيث لا يتحقق اليقين إلا عن طريق التفكير المنطقي المنظم وهي أقرب ما يكون من قواعد المنهج الديكارتي ، لذا جاء الاستدلال الناقد عند سهام النويهي وفقا لقواعد واستدلالات منطقية من أجل الوصول إلى نتائج مرتبطة بالمقدمات و بالتالي نحصل على أكبر قدر من المهارات في حل المشكلات و البعد الحلول الافتراضية التي لا ترتبط بالواقع وبالتالي لا بد أن يكون هناك موضوعية ومعيار للتأكد من صدق النتائج .
الفصل الرابع : الخدع البلاغية والمغالطات
تشير الخدع البلاغية إلى المغالطات الخطابية ، أو مغالطات الجدل ، التي لا تسمح بتبادل مفتوح ثنائي الاتجاه للأفكار مما يحيد بالفكر عن المنطق السليم.
وقد استهدفت سهام النويهي في هذا الفصل تحديد الخدع البلاغية وكشف المغالطات التي من شأنها تضليل الفكر ، حيث حصرتها في ستة خدع وثلاثة مغالطات رئيسية يندرج تحتها العديد من المغالطات الفرعية .
أولا – الخدع البلاغية :
اللجوء للحداثة : عن طريق اقناع الناس بشراء أي منتج جديد لمجرد محاكاة الأخرين في ذلك دون أن يكون له ميزة .
اللجوء لما هو شائع : وهو مسايرة ما هو رائج دون الوقوف على حقيقته.
اللجوء للشفقة: هي إثارة العواطف من أجل قبول رأي يخالف الحقيقة.
اللجوء للجاذبية : الترويج لأي منتج وربطه بشخصية جذابة.
اللجوء للجنس: هي من الخدع المرتبطة ضمنيا بمغالطة اللجوء للجاذبية لاقناع الناس بالمنتج الذي يجعلهم أكثر جاذبية وتسمى هذه المغالطة “بمغالطة تأكيد النتيجة “. (١٥)
الهجوم المباشر: تنتشر في الإعلانات الدعائية والتي غالبا ما تكون بصيغة الأمر بدون إبداء الأسباب .
من هنا تحذر النويهي من هذه الخدع التي تبدو معقولة أو صحيحة ظاهريًا ولكنها في الواقع معيبة غير نزيهة. عندما يكتشفها الفرد حيث تأتي في الغلب بنتائج عكسية ، ومن المهم أيضًا أن نكون قادرين على تحديدها حتى لايخدعنا خط التفكير الخاطئ.
ثانيًا المغالطات المنطقية:
بالنظر إلى المغالطة المنطقية” نجد أنها تشير إلى قواعد الإخفاقات المنطقية ، التي ينتج عنها نماذج التفكير الخاطئ ، وبالتالي فالمغالطات حجج زائفة أو خادعة ، لا تثبت شيئًا ، وغالبًا ما تبدو المغالطات سليمة ظاهريًا ،حيث تتمتع بقوة إقناع هائلة ، حتى بعد كشفها بوضوح على أنها خاطئة.
لذا تعد المغالطة خطوة غير منطقية يستخدمها المحتالون لإقناع جمهورهم بتصديق الادعاءات غير المنطقية .
تذكر النويهي عددا من المغالطات المنطقية من شأنها أن تؤدي إلى التفكير غير الناقد ومن ثم علينا تجنبها أبرزها :
١-المغالطات الناشئة عن غموض اللغة : تتضمن مغالطة الاشتراك ومغالطة الالتباس ومغالطة التركيب ومغالطة التقسيم ثم مغالطة النبرة
٢-المغالطات الناشئة عن الحكم : تتضمن مغالطة المعيار المزدوج ومغالطة المعيار غير المرتبط بالحكم ومغالطة التعميم الزائد ومغالطة النتيجة المتسرعة
٣- مغالطات رد الفعل :تتضمن مغالطة مهاجمة الدافع ومغالطة انظر من يتكلم ومغالطة الرجل القش ومغالطة تحويل الفكرة الرئيسية للبرهان .
من الواضح أن كل هذه المغالطات هي عيوب تؤدي بصاحبها إلى التفكير الخاطئ ، لذا تؤكد النويهي بضرورة تقوية قدرتنا على تقييم الحجج التي نستدل بها على القرارات الصحيحة و عليه فلا بد من أن ندرك شيئين حول المغالطات:
أولاً : الحجج المغلوطة شائعة جدًا جدًا ويمكن أن تكون مقنعة تمامًا ، لا سيما للمرء الذي لا يمتلك مهارات التفكير الناقد ، لذا أعطتنا النويهي أكثر من مثال للمغالطات التي أدت للتفكير الخاطئ وبالتالي وجب تجنبها.
