بقلم
امام مسجد البديع بأكتوبر
في ليلة مقمرة ، جلست بعيداً في مكان هادئ ، حيث الهواء الطلق ، والظلام الدامس ، جلست أفكر في تاريخ مشايخي وأساتذتي وأصحاب الفضل……ورحلة 20 عام تقريباً ، وأخذت الذاكرة تقلب المواقف والذكريات التي مرت مرور الكرام تحولت المشاعر إلى كلمات يصحب حبرها دموع صادقة وأدركت حينها …..أن التربية_ليست_بالأمر الهين !!!!
ينبغي للمربي الفاضل أن يدرك أن المربين هم إرثه الخالد ، وصدقته الجارية، والعلم الذي يورثه ، فيبذل لهم من نفسه ووقته وتفكيره ما يبني في كل واحد منهم بذرة المجد ، والعزة ، والغيرة ، بتمام الحب والذل لله تبارك وتعالى ، وأن يتخذ أسلوب الوجدانيات ، فلا ينسى أحدنا مهما مرت عليه الليالي والأيام حديث فجر ضمد جراح صدورنا من كلمة طيبة رقراقة، أو نظرة حب وود واحترام وتقدير ، أو معروف أيًا كان بذل لأجلنا .. .
فكذلك لن ينسها أحد لك مهما كانت ..
وإنها لمفتاح القلوب بعد إستقامتك على أمر الله تبارك وتعالى، ومسارعتك لتلبية أمره ..
فيلين الله لك القلوب القاسية بتوفيقه لك بالإستقامة، والبصيرة ، والحكمة ، والموعظة الحسنة في الدعوة إليه ..
فلابد من الأسلوب فما أوتي الدين اليوم إلا من حملته الذين تجردوا من المشاعر وخطوا العطاء جمودًا كالكلمات المتقاطعة بلا روح مرهفة حساسة جياشة ، ومشاعر فياضة ، وعاطفة موزونة ، ونفس أبية سماوية متفانية معطاءة تضم كل حروفها بالرحمة وتخشى عليهم من الخسارة يوم القيامة ..
وتغرف حروفها من مشاعر روحها فتصل إليهم بلا عناء ..
فحديث الروح للأرواح يسري وتدركه القلوب والعقول بلا عناء ..
وكم فجرًا في أمتي ولد كان سببه حرف شيخه أو شيخته .. ؟
وأسهل شيء في هذه الحياة الكلمة، وأصعب ما فيها أن تخرجها طيبة نقية لا غبار فيها من دخن الحظوظ الدنيوية، طاهرة من كل سوء ومكر ، متلفحة بالإخلاص وحسن القصد وبريق السيرة العطرة الكامل خيرها، الدائم عطاؤها ؛ سلسبيل النفس ،ومقصد الروح ، وروضة الأنفاس، وقرة العيون ..
ولا خط التاريخ مثلها، ولا نظير لها بمواضع الحكمة .
ولكن يجاهد المرء حتى تمسي سجيّة له يعرف بها في الملأ الأعلى ..
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ..