أشاد الخبير الدولي الدكتور عباس شراقي وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة باستراتيجية وجهود الدولة المصرية الضخمة لمواجهة آثار وتداعيات ملء وتخزين سد النهضة، من خلال تدشين عدد من المشروعات كتدبيش الترع والمصارف ومحطات معالجة مياه الصرف ومحطات التحلية،وتعميم مشروع الري المقنن بالتنقيط ،وتطوير سلالات وأصناف جديدة من الأرز المقاوم للجفاف وغيرها.
كما ثمن دعوة مصر للتوصل لاتفاق عادل وملزم يرضي جميع الأطراف ،وعدم التفريط في حصتها التاريخية من المياه.

وقال في تصريحات لمنصة “المساء والجمهورية أون لاين” أن هناك جملة من الأضرار المتوقعة لها أبعاد مائية وبيئية واجتماعية واقتصادية.
وتابع د.عباس : بدأت اثيوبيا يوم الاثنين الماضي الموافق 11 يوليو 2022 فى التخزين الثالث، وهو خطوة هندسية لا إرادية بعد إقامة الانشاءات الهندسية من زيادة ارتفاع الأجناب والممر الأوسط حتى مستوى يقترب من 590 متر فوق سطح البحر، ولا تستطيع الحكومة الاثيوبية إيقافه سوى استمرار فتح بوابتى التصريف (50 – 6– مليون م3/يوم) أو غلقهما، ولن تكون لهما قيمة الشهر القادم مع زيادة المتوسط اليومى إلى 600 مليون م3/يوم.
وأوضح أن هناك أضرار طبيعية ومتوقعة للتخزين الثالث متعددة وهناك فرق بين وجود أضرار تعمل الدولة على عدم وصولها إلى المواطن، وعدم وجود أضرار على الاطلاق، حيث قامت الدولة بالعمل على ترشيد الاستهلاك، وانفاق عشرات المليارات من الجنيهات على مشروعات تطوير الرى والزراعة، وإعادة استخدام المياه، وتبطين الترع وغيرها حتى تحافظ على احتياطى مائى جيد فى السد العالى يضمن الحد المائى الآمن للمواطنين.
كما أشار إلي أضرار التخزين المائى فى اثيوبيا لها صور عديدة ،أهمها الأضرار المائية والاقتصادية، ، والاجتماعية، والبيئية، والتي ستتأثر بها الدول الثلاث، وفى حالة التوافق والتنسيق في مواعيد الملء والتشغيل ،يمكن تحمل بعض هذه الأضرار بصدر رحب.
وعن الأضرار المائية والاقتصادية: قال د.شراقي: أى كمية مياه تخزن فى سد النهضة قليلة أو كبيرة، هذا العام أو الأعوام القادمة هى مياه مصرية-سودانية، وهى الخسارة الأولى المباشرة، والتى لو استغلت فى الزراعة لجاءت بعائد اقتصادى قدره مليار دولار لكل مليار متر مكعب، بالاضافة إلى تحديد مساحة الأرز في مصر بحوالى 1.1 مليون فدان، والتكاليف الباهظة بعشرات المليارات من الجنيهات فى إنشاء محطات معالجة المياه لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، وتبطين الترع، وتطوير الرى الحقلى، والتوسع فى الصوب الزراعية وغيرها.

وبالنسبة للسودان ، هناك ارتباك متوقع فى تشغيل السدود، ومستقبلاً قلة الانتاجية الزراعية نتيجة حجز الطمى فى سد النهضة، وارتفاع منسوب المياه الجوفية، وزيادة التكلفة الانتاجية للمحاصيل الزراعية للتوسع فى استخدام الأسمدة.
وعن الأضرار المتوقعة بالنسبة لأثيوبيا يتوقع د.عباس شراقي غرق مزيد من الأراضى الزراعية وبعض المناطق التعدينية، وعدم القدرة على إتمام الربط وتوزيع الكهرباء عن طريق مصر لآسيا وأوروبا نتيجة التوتر وعدم الاتفاق.
وهناك أضرار لها أبعاد سياسية تخص الجانب الإثيوبي بعد إصرار أديس أبابا علي التعنت وفرض سياسة الأمر الواقع باتخاذ قرارات إحادية وخرقها للمرة الرابعة للاتفاقيات الموقعة بين مصر واثيوبيا (اتفاقيات 1891، 1902، 1906، 1925، 1993) والأعراف الدولية، واعلان مبادئ سد النهضة 2015، وتوصيات القمم المصغرة للاتحاد الأفريقى، وأخيراً الاعلان الرئاسى لمجلس الأمن سبتمبر 2021، بعد التخزين الأول (1-21 يوليو 2020) والثانى (4-18 يوليو 2021) وتشغيل التوربين رقم 10 فى 20 فبراير 2022، وقد تستمر بنفس الأسلوب عند إنشاء سدود أخرى !.
وأشار خبير الموارد المائية إلي أن هناك أضرار اجتماعية،متوقعة من بينها تهجير مزيد من سكان بنى شنقول، بعضهم سوف يتجهون إلى السودان الذى يعانى مثل كثير من الدول من ظروف اقتصادية صعبة خاصة بعد ثورة ديسمبر 2018، واختلاف نمط حياة بعض المزارعين السودانيين الذى تعودوا على الزراعة الفيضية البسيطة غير المكلفة من فيضان النيل الأزرق على الجانبين فى الأراضى المنخفضة والمنبسطة بمساحات كبيرة، وتبقى هذه الأراضي مغمورة بالمياه فتتشبع بالرطوبة اللازمة لإنتاج المحاصيل الزراعية، ولمزيد من المياه يتم غلق مداخلها لتبقى بالمنخفضات أطول فترة ممكنة لزيادة تشبع التربة، وقد تصل مساحة هذه الأراضى حول النيل الأزرق فى السودان إلى حوالى مليون فدان، فيها يتم ترسيب الطمي وغسل التربة سنوياً بمياه الفيضان مما يجعلها على درجة عالية من الخصوبة، وسوف يحتاج المزارعين مستقبلا إلى حفر ترع للرى وإنشاء شبكات رى مكلفة، والتأقلم اجتماعيا واقتصاديا مع الظروف الجديدة.
وتابع : كما أن تعدد التخزين أو التشغيل دون اتفاق يؤدى إلى العديد من الأضرار البيئية من بينها :
• زيادة الفاقد من البخر مع اتساع سطح البحيرة، وكذلك والتسرب فى الصخور المحيطة لخزان السد من خلال التشققات والفراغات.
• زيادة الحمل الناتج من وزن السدين الرئيسى والمكمل (اجمالى 75 مليون طن) والمياه والطمى على الأرض المتشققة، مما يزيد من استعدادها لحدوث الزلازل بجانب نشاط الأخدود الأفريقى العظيم الذى يعتبر أكبر فالق على يابس الكرة الأرضية، ويشكل أنشط المناطق الزلزالية والبركانية فى أفريقيا.
• تحلل الأشجار الغارقة فى مياه البحيرة وتأثيرها على نوعية المياه.
• احداث تغير فى التنوع البيولوجى للمنطقة.
• غرق بعض المناطق التعدينية وانتقال بعض العناصر الثقيلة مثل الرصاص والنحاس واليورانيوم والمنجنيز فى المياه.
• تغير محلى فى المناخ لاقليم بنى شنقول من حيث درجة الحرارة والأمطار.











