»» …………………
لا يختلف المنصفون حتي من أهل الغرب ونخبة وفلاسفته أن تجديد الفكر الإسلامي،هو منهج قرآني، أرست مرتكزاته السنة النبوية المطهرة وكافة تعاليم ديننا الإسلام الحنيف.
ومن الاعتقادات الخاطئة لدي بعض التنويريين ودعاة فكر الحداثة أن الفكر الإسلامي لا يقبل التغيير والتحديث،ويتسم بالجمود والرجعية والثبات عند محطات الماضي، وما تزال المحاولات مستمرة للنيل من عراقة حضارتنا العربية والإسلامية وتحجيم دورها الثقافي ورسالتها التنويرية وتهميش الفكر والعقل العربي !.
في تقديري أن هناك خلطا متعمدا ومغرضا في فهم المصطلحات،ومن ضرورات العصر
تحصين الفكر الإسلامي الراشد ضد محاولات هذا العدوان الفكري الآثم،وهذا التجني العبثي..
فالبناء الفكري والمادي وإعمار الأرض وتحسين جودة الحياة وترسيخ ثقافة الاستدامة وغرس روح الأمل ونبذ روح القنوط واليأس ،حتي قيام الساعة نهج إسلامي راشد ،تفرد به وتفوق علي كافة الفلسفات المادية البحتة!.
كما أن التواصل الإنساني والتعارف ونشر قيم الخير والحق والعدل والسماحة واحترام أدبيات وعقيدة الآخر ،من أهم ركائز القيم الإسلامية الإيجابية لبناء حياة أفضل وغد أكثر سعادة ورخاء.
إن تجديد الفكر الاسلامي منهح قرآني للنهوض الحضاري
والتغيير للافضل لا ينكره إلا من ينكر ضوء الشمس من رمد اوطعم الماء من سقم !.
الفكر الاسلامي يستقي روحه وأدبياته من منهج قرآني أصيل ومنابع ربانية ووصايا نبوية تدعونا للتدبر والتفكر والتغيير المستمر للأفضل ، وهو قابل للتحديث والتجديد في سياق النهوض ومواكبة روح العصر وأنماط متطلباته.
ولا أعتقد انه يتنافي مع حفظ المنابع، أو أن هناك خلافا جوهريا بين المفكرين والفلاسفة حول مفهوم تجديد الخطاب والفكر الديني ، بالتمسك بجوهره وتعزيز أهدافه الوسطية المعتدلة ومبتغياته العليا وتنقيته من الغث والشاذ والمتشدد ، علاوة علي إخضاع بعض القضايا الخلافية للعقل والاجتهاد والقياس ومراعاة المتطلبات العصرية ، دون أي مساس بالأدلة النصية والنقلية الصريحة قاطعة الثبوت والدلالة.
أتصور أنه من الحكمة تطوير أساليب الخطاب الديني والدعوة، وتفنيد الأفكار الشاذة وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتأويل النصوص القرآنية وفقا للحال والمآل وفتح خطوط تواصل مع الآخر في إطار توافق وتكامل، لا صدام وخصام.
ولا يعني بأي حال نسف التراث والإرث الفكري الحضاري الثري ،وحصاد فكر المجتهدين من كبار العلماء الثقات والتابعين والمحدثين.
ويجب أن نفهم عند الحديث عن التجديد أن بعض المغرضين يحاولون توسعة هوة الخلاف بين العلماء والمفكرين والفلاسفة المعاصرين لحاجة في نفس يعقوب.. وآخرون يطرحون فكرا مستوردا في غلاف تنويري أقرب للفكر التغريبي العلماني ،لا يبرح أن يشكك في الإرث التراثي الذي صنعه وأرسي دعاماته وأركانه جهود علماء أجلاء عبر عشرات القرون.
لقد دعا العلماء المجددون لإحياء علوم الدين،وتنقية التراث من الشوائب، وكل ما مدسوس ودخيل ،وفقا لعلوم الجرح والتعديل،ومراجعات أصول الفقه، باعتبارها علوم منهجية منطقية استهدفت تقديم آليات وضوابط، تمكن الفقيه من الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص صريح والاستنباط الصحيح للأحكام.
وقد أرسي علماء الأمة الثقات خطوطا واضحة لمسارات التجديد والتحديث الراشد،بعيدا عن فكرة النسف والقبروالاستخفاف بهذا التراث العريق.
وأتصور أن للأزهر دور أساسي في تفنيد الأباطيل ووضع النقاط علي الحروف ومناقشة اختلاف وجهات النظر حول المفهوم العميق والدقيق والشامل لتجديد الفكر، وتطوير علوم الدين لما يواكب روح العصر الحديث.
وحين يتحدث العلماء الاجلاء بالعقلانية والمنطق والحكمة، فلابد أن ينصت الجميع ويتواري المغرضون.
وسيظل الازهر منارة عريقة ،ورمانة الميزان ،ونبراسا قويما للعلم والعلماء.
نعم لتجديد الفكر والخطاب الديني بعقلانية ورقي وحكمة ،حفاظا علي الإرث الغالي المكنون.. بعيدا عن أي ظلال سياسية ، أو صراعات أيديولوجة أو تحريف المغالين وأماني التغريبيين ودعاة التنوير الظلامي .
ولله الأمر من قبل ومن بعد.