ثانيًا : في ظل وجود مثل هذه المغالطات فإنه يصعب – أحيانًا- تقييم ما إذا كانت الحجة صحيحة أو خاطئة.
لذا تهدف النويهي في هذا الفصل ليس تعليم كيفية تصنيف الحجج على أنها مغلوطة أو خالية من المغالطة ، ولكن المساعدة على النظر إلى الحجج بشكل نقدي ونقلها بعيدًا عن أن تكون حججا ضعيفة من أجل الاستمرارية في تقديم حججا قوية
وبالتالي الوصول للقرارات الصحيحة في كافة مجالات المجتمع.
الفصل الخامس : تطبيق مهارات التفكير الناقد
تؤكد النويهي في هذا الفصل على قوة التفكير الإيجابي ، حيث أن طريقة التفكير في مشكلة ما أهم من المشكلة نفسها ، لهذا علينا دائما التفكير بإيجابية ،كما علينا أن نقبل أن المشاكل جزء من حياتنا ، وبالتالي نحتاج إلى فهم أن حل المشكلة يكمن فينا أكثر منه في المصادر الخارجية ، ولكي يتحقق ذلك لابد أن يكون لدينا العديد من المهارات التي نستطيع تطبيقها على أرض الواقع باستخدام كل المهارات التي اكتسبناها من التفكير الناقد ومن أجل ذلك يوجد العديد من المهارات الواجب التدريب عليها من أجل حل المشكلات بطرق مختلفة وبطريقة عملية :
أولا : مهارات حل المشكلة
ترفض سهام النويهي الفكر الدوجماطيقي والتشبث بوجهة النظر الواحدة حيث تسعى إلى تحرر الفكر من ثباته وجمودة ولذلك تؤكد على أن يكون لدى الإنسان مهارة حل المشكلة وذلك بالتوصل إلى أكثر الحلول إيجابية وفاعلية ، فعلى سبيل المثال تذكر مشكلة لأحد أصحاب مصانع الورق الذي تعرض لاستيراد كمية من الورق من أجل تحويلها إلى مناديل ورقية للحمامات وعند وصول الشحنة وجد أن الورق ثقيل جدا لأن يصنع منه ورق الحمامات وعندئذ فكر الرجل بأن حول الورق الثقيل إلى فوط ورقية لقابليتها أن تصنع من الورق الثقيل.
نستنتج من ذلك أننا يجب علينا وجوب النظر إلى المشاكل على أنها تحديات مثيرة ، وذلك برؤية المشكلة من عدة أوجه وعدم التوقف عند وجهة نظرواحدة ، كما يجب علينا النظر في العديد من مناهج التحقيق المختلفة ، من أجل انتاج العديد من الأفكار لتيسير مسار العمل. بالإضافة إلى ذلك ، يجب أن نكون أكثر استعدادًا لتحمل المخاطر الفكرية ، والمغامرة ، والنظر في الأفكار بأكثر من اتجاه وهو ما حدث في نموذج صاحب مصنع الورق .
ثانيا : العلاقات
(كن كريما في المدح شحيحا في النقد) هذه هي القاعدة الذهبية التي وجهت بها النويهي النظر لضرورة فهم مهارة العلاقات بين الناس ، حيث يعد فن التعامل مع الأخر هو أحد المهارات المهمة من مهارات التفكير النقدي ، ومن أجل إقامة علاقة ناجحة مع الأخر تضع النويهي ركيزة أساسية ، حيث تستعين بمعنى الحديث النبوي ( عامل الأخرين كما تحب أن يعاملوك ) فلابد أن يضع كل إنسان نفسه مكان الأخرين ، ذلك أن مهارة العلاقات كما ترى النويهي هي ” ارتباط ذو مغزى بين الناس ” (١٦) وبالتالي فمعاملة الأخر بمثل ما أحب أن يعاملني سيكسب الصداقات ولن يجعل هناك كره لأحد فى القلب مما يؤدي لراحة البال والهدوء النفسي ، و في ذلك رؤية تربوية نفسية سليمة ، لها أبعادها ونتائجها الإيجابية على الفرد والمجتمع لاسيما بعد انتشار الاحباطات المستمرة عن طريق النقد الهدام لمجرد النقد ، مما يثني المرء عن عزيمته ويتملكه سعور بالإحباط والاضطهاد ، من أجل ذلك ركزت النويهي على ضرورة بناء علاقات جيدة بين الناس عن طريق المدح والثناء ، اللذان هما حاجة إنسانية متأصلة في جوهرها ، لا يقلا أهمية عن أي حاجة أخرى. لذا ترى النويهي أنه ينبغي علينا أن نمدح الأخرين على كل مجهود يقومون به ، بما في ذلك سلوكهم الجيد، و بمرور الوقت ، سوف يتعلمون أن الثناء يُكتسب – من خلال العمل الجاد والعمل الصالح.
