»»
بقلم ✍️ د.خالد محسن
في عالم يموج بالمتغيرات ،وهذه الأحوال المتقلبة ،فمن الحقائق التي لا تقبل الجدل،أن أهل المحروسة هم المنوط بهم فقط دون غيرهم الخروج بتدابير مبدعة للتغلب علي الأزمات التي صنعتها هيمنة العملة “الخضراء” علي مقاليد الاقتصاد في دنيا الناس، والتحكم في الصادر والوارد وفي الغالبية العظمى لحركة التجارة العالمية ،وحتي إشعار آخر!.
وتتزايد وتيرة التطلعات للفكاك الأبدي من هذه السيطرة الممقوته للدولار، أو الخروج التدريجي من قيوده وقوانينه،ونزوع بعض الدول لإحلال العملة المحلية بديلا،والتفكير جليا في الاستغتاء عن الدولار ، وابتكار عملات إقليمية للتبادل التجاري والتخلص من مكبلات العملة الخضراء.
وتبقي الحقيقة أن هذه التوجهات والطموحات ليست بالسهولة التي يصورها البعض بين عشية وضحاها ،فهناك إجراءات وتعهدات واتفاقيات وآليات تنفيذية لها صور متعددة.
كما أن طبيعة العلاقات الدولية المتشابكة تتطلب قدرا من الكياسة والتوازن والمواءمة بين الطموحات والواقع الذي صنعته عقود و سنوات طويلة منذ اتفاق “بريتون” بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،والتي اتفق العالم من خلالها علي أن يكون الدولار هو العملة الدولية الموحدة للتداول،مع إلزام الولايات المتحدة الأمريكية بتوفير غطاء ذهبي للعملة ،ثم استبدالها بنظام تعويم العملات الورقية عام 1973، وهو القائم حتي الآن وتسعي دول العالم إلي تغييره وإحلال أنظمة أخري تتوافق ومصالحها.
وعلي غرار فكرة الودائع الدولارية لاستقدام سيارات المصريين في الخارج والتي حققت ما يقرب من 900 مليون دولار ، ووفاء لحق الوطن وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية ،أتصور أنه آن الأوان لتفعيل فكرة التبرع لدعم الاقتصاد المصري، للخروج من أزمة الدولار وما فرضته المتغيرات الأممية،بصورة مباشرة بالتبرع وزيادة الودائع الدولارية، أوغير مباشرة عبر الإسهام بصورة فعالة في تدشين مشروعات إنتاجية وتعزيز الاستثمار في أرض الوطن أو عقد شراكات فى المشروعات القومية فى مصر، وهو ما يستلزم تقديم امتيازات،و حوافز جذب خاص لتشجيع هذه الطاقات التحفيزية للمصريين،والاستغناء التدريجي عن بعض الاستثمارات الأجنبية، التي تستند لنظرية “الأموال الساخنة”،وتهرب سريعا عند أية عوائق أوتعثرات!.
ومن المؤسف أن قلة من المصريين في داخل مصر وخارجها يتعاملون مع قضية الدولار بمنطق النفعية البحتة ،وربما اكتنزوه حتي يرتفع سعره، أو المضاربة به في السوق السوداء، لكن شرفاء الوطن لهم حسابات أخري تصب لامحالة في صالح أبنائهم وفي تجاوز الوطن لمحنه وأزماته.
الاحصاءات الرسمية تؤكد ،ووفقا لتصريح د.سها الجندي وزيرة الهجرة والمصريين في الخارج ،فإن عدد المصريين يربو عن 12مليون نسمة،وهو رقم ضخم وثروة لا يستهان بها يفوق تعداد عدة دول من الدول الصغيرة.
وبحسابات تبدو في منتهي البساطة، لو افترضنا أن هناك ما يزيد عن 50% من مجموعة طيور الوطن المهاجرة يرغبون في المشاركة للخروج من محنة الدولار، فمن الممكن التبرع أو عمل وديعة بالدولار بما قيمته ألفي دولار ،فإن الحصيلة ستزيد عن 12 مليار دولار سنويا، والتعهد بإتمام التحويل بصورة سنوية لمدة 5 سنوات أو أكثر..
لا ريب أن المحصلة النهائية والمردود الإيجابي،سيكون له تأثير فعال في دعم الاقتصاد الوطني،وجذب المزيد من الاستثمارات، ودعم العملة المحلية وحل إشكالية الدولار ربما للأبد،وربما يغنينا عن قروض صندوق النقد الدولي،أو علي الأقل تقليصها إلي حد الأمان بعيدا عن شروطه وقوانين المكبله !.
اتصور ضرورة عمل مؤتمرات دورية موسعة ، تنظمها وزارة الهجرة والجهات المعنية بالدولة بمشاركة رموز من هؤلاء المصريين طيور الوطن المهاجرة بمختلف دول العالم ،لتدشين فكرة صندوق “الوفاء”، وتنشيط تحويلات المصريين بالخارج ، لتوفير حصيلة من الدولارات تسهم في كبح جماح التضخم وتزايد الاسعار وربما تأجيل أو إلغاء التعويم!!