- الرسالة استهدفت إلقاء الضوء على النظام العقابي الذي أنتجته مجموعة الأعراف البدوية في سيناء ومدي نجاحه في ضبط السلوك الإنساني ولجمه عن ارتكاب الجرائم والخلل بقواعد التعايش بين الأفراد والقبائل
- الأعراف البدوية أضفت حماية خاصة للمرأة وذلك عن طريق إعتبار أي إعتداء علي المرأة هو ظرف في الجريمة يوجب تشديد العقوبة
- لا يوجد خلاف في القانون العرفي المنظم للتقاضي بين جميع القبائل البدويه داخل مصر رغم اتساع البقعه التي يقطنونها في مختلف أرجاء المحروسة
- هناك تماثل واضح بين أركان القانون العرفي في مصر وباقي الدول العربيه وخاصه دول الخليج العربي وكذلك فلسطين
- النظرية العامة للعقوبة في العرف القضائي ببادية سيناء لها مايبرر تحققها من حيث المبادئ العامة التي تحكمها من خلال جوهرها وتعددها والخصائص التي تميزها والضوابط التي تحكم تطبيقها
- تقرير يكتبه : د.خالد محسن >>
حصل المستشار محمد ابراهيم محمد عبدالحافظ رئيس النيابة الإدراية بالقنطرة ،وابن محافظة شمال سيناء علي درجة الماجستير من معهد الدراسات البيئية جامعة العريش 2019 بتقدير إمتياز مع مرتبة الشرف والتوصية بطبع الرسالة وتداولها بالجامعات العربية والأجنبية.
جاءت الرسالة تحت عنوان: (معالجة القضاء العرفي لقضايا الدم دراسة مقارنة بالقانون الوضعي – شمال سيناء نموذجا ).
تشكلت لجنة الإشراف والحكم والمناقشة من الأساتذة:
– د.حمدي علي عمر أستاذ ،ورئيس قسم القانون العام جامعة الزقازيق “رئيسا ومشرفا”
– د.أحمد إبراهيم محمد متولي أستاذ التشريعات الاقتصادية جامعة الزقازيق. “مناقشا وعضوا”
– د. أمل شمس أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس. “مشرفا وعضوا”
– د.مروان مصطفي حسن أستاذ بكلية الاقتصاد المنزلي جامعة العريش “مناقشا وعضوا”.
– د.سليمان عياش اسليم ، مدرس التنمية الريفية بكلية العلوم الزراعية البيئية جامعة العريش ” مناقشا وعضوا”
وتعد الرسالة علمية هي الأولي من نوعها وتمس قضية حيوية من قضايا المجتمع البدوي بشمال سيناء ومختلف أرجاء المحروسة يناقش المستشار محمد إبراهيم محمد عبدالحافظ ابن محافظة شمال سيناء رسالته لنيل الماجستير، بمعهد الدراسات البيئية بجامعة العريش، قسم العلوم الإدارية والقانونية ،وذلك بعد غد السبت الموافق 21 مايو 2022.
أكد المستشار محمد عبدالحافظ أن القضاء العرفي وأحكامه تتمتع بمكانة خاصة لدي معظم القبائل العربية بشمال سيناء وغيرها ،وتستقي قوانينها من الشريعة الإسلامية والعادات والأعراف الاجتماعية الراشدة ،ولا تتعارض غالبية أحكامها مع قوانين العدالة الوضعية،وأشار إلي أن اختيار الموضوع جاء بناء علي توصية من مجلس المعهد والأساتذة المشرفين بضرورة إختيار موضوعات وقضايا تهم المجتمع السيناوي وتعظم تراثه وقيمه وعاداته الأصيله في إطار علمي وعصري .
حضر المناقشة لفيف من القيادات السياسية والاجتماعية وررموزالقبائل والعائلات وعدد كبير من أهالي يسناء واقارب الباحث.
وقد أعرب عدد من رموز العائلات السيناوية والقبائل العربية عن سعادتهم بدور جامعة العريش ومعهد الدراسات البيئية التنويري والتنموي ،كما تقدموا بالتهنئة للمستشار محمد عبد الحافظ أحد أبناء سيناء المتميزين وأحد رموز العمل الاجتماعي والقانوني.
ولأهمية الرسالة تعرض منصة المساء والجمهورية أون لاين ملخصا وعرضا وافيا للدراسة في السطور التالية..