ويجب أن نعرف أن بناء أي علاقة جيدة جاء لم بأت نتيجة الصدفة ، على العكس تماما تأتي العلاقات الجيدة نتيجة لخبرات معرفية ومهارات في فن التعامل مع الأخر.
من أجل ذلك توجه النويهي النظر إلى أن مهارة العلاقات ال ناجحة بين الناس تتطلب العديد من الارشادات الواحب اتباعها والتي تبثق معظمها من قلب القانون الإلهي والأخلاقي مثل :
– تعرف على الأخرين بالقاء السلام والتحية عليه .
– كن كريما في المجاملات وشحيحا في النقد.
– احتفظ بحالاتك لنفسك.
– توقع الكثير من ذاتك والقليل من الأخرين،
– كن متسامحا مع الأراء المختلفة.
– كن حساسا لمشاعر الأخرين.
وازن التحدث مع الاستماع .
فكر قبل أن تتكلم.
وغيرها من الإرشادات التي تهدف من خلالها النويهي النهوض بالمجتمع من الناحية الدينية والاجتماعية والاقتصادية ، حيث أن اتباع هذه الارشادات من شأنه أن يغرس في النفوس المحبة وإزالة الخلافات التي تأتي أغلبها نتيجة سوء فهم للأخر وعدم تقدير الموقف ، كذلك تساعد مهارات العلاقات على النهوض اقتصاديا عن طريق ما يسمى الاقتصاد المعرفي وهو معرفة الشخص الذي يتقدم لأي وظيفة شاغرة ماذا يجب عليه أن يعمل وكيف يفعل ما يريده سوق العمل وهذا ليس بغريب حيث تطلب أي وظيفة شاغرة وجود شخصا متميزا مؤهلا بذكاءه وفطنته بالتعامل مع الأخرين في كل حالاتهم النفسية لذلك كانت ( مهارة العلاقات ) من أهم المهارات الواجب اكتسابها كما ترى النويهي .
ثالثا : القراءة الناقدة
القراءة النقدية هي طريقة أكثر نشاطًا في القراءة ،إنها تفاعل أعمق وأكثر تعقيدًا مع النص، القراءة النقدية هي عملية تحليل وتفسير وأحيانًا تقييم. عندما نقرأ بشكل نقدي ، فإننا نستخدم مهارات التفكير النقدي لدينا لطرح الأسئلة على النص وقراءتنا الخاصة به ، لذلك كانت القراءة النقدية قراءة من شأنها إزالة الغموض والالتباس مع زيادة في الوضوح والفهم ، وقد وضعت النويهي عددا من الطرق المختلفة لتكون القراءة مميزة ونقدية :
الطريقة الأولى : تعتمد على مايقوله النص
الطريقة الثانية : تعتمد على ما يقدمه النص
الطريقة الثالثة : تعتمد على ما يعنيه النص
وهذه الطرق الثلاث تساعد على التفاعل مع النص بطرق مختلفة ، ” فقد تكون القراءة من أجل المعلومات فقط وبذلك تعتبر ما جاء بالنص كواقع ويمكن القراءة من أجل المعنى تتبع الحجج وتزن نتائجها المنطقية والمقدمة ، ويمكن القراءة للنقد فتقيم الافتراضات والانحيازات …وليس شرطا أن تكون القراءة لهجف واحد بمفرده “(١٧)
فالقراءة وفقًا لسهام النويهي هي إحدى مهارات التفكير الناقد . فهي تساعد الطلاب على أن يكونوا قادرين على تحليل وتوليف وتقييم ما يقرأون ، فمن خلال القراءة النقدية يستطيع الطلاب معرفة السبب – والنتيجة أو مقارنة العلاقات في النص ، أو يتبنون موقفًا نقديًا تجاه النص.
بعبارة أخرى ، عندما نقوم بتعليم مهارات القراءة النقدية للطلاب ، فإننا سنطورهم ليكونوا مفكرين نقديين أيضًا لأنهم عندما يتعلمون القراءة النقدية ، فإنها ستؤدي بهم إلى التفكير النقدي ، ولأهمية القراءة تعطينا سهام النويهي عدة طرق للقراءة بشكل تدريجي من شأنه الوصول إلى أن يصبح الطالب لديه القجرة على القراءة بشكل نقدي ، حيث أن القراءة النقدية من شأنها أن تكسبنا التعود على التفكير النقدي.
