✍ تقرير يكتبه: د.خالد محسن
سقطت المغرب سريعا كأولي ضحايا التغيرات المناخية ،بعد موجة جفاف شديدة بسبب ندرة الأمطار وتغير وتباين أحزمة المطر التي تعتمد عليه بصفة أساسية كأحد أهم مصادر المياه العذبة.
وقد اعلن الديوان الملكي مؤخرا أن المغرب سينفق مايزيد عن مليار دولار لتخفيف آثار الجفاف المتصاعد ،ومكافحة أسوأ موجة جفاف في 30 عاما من خلال خطة وطنية لتخفيف آثار الجفاف على المزارعين والاقتصاد.
وأضاف الديوان الملكي في بيان أن الخطة تستهدف إدارة المياء ومساعدة المزارعين والتأمين الزراعي وتمويل عمليات تزويد السوق بالقمح وعلف الماشية.
وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع عقده ملك المغرب محمد السادس، الأربعاء، مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي.
الخبراء يؤكدون أن المغرب يواجه أسوأ موسم جفاف وينذر بكارثة لها تداعيات خطيرة ،علاوة علي الإرتفاع القياسي لدرجة الحرارة.. وتساءل البعض..لماذا
لماذا نزرع مليار شجرة، في الوقت الذي سجلت الدولة عجزا بنسبة 64 بالمئة في سقوط الأمطار حتى الآن هذا العام.
وبحسب بيان الديوان الملكي، يرتكز هذا البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية: الأول حماية الرصيد الحيواني والنباتي، وتدبير ندرة المياه. والثاني يستهدف التأمين الفلاحي.
أما الثالث فيهتم بتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي، وترشيد إستخدام المياه العذبة.
وحول هذه الظاهرة وموجة الجفاف العارمة بالمغرب يعلق د.عباس شراقي الخبير الجيولوجي الدولي وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة قائلا:
المغرب هي إحدى دول الصحراء الكبرى الافريقية شديدة الجفاف ولكن نظرا لموقعها الجغرافى الممتد على مسافة 3,500 كم على المحيط الأطلنطى والبحر المتوسط، والجبال المغربية فى مناطق الريف وجبال أطلس التى يتراوح متوسط ارتفاعها من 1000 إلى 2000 متر فوق سطح البحر إدى إلى انخفاض درجة الحرارة نسبيا مع زيادة كمية الأمطار التى تبلغ حوالى 346 مم/سنة مكونة إجمالى 29 مليار متر مكعب بين مياه سطحية وأخرى جوفية متجددة.
والظروف الطبيعية فى المغرب جعلتها أكثر الدول فى شمال أفريقيا حصولاً على مياه أمطار ، رغم ذلك فان المغرب من الدول التى تعانى الفقر المائى حيث يصل نصيب الفرد أقل من 800 متر مكعب سنويا، وهى أقل من المعدل العالمى 1000 متر مكعب/سنة للفرد.
وأوضح أن المغرب تعاني من فترات جفاف متكررة على مدى العقدين الماضيين، فبدلاً من جفاف واحد كل 10 سنوات في بداية القرن العشرين، أصبحت 5 أو 6 أحداث كل 10 سنوات في بداية القرن الحالى.
وقد ازداد الجفاف فى المغرب خلال السنوات السبع الأخيرة حيث تأخر الأمطار وانخفاض كميتها، إلا أن هذا العام يشهد مزيداً من ندرة الأمطار التى يعتمد عليها 85% من الزراعة المغربية (زراعة مطرية) مما يزيد من الاعتماد على المياه الجوفية، و15% زراعة مروية لحوالى 1.5 مليون فدان تستهلك 85% من الموارد المائية المغربية المتجددة.
كما أشار إلي أن ترشيد الاستهلاك وإعادة استخدام المياه بعد معالجتها، والتعاون مع الدول الأفريقية خاصة دول غرب أفريقيا المطيرة فى الزراعة أصبح ضرورة للتغلب على الفقر المائى فى المغرب.
يذكر أن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) قد دعت قبل عدة سنوات إلى ضرورة اعتماد مقاربة استباقية لإدارة الجفاف بالمغرب.
وأكدت في تقرير مشترك مع معهد “دواتري” العلمي للمياه من أجل الغذاء في جامعة نبراسكا، أن المغرب رغم تحقيقه لتقدم كبير في مجال إدارة فترات الجفاف، مازال يواجه عدة تحديات في تطوير متابعة أكثر نجاعة لظاهرة الجفاف، مشددة على ضرورة تعزيز التنسيق على أعلى المستويات الحكومية عند التخطيط لموجات الجفاف.
وعرف المغرب ظاهرة الجفاف منذ زمنٍ قديم، وأصبحت تتزايد عاماً بعد عام حتى انتشرت بشكل واسع في بداية الثمانينات، كما كشفت التقارير أن المغرب عانت خلال القرن العشرين من أكثر من عشر فترات جفاف رئيسية، تمثلت في تراجع المواد المائية السطحية واضمحلال مياه العيون والآبار، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي والحيواني والغطاء النباتي.
وكان من أبرزها وأشدّها حالة الجفاف التي حدثت عام 1935م، لدرجة أنها لم تنزل قطرة ماء واحدة في هذه الفترة، وشهدت حالة مزرية من الجوع والأوبئة الفتّاكة التي أودت بحياة الآلاف من البشر والحيوانات.