يؤكد الباحث في مقدمة الدراسة علي أهمية القضاء العرفى في فض المنازعات القائمة بين الأفراد في علاقاتهم بعضهم بعضا، أو في معاملاتهم المالية اليومية، كما لا يخفي كذلك أثر القضاء العرفى في إنهاء روح النزاع القائم فحسب بل اللجوء إلى الطريق الودى، أو طريق التسامح الذي بدوره يضع حدا للكثير من الأحقاد والمساوئ نتيجة ذلك النزاع، ويفتح بابا آخر من النزاعات والفوضى التي قد لا تنتهي كالقتل والأخذ بالثأر، وأهمية القضاء العرفى في الحد من النزاع قد تتعدى الأفراد إلى الدول ويظهر ذاك بعمق أثناء الحروب، فبدل أن تستمر الحرب بطائل أو بغيره لتحصد الكثير من الأنفس البشرية، والخسائر المادية، وقد يستغرق ذلك وقتا طويلاً لإعادة بناء ماهدم، فإن القضاء العرفى يفتح بابا لاحتواء هذا الشقاق الكبير فيجنب أرواحاً كثيرة أن تزهق ويحمى الدول من تهديم بنيتها التحتية واقتصادها، فيستغرق ذلك وقتا طويلاً لإعادة البناء. إضافة إلى ما تنفقه الدول المتحاربة من أموال باهظة لبناء ذلك، أو للإنفاق على المشردين والأرامل والأيتام والمعطوبين والمتضررين من ويلات الحرب الشيء الذي يجعل الدولة التي تخوض الحرب في موقف المستدين من دول أخرى كبرى قوية وقد تبسط بسبب ذلك هيمنتها عليها، فلأجل ذلك جاء القضاء العرفى رادعاً ومانعاً من حدوث ذلك(الجمل،2010،ص14).
إن الحياة البشرية تقوم على تعاون أفراد المجتمع، يؤدى فيها كل فرد ما يستطيع من مجهود، وإن النفوس الآدمية تحب الرغبة في التملك وحب الذات والرغبة في الهيمنة والتسلط ، فلو ترك الناس دون وضع نظم صالحة تحدد علاقاتهم ببعضهم، ولم تشرع القوانين فإن الحياة تسودها الفوضى، وقد تنفصم العرى الإنسانية وتتمزق وشائج المودة بتباين الأهواء وتشعب الميول.
فإن الإنسان مهما كان علمه ورجاحة عقله كفرد لن يستطيع الإحاطة بما تتطلبه حاجات الآخرين، كما أن تنظيم العلاقات الإنسانية لابد وأن يخضع إلى نظم لا يعتريها ظلم ولا جور.
وقد جاء الإسلام للعرب وهم في وضع جعلهم يكرهون الحد من شهواتهم والالتزام بالتكاليف الشرعية شيئا فشيئا حفاظا عليهم وعلى كل البشرية.
وقد عرف العرب منذ القدم لحاجتهم وأمنهم وسير مصالحهم، فكان للعدل صرح عظيم أسسوا له قواعد ثبتت في قلوبهم وتمكنت من وجدائهم، وقد حافظ الاسلام منذ بدء الدعوة على يد محمد – صلى الله عليه وسلم ‘ على تثبيت الشرائع التي تحفظ للإنسان دمه وعرضه واحترام وتقدير كل ما يخدم بني البشر.
وإن الشرائع السماوية كفيلة بتطورات متجددات ومرونة معتدلة ومسايرة للأزمنة المختلفة تأخذ بايدي المجتمع البشري إلى مدارج الخير، وترقى به إلى مناهل السعادة، فأصبحت من عادات العرب القضاء والمحافظة على كل ما يهم الإنسانية ، ومن هنا كانت الحاجة الى نشأة القضاء العرفي ليتم من خلاله عملية الضبط الاجتماعي اذ ان ذلك من العوامل التي أدت الى مواجهة الانحراف، وأصبح راسخا في ضمير الأفراد وثقافتهم الموروثة الحفاظ على المجتمع من خلال هذا القضاء العادل ، اذ ان من خلاله يتم الحفاظ على كيان المجتمع بفرض الاطار الذى يحدد حقوق الفرد وواجباته وما هو مسموح له وما هو ممنوع عليه حتى يستطيع كل فرد أن يعرف الحدود ويعيش آمنا عارفا سلفا أن الممنوع عليه جزاء.