رابعا : برامج التلفاز
تنبه النويهي القارئ بالمقولة المشهورة ( لا تصدق كل ما تقرأ أو تسمع أوتشاهد” (١٨) وبما أن التلفاز ” يعد من أكثر وسائل الإعلام خطورة من حيث تأثيره على المتلقي “، لذا تختاره سهام النويهي من أحل تكبيق مهارات التطبيق الناقد عليه
وتبأ في هذه المهارة بطرح سؤالا تربويا في غاية الأهمية هل تأثير التلفاز يكون إيجابيا أم سلبيا ؟
وللإجابة على هذا السؤال تعرض النويهي لرأي المؤلف الأمريكي جيري إروين ماندر ( 1936 -) ، الذي اشتهر بكتابه عام 1978 ، أربع حجج للقضاء على التلفزيون. الذي يرى أن التلفاز عائقا أمام العملية التعلمية من خلال الحجج التالية :
١-الجلوس أمام التلفاز فترات طويلة يحرم تنمية الخيال ويبعد عن القراءة .
٢-يغذي التلفاز المشاهد باللغة الدارجة ويعوق المهارات اللغوية .
٣- تؤدي مسابقات التلفاز بأسئلتها لانطباع أن الأمور التافهة هي الأهم بينما التحليلات الدقيقة ليست ضرورية .
٤- يتخذ التلفاز الشكل السردي أو القصصي بينما يحرم الشباب من ممارسة التفكير الناقد .
ترى النويهي أن التليفزيون يتسبب بطبيعته في حدوث ارتباك وقصور من خلال إعلاناته المبعثرة ، وشكله ، وحكاياته الأخلاقية المتناقضة ، وقنواته المتنافسة مع وجهات نظرهم المتنافسة في كل موضوع. كذلك يحدث القصور من خلال مراسلي التليفويون أنفسهم حيث ” يفضلون تغطية القصص المثيرة وإذا اضطروا لتغطية حادثة عادية فإنهم غالبا ما يلحثون عن أكثر الأوجه إثارة” (٢٠)
،بالإضافة إلى ذلك تستعرض النويهي عددا من الانحيازات التي ذكرها مانر في كتابه السابق أبرزها :
-انحياز للحرب عن السلام واللهنف عن الهدوء
– انحياز للتنافس عن التعاون
– انحياز للمادية عن الروحانية ……إلى إلخ. وغيرها من الانحيازات
وعلى طريقة التفكير الناقد تضع النويهي قارئ كتابها أمام نفسه ، وتتساءل إذا كانت اتهامات ماندر للتليفزيون صحيحة فما الذي يمكن القيام به لتصحيح ذلك ؟
هنا تختم النويهي كتابها وتترك للقارئ أن عليه قدح ذهنه للإجابة على هذا السؤال!!!
الخاتمة:
…………
مما سبق يتضح لنا أن سهام النويهي استطاعت في هذا الكتاب تحديد النقاط الرئيسية للتفكير الناقد ، فعلى الرغم من أن المصطلح ذاته يمثل مشكلة نظرًا لانتمائه لسلسلة من التعريفات إلا أنها في كتابها استطاعت أن ترسم معالمه حيث صاغت المفهوم على أنه انتاج ابداعي مبني على مهارات التفكير العليا والاستدلالات التي تساعد على حل المشكلات ، لذلك كان المفكرون الناقدون هم ببساطة مفكرون يتعاملون بشكل أسرع وأكثر فعالية من المفكرين غير الفعالين. حيث لا يوجد سحر فيما يفعله المفكرون الفعالون، بسبب ما يمارسونه من مهارات تفكيرية مثل أي مهارة مكتسبة حيث تساعده مهاراته الفكرية النقدية إلى الوصول إلى قرار “صحيح” ، مع عرض أرائه بصدق ووضوح ، والنظر في وجهات نظر الآخرين ، والسعي ليكون على اطلاع جيد ، وتجنب ترهيب أو إرباك الآخرين. بالإضافة إلى ذلك ، فإن هذا المفكر النقدي لديه القدرة على التركيز على سؤال ما ، والتحليل والحجج ، والحكم على مصداقية المصدر ، وإصدار الأحكام وتقييمها ، وتوضيح وجهة نظره وصقلها ، ودعم وجهات نظرالأخرين بشكل مناسب ، ودمجها مع وجهة النظر وبشكل منطقي ، وبهذا أصبح التفكير الناقد عند سهام النويهي هو التفكير في التفكير ذاته ، فهو التفكير الذي يقيِّم نفسه.
