✍️ بقلم: د. السامحي عبدالله
(إمام وخطيب مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة)
ممَّا لا ريب فيه أن الدعوة إلى الله شرفٌ وعز؛ سخر الله لها قومًا؛ واصطفاهم من بين الخلائق، وألقى على عاتقهم هذا التشريف؛ قبل أنْ يكون تكليفًا، فالدعوةُ إلى الله لها رجال، فليس كلُّ عابدٍ عالـمًـا، وليس كلُّ مُتصدِّرٍ للدعوة مقبولًا!
وإيمانًا مني برسالة الإمام في حياتنا، واعتزازًا برسالتي التي سخرني الله لها، وأعزني وشرفني بها، واحترامًا وتقديرًا لكلِّ هؤلاء السادة؛ الذين يعملون في مجال الدعوة –راجين نُصْرَة الدين- لأجل كل هذا كتبتُ تلك الأُرْجُوزة، والتي هي بعنوان: (الإمام الحق)، والتي يتبين من خلالها حال الداعية، أو ما ينبغي أن يكون عليه، كي يكونَ بتلاوته مُؤثِرًا، وبكلمتِه مُغيِّرا، فَطُوبَى لهؤلاء الأفاضل؛ الذين تَرَبَّوا على الطاعةِ واجْتَهَدوا، ونهَلوا من العلومِ وتَزوَّدوا، ولِلْوَرَى أضاءوا الطريقَ وأرشدوا، فيا سعدَ من كان منهم! ويا بُشرى من بهم اقتدى!!
وقبل أن أسوق إليكم قصيدتي أودُّ أنْ أُشيرَ إلى صفةٍ، ما أعظمَها من صفة!! ألا وهي الإخلاص، بها ينال الداعيةُ القبول، وبها يُرزقُ المحبة، وببركتها تميلُ إليه القلوب وتلينُ، وللعلامة ابن القيم كلامٌ في هذا الشأن؛ تُوزنُ كلُّ كلمة فيه بميزان الذهب، قال –رحمه الله-: ” وقد جرَت عادة الله التي لا تُبدَّل؛ وسُنَّته التي لا تحوَّل أن يُلبِس المخلصَ من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق؛ وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسَب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه، ويُلبِس المرائيَ اللابس ثوبَيِ الزور من المقت والمهانة والبغضة ما هو اللائق به؛ فالمخلص له المهابة والمحبة، وللآخر المقتُ والبغضاء “(إعلام الموقعين).
وإليكم فيما يلي قصيدتي:
الْإِمَامُ الْحَقُّ
سَلِ الثُّرَيَّا فِي السَّمَا تَرْوِي لَنَا
*** عَنِ الْإِمَامِ عَالِمًا وَفَاضِلا
وَعَى الْقُرَانَ وَالتُّرَاثَ ضَمَّهُ
*** ثُمَّ ارْتَوَى مِنَ الْعُلُومِ نَاهِلا
قَرَا نَمَا ارْتَقَى سَعَى رَامَ الْعُلا
*** فَلا لَهَا وَلا سَهَا وَلا قَلَى
هَذَا الْإِمَامُ عَلَى بَصِيرَةٍ دَعَا
*** تَقَدَّمَ الْوَرَى وَمِنْ ثَمَّ اعْتَلا
مِنْبَرْ رَّسُولِنَا كَفَى بِهِ الشَّرَفْ
*** فَأَنْصَتَ الْجَمُّ الْغَفِيرُ تَبَجُّلا
أَلْغَى الْأَنَا فَمَا دَرَى مَعْنًى لَهَا
*** كَانَ الْجَزَا مِنَ السَّمَا حُبُّ الْمَلا
فَاهَ الْفَتَى نِعْمَ الْأَدَا تَأَسِّيًا
*** لَا فُضَّ فُوكَ بِالرَّسُولِ مَاثِلا
خِطَابُهُ مَا بَيْنَ آيٍ تُقْرَأُ
*** وَقَوْلُهُ مِنْهُ الشَّذَا تَنَقَّلا
مُفَوَّهٌ حَــوَى الْكَـلامَ كَأَنَّهُ
*** أَجَـاءَهُ طَوْعًا فَمَالَ مُقْبِلا
هّذَا الْفَتَى مِنْ جَسْرَةٍ ظَنَنْتُهُ
*** فِي غَزْوَةٍ بِسَيْفِهِ مُقَاتِلا
يَا رَبِّ شَدِّدْ بِالْكِرَامِ أَزْرَهُ
*** فَرُبَّمَا أَمْرٌ بِــهِ تَعَدَّلا
وَارْفَعْ لِدِينٍ رَايَةً لا تُخْفَقُ
*** وَالْحَمْدُ دَوْمًا آخِـرًا وَأَوَّلا
وختامًا؛ أسأل الله –تعالى- أن يجعلني وإياكم ممن تعَلَّمُوا فعَمِلُوا وأخلصوا لله في علمهم وعملهم، فَمَنَّ اللهُ عليهم بالقبول، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.