وأن إقرار المجتمع لنظام القضاء العرفي وجعله مقترنا بجزاء يحدد الحقوق والواجبات مستهدفاً تحقيق المساواة بحيث لا يكون محاباة لشخص أو طائفة والتوفيق بين مصالح الجميع مع تحقيق توازن في المصالح بين الأفراد يهدف إلى تحقيق الأمن والنظام والمساواة، بل يتجاوز ذلك التقدم بأفراد المجتمع إلى رقى مستمر وأن العدل أساس التقدم( السجينى،2016،ص16).
من المبادئ الرئيسية في الفكر القانونى وجود قانون ينظم حياة الأفراد وعلاقاتهم، إذ لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده، وأن الفرد شأ أم لم يشاء عليه أن يدخل في علاقات مع أفراد المجتمع، وهذه العلاقات ينشأ معها تعاملات ومنازعات وخلافات لا تحسم إلا من خلال النظم القضائية كي لا تترك الأمور في حالة فوضى.
فقد وجد القانون لينظم هذه العلاقات في شتى مجالات الحياة، ومن الطبيعى أن تكون القواعد العامة متفقة مع تقاليد وأعراف وطباع أفراد المجتمع.في المجتمعات البدائية كأن يترك أمر توقيع الجزاء للفرد يأخذ حقه بيدد، ثم تطور الأمر بأن يتم التضامن مع الفرد من خلال القبيلة لأخذ حقهم عنوة. ومع تطور الحياة البشرية أصبحت المجتمعات تضع القواعد العامة التي تنظم سلوك الأفراد المصحوبة بجزاء، وأخذ التشريع مراحل حتى وصل إلى ما هو قائم الآن وأصبح التشريع يتم بواسطه السلطة المختصة طبقاً للإجراءات الخاصة بذلك، ويعتبر التشريع مصدراً للقانون.
ويعتبر العرف الذى هو اعتياد الناس على سلوك معين في حالات معينة وقد كان المصدر الوحيد في الأنظمة القانونية القديمة.
أما في الشرائع الحديثة فالأمر يختلف، فالبعض يجعل الغلبة للعرف على التشريع، مثل الشريعة الإنجليزية، معظمها وليد العرف ، والبعض يعتبر قواعد العرف وقواعد التشريع متعادلة، مثل القانون الألماني، والبعض لآخر — وهو الغالب يعتبر أن التشريع أعلى من العرف ويأتى من الفئة الأخيرة الدولة المصرية وأغلب الدول العربية.
ومن مزايا العرف أنه يتفق والحاجة العملية مستنداً إلى ما جرى إليه الناس في أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، ويتغير ويتطور مع ظروفهم بطريقة تلقائية، وأنه يقوم بسد النقص التشريعي لأن العرف ملم بظروف المجتمع وقواعد تنظيم شئونه.
وإن المصادر الرئيسية للقانون المصري هي التشريع والعرف ومبادى الشريعة الإسلامية ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة، وفي الأحوال الشخصية فإن مبادى الشريعة الإسلامية تسبق العرف في الترتيب.
ونحن بصدد الكتابة عن القضاء العرفى يجدر بنا القول بان العرف أول مصدر للقانون عرفته البشرية، إذ هو الطريقة التي توحى به الفطرة وعنه أنشأت المجتمعات الأولى قواعدها القانونية، فكان في الجماعات القديمة مجموعة عادات اتبعها الأفراد في تتظيم سلوكهم إلى أن رسخ في اعتقادهم أنها ملزمة والخروج عليها يستتبع توقيع الجزاء.
وقد تنشأ بين الفرد وغيره روابط متعددة وعلاقات مختلفة ولا يمكن أن تترك دون تنظيم برغبة فرد أو مشيئته أو لقوى على ضعيف وضرورة إقامة التوازن بين الجميع (السجينى،2016،ص18).
ومن هذا المنطلق نشأ ‘ القضاء العرفي “، ويشترك مع هذه المنطقة الهامة في قوانين الضبط الاجتماعي المتمثله في القضاء العرفي للدول المجاورة، والمحافظات الحدودية في جمهورية مصر العربية، وريف مصر، وكثير من البلاد العربية، لأن المنطقة قبل الحرب العالمية الأولى كانت دون حدود أو حواجز بين هذه الدول، وقد تعارف أهل المناطق عن القضاء العرفي فيما بينهم، وخاصة في المناطق الصحراوية والقبلية منها، حفاظا على الأرواح والأعراض والممتلكات والمعاملات.