والجدير بالذكر أن سهام النويهي تعد من المفكرين القلائل الذين طرحوا التفكير الناقد وربطوا الخدع البلاغية بمغالطات التفكير ، حيث لم يتطرق لذلك سوى عدد قليل من العلماء المعاصرين ، وأبرزهم جيمس كروس وايت James R.Crosswhit في كتابه The Rhetoric of Reason ) ( وفيه جادل كروس بوجوب تعلم كتابة الحجج المنطقية من أجل إعادة تأسيس الدور التقليدي للبلاغة في التعليم ، وهو الدور الذي تحمله على عاتقها سهام النويهي من أجل النهوض بالعملية التعلمية في مصر لذا تطالب دائما بضرورة تعميم التفكير الناقد والحجج المنطقية والبلاغية الصحيحة .
لذا أكدت النويهي بضرورة تفعيل التفكير النقدي في الحياة الدراسية والعملية ، بتحديد إطار عمليات التفكير النقدي على أسس و أدلة سليمة، من خلال عمليات معرفية موجهة إلى هدف وموجهة نحو غرض ، سواء كان هذا الغرض هو حل مشكلة أو دعم نظرية أو بيان أو إجراء تجربة أو صياغة حجة أو تقديم تفسير أو إجراء نقد أو فهم موضوع بشكل أفضل أو اتخاذ قرار بشأن مسار العمل …إلخ ، فإن المهارات المقدمة تفترض أن التفكير النقدي ليس مجرد فكرة نظرية ؛ بل هو واقع تطبيقي ، فكما نتعلم المنهج العلمي ، يجب علينا أيضًا تعلم عملية التفكير النقدي ، لأنها تعيد الثقة في قدرة العقل التحليلي على المثابرة في التغلب على المشاكل، لرفع القدرة على تحليل المواقف الإشكالية .
من هنا أكدت النويهي أن مهارات التفكير النقدي لها تأثير على التعلم المستقبلي كما أنها ليست مفيدًة للطلاب فحسب ، بل تظهر فائدتها على الحياة اليومية وفي مكان العمل ، بما لها من تأثير على الآخرين في صنع القرار الخاص بهم.
إن التفكير النقدي كما عرضته النويهي هو شريان الحياة في مكان العمل ، ولكل فرد في المجتمع ، ولكي يعيش الإنسان في نجاح لابد له أن يكون قادرًاعلى التفكير بشكل نقدي من أجل اتخاذ قرارات جيدة بشأن شئونه الحياتية سواء الشخصية ، أوالاجتماعية ، والاقتصادية .
من هنا يجب على الدولة والمؤسسات بكافة تشعبها من وضع استراتيجية تهدف إلى زيادة الاستخدام العملي للتفكير الناقد ، عن طريق زيادة الوعي عن التفكير الناقد وكذلك عن طريق حث الناس على التفكير بشكل أكثر نقدًا .
………………
(١) سهام محمود النويهي من مواليد محافظة الغربية تعمل أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بكلية البنات جامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية لها العديد من الكتب والاسهامات في مجال المنطق وفلسفة العلوم كان أبرزها على سبيل المثال لا الحصر: أسس المنطق الرياضى، وتطور المعرفة العلمية، مدخل إلى منطق الجهة، نظرية المنهج العلمى، الزمان بين الفلسفة والعلم، علاوة على المنطق الغائم.
(٢) سهام النويهي : التفكير الناقد ، دار الثقافة الجديدة ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، ٢٠٠٩ ، ص ١١.
(٣) المرجع السابق :ص٥
(٤) المرجع السابق :ص٥
(٥) المرجع السابق :ص٢٠
(٦ ) المرجع السابق : ص٢٥
(٧) المرجع السابق :ص٢٨
(٨) المرجع السابق :ص٢٩
(٩) المرجع السابق : ص ٢٧
(١٠) المرجع السابق : ص ٢٧
(١١) المرجع السابق : ص ٢٨
(١٢) المرجع السابق : ص ٤٩
(١٣) المرجع السابق : ص ٦٦
(١٤) المرجع السابق ص ٥٠
(١٥) المرجع السابق ٧٨
(١٦)المرجع السابق : ص ٩٦
( ١٧)لمرجع السابق : ص١٠١
(١٨)المرجع السابق :ص ١٠٣
(١٩)المرجع السابق : ١٠٤
(٢٠ ) المرجع السابق: ١٠٥