وبما أن التراث وذاكرة الشعوب وثقافتها يدلل على أخلاقها الحميدة لأن القضاء العرفي في مجتمعاتنا العربية نموذجاً طيبأ، وهو من العوامل التي أدت إلى الحفاظ على القيم الكريمة فترة الاحتلال الإنجليزي الطويلة، ثم الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان سداً منيعاً بعدم عرض قضايا أهل سيناء على سلطات الاحتلال وحرمانه من الاطلاع على هذه الخلافات.
كما كان لهذا القضاء والقائمين عليه أدوار بطولية تمثلت في حث أبناء مصر بعدم التعامل مع هذا المحتل، بل وكانت بعض الجلسات العرفية ساتراً لأفراد المقاومة والعاملين لصالح الوطن. وحافظ القضاء العرفي برجاله على أبناء سيناء وكانوا سدأ منيعا للحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم وقضائهم وقضاء حوائج أبنائهم وأهلهم في تلك الفترة العصيبة(الجمل،2010 ،ص17).
ولا زال للقضاء العرفي دور هام جدا في الاستقرار؛ وهم مع إدارات الدولة يدأ بيد للاستقرار والأمن والأمان لكل مواطن على أرض سيناء.
يتميز القضاء العرفي بإنهاء النزاع بنظرة اجتماعية وبحث كامل وشامل لأي نزاع وإصدار الأحكام التي تحافظ على المجتمع آخذين في الاعتبار التطور الاقتصادي والدور الهام المطلوب من المجتمع المدنى، حيث يعتبر القضاء العرفي ممثلاً للمجتمع المدني في وأد الخلافات واستقرار المجتمع منذ عشرات السنين.
حيث يتميز بسرعة إنهاء أي نزاع والاستمرار في مجابهة قضايا الثأر والنظرة الشاملة متمشياً مع فكر الدولة لاستقرار المجتمع وتنميته.
ويعتبر القضاء العرفي في سيناء ممثلأ للمجتمع في وأد الخلافات وتحقيق الاستقرار الاجتماعي بالتعاون مع إدارات الدولة، وقضاء حوائج أبناء المجتمع السيناوي والحفاظ علي عاداتهم وتقاليدهم (الغول، 2008) ومن هنا تتضح أهمية القضاء العرفي كأحد الآليات الهامة في الضبط الاجتماعي في المجتمع السيناوي، الأمر الذي يستوجب الحفاظ علي هذا الموروث الطيب الأمر الذى يتطلب التعاون الجاد من إدارة الدولة وهيئات المجتمع المدني والمخلصين لدعم هذا العمل النبيل ليستمر نموذجا للعدالة والحيدة نمن مؤسسات المجتمع التي تسعى دائماً لنشر العدل والحفاظ على الأرواح والممتلكات والأعراض وتشجيع كل من يرغب من أبناء مصر بالمساهمة والتقدم من خلال الصروح العلمية والمشروعات الصناعية والزراعية، ومثالا للضبط لاجتماعي والدعم الاقتصادي لكل أبناء الوطن.
المشكلة البحثية:
ومن المعروف أن لكل مجتمع من المجتمعات وسائله وطرقه الخاصة لتحقيق الضبط الإجتماعي، هذه الوسائل تتميز بالنسبية، فهي تتوقف إلى حد كبير على طبيعة المجتمع ذاته وظروفه الخاصة ومدى بساطته أو تعقده ونوع الثقافة السائدة فيه وما إلى ذلك، فما يعتبر وسيلة ناجحة من وسائل الضبط الإجتماعي في أحد المجتمعات قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر، وبالرغم من تفضيل سكان المجتمعات الحدودية الضبط الإجتماعى غير الرسمي والذي يعد أحد الآليات الرئيسية التي تستخدمها المجتمعات القبلية بمنطقة شمال سيناء ، إلا أن ضبط سلوك الإفرد داخل المجتمع السيناوى والتمسك بقيمهم وعاداتهم والمحافظة على التنظيم الإجتماعي والتصدي لكل من يحاول الخروج على معايير المجتمع أو العمل ضد مشيئة الآخرين لأمراُ حيوي لهؤلاء البدو، الأمرالذي يؤدى إلى حدوث التواؤم والتلازم بين أفرد المجتمع وعدم المساس بالبناء الإجتماعي، بالإضافة إلى دوره الهام في إدارة شئونهم الحياتية وذلك عن طريق اتباع بعض آليات وأساليب الضبط الإجتماعي غير الرسمي كالقضاء العرفي الذي ساعد كثيرا في حل الخلافات والنراعات القبلية،وكما أن القانون الوضعى يعالج القضايا محل الخلاف بين البشر ومن واقع الاحصائيات فإن قضايا الدم يطول الفصل بينها فى المحاكم الجنائية مما يؤثر على تحقيق العدالة الناجزة وتشهد على ذلك ساحات المحاكم المصرية ،ومن هنا ظهرت الثغرة البحثية التى نصيغها فى السؤال التالى :
مالفرق بين معالجة القضاء العرفى لقضايا الدم عن القانون الوضعى؟
ماهى الأسس التى يقوم عليها معالجة القانون والقضاء العرفى لقضايا الدم؟
مما كان له أثر ايجابى على طبيعة العلاقات الإجتماعية بين الأفرد بصفة خاصة والبناء الإجتماعي بصفة عامة وخاصة منطقة شمال سيناء ومن هنا كانت فكر هذه الدرسة التعرف على معالجه القضاء العرفي لقضايا الدم كأحدى آليات ووسائل الضبط الإجتماعي غير الرسمي ومدى مساهمتها في فض النزاعات واتخاذ قرارات حاسمة بين المتنارعين تحقيقا للأمن القومي المصرى أولا وللإستقرار الإجتماعي للقبائل بمنطقة الدرسة ثانيا تحسين سبل العيش للبدو الأمر الذي استدعى القيام بهذه الدرسة.
أهمية البحث:
تتمثل الأهمية هذا البحث فى كونها تعد بمثابة إضافة علمية إلى دراسات علم الإجتماع البدوى المتمثل فى (معالجه القضاء العرفي لقضايا الدم) الذى يعد بمثابة البناء الأساسى والفعال للحفاظ على النظام لإجتماعى لأنه يعمل على تحقيق الإستقرار والتماسك فى المجتمعات خاصة الصحراوية منها،وكما أن أهمية البحث تنطلق من خطة الدولة ٢٠٣٠للوصول للحلول سريعة حول القضايا وتحقيق العدالة الناجزة
وأن القضاء العرفى فى شمال سيناء قد ساهم فى حل المشكلات متجاوز نسبة 75% من القضاياولذلك نجد أن مجتمع شمال سيناء يعد الأقل فى معدل جريمة القتل والضرب والجرح،وكما تأتي أهمية البحث أيضاً من أهمية مكان البحث أي أهمية سيناء التي تحمل بصمات مصر حضارة وثقافة وطابعا ومكانا بالقوة نفسها التي يحملها أي إقليم مصري آخر ومنذ بدأ تاريخ مصر المكتوب والنقوش الهيروغليفية تثبت الوجود المصري على كل حجر في سيناء بل أن تراب سيناء قد أمتزج بالدم المصري المدافع ربما أكثر من أي رقعة أخرى مماثلة من التراب الوطني ولا نبالغ إن قلنا حيث يكون ماء النيل يروي الوادي يكون الدم المصري هو الذي يروي رمال سيناء.
إلى جانب الموقع الجيوستراتيجي لسيناء جعل منها بوابة الأمن القومي المصري من الشرق حيث الأطماع الاستعمارية تتعاظم على هذا الاتجاه، وعلى هذه البوابة يقف الإنسان البدوي مرابطا على هذه الأرض رغما عن كل الجيوش الغازية التي حرثت سيناء شرقا وغربا، هذا الإنسان البدوي هو الذي تمسك وتشبث بالبقاء على أرضه ووطنه ولم يتزلزل ولم يرحل خارج سيناء بل عاش وتعايش مع كل الظروف التي أحاطت به”.
وأوضح الباحث أن “هذا العيش وذاك التعايش لم يكن صدفة بل هو ناتجا عن قواعد وأعراف وتقاليد ساعدته على الصمود وعلى البقاء ووفرت له الحماية وحفظت له الحقوق وهنا مكمن أهمية دراسة هذه الأعراف والبوح بأسرارها والبحث في أغوارها.
. انطلاقًا من أهمية القضاء العرفى في فض النزاعات، وما فيه من إطفاء نار الفتنة، والإصلاح بين الناس، وإحقاق الحق، وإعطاء كل ذي حقٍّ حقه حسَب الاستطاعة، بأقل التكاليف، وفي أقصر مدة ممكنة، مع إزالة الأحقاد والأضغان، وإصلاح ذات البَيْن: قد رأيتُ أن يكون ذلك القضاء موضوعًا لدراستي المتواضعة؛ وكان لزامًا عليَّ أن أركز على هذا النوع المهم من القضاء؛ حيث إن الآثار التي تترتب عليه شديدة الخطورة، واتفاق الأطراف عليه؛ يعني: أنهم تنازلوا عن التزام التحاكم للقانون.
أ-الأهمية النظرية:
تتمثل الأهمية النظرية للدراسة الراهنة فى :
1- تتمثل الأهمية النظرية لهذه الدرسة في كونها تعد بمثابة إضافة علمية إلى درسات علم الإجتماع البدوي في مجال الضبط الاجتماعي غير الرسمي الذي يعد بمثابة البناء الأساسي والفعال للحفاظ علي النظام الإجتماعي لأنه يعمل علي تحقيق الإستقرار والتماسك في المجتمعات خاصة الصحراوية منها، بالإضافة الي الوقوف على بعض آليات وأساليب الضبط الإجتماعى غير الرسمى التي ترتكز على التفاعلات والوسائل الإجتماعية المختلفة التي تقنع البدو بمنطقه الدرسة بإلتزم قيم المجتمع وقوانينه وحيث يأمل الباحث بأن تكون هذه الدرسة مرشدا علميا للعاملين في مجال التنمية الإجتماعية والبشرية، كونها تعد من الدراسات التي تهتم بالمجتمعات الحدودية، والتي تمثل إحدى المشاكل التي تحتاج إلي تضافر كثير من البحوث لدراستها وفهمها والتعرف علي أبعادها المختلفة،وبصرف النظر عن مدي صحة هذه الإتهامات المتبادلة، فإن الوضع الإجتماعى والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي تعيشة هذه الجماعات الحدودية يتصل بخصوصيتها عن المألوف في المجتمع القومي مما يقتضي ضروة دراستها دراسة متعمقة للتعرف علي طبيعة البناء الإجتماعي الذي تؤلفه هذه الجماعات فالأنساق والنظم الإجتماعية التي تؤلف البناء الإجتماعي لذلك المجتمع ونوعية الحياة التي يحيونها وأنماط القيم التي تحكم سلوكهم وعلاقتهم ببعض من ناحية وبالمجتمع القومي من الناحية الأخر، بل وبالمجتمع الآخر الذي يعيش علي الجانب المقابل من الحدود الدولية بالإضافة الى أن للقضاء العرفى أهمية في حفظ النظام الإجتماعي، إذ أنه عن طريق القضاء العرفى يمكن التحكم في أنواع الصراع، كما يمكن علاج الإنحرافات الإجتماعية وإعادة الإستقرار والتوازن إلي مكونات البناء الإجتماعي لنضمن سلامة الأداء الوظيفي في مؤسساته ومنظماته وهيئاته علاوة علي أنه الأساس لحل كافة مشكلات المجتمع خاصة المشكلات المتعلقة بالنزعات.
ب-الأهمية التطبيقية:
تأمل الدرسة كذلك في تحقيق أهمية تطبيقية من خلال ما تسفر عنها من نتائج خاصة بمعالجه القضاء العرفي لقضايا الدم ، حيث يمكن الإسترشاد بها بما تتضمنه من مفاهيم ومتغيرإت وفروض إحصائية وما قد يسفر عنها من توصيات تطبيقية تفتح أفاق جديدة لإجرء مزيد من الدرسات المشابهة في مناطق أخر سواء كانت لتغطية أوجه القصور في هذه الدرسة أو لإستجلاء نواحي أخر لم تتطرق إليها الدرسة بهدف الحد من النزعات القبلية ، بالإضافة إلى أن النتائج التي سيتم التوصل إليها في هذه الدرسة ستوضح مدى الإستفادة من القضاء العرفى فى تحقيق الأمان الإجتماعي للأفرإد بمنطقة الدرسة، كما تساعد الدرسة على رسم صور متكاملة للإستفادة من القضاء العرفى الرسمي في المناطق الصحروية المشابهة لمنطقة الدرسة وما يمكن أن يقوم به القضاء العرفى مستقبلا.
أهم أهداف البحث ومنهجه:
ايماناً من الدولة المصرية بالقضاء العرفى فى المساعدة فى انهاء العديد من المشكلات ودوره فى تحقيق الأمن القومى المصرى أولاً وللإستقرار الإجتماعى للقبائل بشمال سيناء،لذا استهدف هذا البحث بصفة رئيسية دراسة معالجه القضاء العرفي لقضايا الدم بمحافظة شمال سيناء .
وكما استهدف البحث أيضا إلى إلقاء الضوء على النظام العقابي الذي أنتجته مجموعة الأعراف البدوية في سيناء ومدي نجاحه في ضبط السلوك الإنساني ولجمه عن ارتكاب الجرائم والخلل بقواعد التعايش بين الأفراد والقبائل .
واعتمدت منهجية البحث علي المنهج الوصفي بطريقته الاستقرائية التحليلية القائم على ملاحظات الباحث ومعرفته بالشأن القبلي في منطقة البحث وعلى المقابلات التي أجراها مع عدد من شيوخ القبائل وقضاة القضاء العرفي البدوي في شبه جزيرة سيناء.
وقسم الباحث دراسته الى مقدمة و ستة فصول وخاتمة شملت أهم النتائج والتوصيات على النحو التالي :
الفصل الأول تناولت فيه مدخل لدراسة مجتمع شمال سيناءحيث تناول ملامح البناء الإجتماعى فى محافظة شمال سيناء، طبيعية العلاقات الإجتماعية فى محافظة شمال سيناء.
الفصل الثانى تناول شرح الضبط الإجتماعي داخل محافظة شمال سيناءكما تناولت القضاء العرفى كوسيلة من وسائل ضبط اجتماعى غير رسمى .
الفصل الثالث تناول عرض الأثار المترتبة على جريمة القتل فى القضاء العرفى والتى تخالف القانون الوضعى حيث تناولت أنواع الجرائم فى القضاء العرفى والتى تخالف القانون الوضعى ،كما تناولت العقوبات والأثار المترتبة على جريمة القتل فى القضاء العرفى والتى تخالف القانون الوضعى .
الفصل الرابع تحدث عن الإجراءات القضائية أمام القضاء العرفى حيث تناولت الإجراءات التقاضى والمواعيد والإجراءات و الحج قضائية وألية تنفيذ حكم القضاء العرفى .
الفصل الخامس تناول عرض أدلة الإثبات فى القضاء العرفى .
الفصل السادس تناول عرض تطبيقات لأهم قضايا الدم فى سيناءمن خلال تصنيف القضايا عند البدو و تطبيقات قضائية لاهم قضايا الدم فى المجتمع السيناوى وراعيت إجراء المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الجنائي.
الخاتمة والنتائج
جائت نتائج وتوصيات علي النحو التالي :
– الثأر يمثل نظام عدالة قاسي، خاصة حين يتم إستهداف الأفراد الغير متسببين بالأفعال الموجبة للثأر، ومايزيد من قسوة هذا النظام تطبيقه في الوقت الحالي بعد أن فقد الكثير من مبرراته وتغير نشاط الكثير من أفراد القبيلة وأصبحوا يمارسون أعمالا ومهاما لا علاقة لها بالقتال ( أطباء – مهندسون – محامون – معلمون – موظفون .. إلخ )، وبقاء نظام الثأر بشكله الحالي في العرف البدوي هو نوع من الإنحراف عن المقاصد الأصلية كفكرة الثأر وهي الإنتقام للحد من جرائم القتل.
– أن النظرية العامة للعقوبة في العرف القضائي ببادية سيناء لها مايبرر تحققها من حيث المبادئ العامة التي تحكمها من خلال جوهرها وضماناتها والخصائص التي تميزها وتنوعها وتعددها والضوابط التي تحكم تطبيقها، فضلا عن شموليتها وإنقضائها ولا يقدح في ذلك عدم إعتدادها بمبدأ “شخصية العقوبة ” إذ أن عدم أخذها بهذا المبدأ أساسه حدود المسئولية والتي هي في هذا النظام مسئولية جماعية عن الجرائم وعن تنفيذ العقوبات لأن ظروف المجتمع البدوي ومقتضي أحواله يحتم توسيع دائرة المسئولية مقابل الحفاظ علي توازن المجتمع وتحقيق العدالة.
– مع التطور الإقتصادي والإجتماعي الذي طرأ علي المجتمع البدوي في سيناء فقد فقدت الكثير من العقوبات أهميتها، والغرض منها، ولم يعد إستبدال العقوبات بالتعويضات المالية كافيا للردع الخاص والعام بسبب زيادة دخول الأفراد والعشائر الأمر الذي يجعل من ألم الغرامات المالية – مهما كانت باهظة – لا يعادل الألم الذي نتج عن الجريمة.
– أن القانون التشريعي يحدد طرفي القضية الجنائية في حق المجتمع والذي تمثله النيابة العامة والطرف الثاني هو الجاني، أما المجني عليه فهو ليس طرفا مباشرا في الدعوي الجنائية بينما في القضاء العرفي البدوي يعتبر الجاني والمجني عليه هما الطرفان في الدعوي الجنائية أما حق المجتمع البدوي فيتجلي في دوره البارز في تسوية هذا النزاع بين الطرفين، ولهذا فإن القانون يترك باب النزاع مفتوحا بين أطرافه بينما العرف البدوي يغلق ملف القضية بين طرفيها مباشرة ولا يغير من معادلة إهمال القانون للطرف المجني عليه الإدعاء بأن هذا الطرف له حرية الإدعاء بالحق المدني إذ لا يخفي علي أي مشتغل بالقانون أن الإدعاء بالحق المدني لا يعادل في قوته الإدعاء في الدعوي الجنائية.
– إذا كان من الثابت أن العرف هو أسبق في تواجده من القانون التشريعي فإننا نستطيع أن نجزم أن العرف القضائي في سيناء هو أسبق في وجوده وتطبيقه من قانون العقوبات المصري فالعرف في سيناء تواجد منذ تواجد الإنسان علي هذه الأرض والمراجع والمصادر التاريخية تؤكد ذلك بينما قانون العقوبات المصري الحالي لم يبصر النور إلا في عام 1937م وظلت قبائل سيناء – عمليا – خارج نطاق تطبيق نصوصه حتي عام 1982م تاريخ رحيل المحتل الإسرائيلي عن سيناء.
– لا يوجد خلاف في القانون العرفي المنظم للتقاضي بين جميع القبائل البدويه داخل مصر رغم اتساع البقعه التي يسكن عليها في جميع انحاء مصر من شمال مصر وقبائل جنوب مصر وشرقها وغربها
– يوجد تماثل واضح بين أركان القانون العرفي في مصر وباقي الدول العربيه وخاصه دول الخليج العربي وكذلك فلسطين.
– الصبغه القبليه هي الغالبه علي سكان المجتمع البدوي وخاصه سكان شمال سيناء ولهم العديد من العادات والتقاليد المنظمه أي أن ذلك المجتمع له قانون يتعايشون به ،وهذا القانون واجب النفاذ علي الجميع الكبير قبل الصغير.
– يوجد اتفاق واضح بين الشريعه الاسلاميه وهي المصدر الرئيسي للتشريع وبين القضاء العرفي إلا في بعض الأمور البسيطه ،والتي لا توثر في اجراءات التقاضي.
– يوجد بعض التشابهات وكذلك بعض الاختلافات بين القانون العرفي والقانون الوضعي اذا يلجا القانون الوضعي في بعض القضايا للسجن وهو غير موجود في القانون العرفي وكذلك الرحيل في القانون العرفي غير موجود في القانون الوضعي وهكذا.
– تختلف اجراءات التقاضي في القانون العرفي عنها في القانون الوضعي فمثلا يوجد في القانون العرفي فتره تسمي فوره الدم وتقدر بثلاثه ايام لا يجوز فيها معاقبه اهل الدم عما يرتكبوه من افعال وهي لاتوجد في القانون الوضعي.
– أن الأعراف البدوية قد أضفت حماية خاصة للمرأة وذلك عن طريق إعتبار أي إعتداء علي المرأة هو ظرف في الجريمة يوجب تشديد العقوبة وهذه الحماية الخاصة للمرأة لا تعد في نظرنا نوع من أنواع التفرقة المبنية علي نوع الجنس البشري بل هي حماية تهدف الي حماية المرأة كونها أساس الأسرة البدوية والمدرسة الأولي التي ينشأ فيها البدوي ويتعلم القيم والمثل العليا التي يحرص البدوي علي التمسك بها إضافة الي دورها الهام والمؤثر في الحياة الإقتصادية للأسرة البدوية.