»»
بدأت مسيرتها الأدبية كشاعره ،ولها ثلاث قصص قصيرة مع مبدعين بكتاب“خليط الأنامل 2”
تقرير ✍️ د.خالد محسن
تحت عنوان” ربع انف ونصف أذن ” صدرت مؤخرا المجموعة القصصيه الجديدة للأديبة للكاتبة دعاء زيان عن دار غراب للنشر والتوزيع لتنسج بحروفها المنمقة وأسلوبها الشيق، قصصا وحكايات تجمع ما بين الرمزية والاقتراب من الواقع ،مع مساحات من الخيال وفق طبيعة الشخوص،وتخوض بجرأة في قضايا مجتمعية شائكة لتنسج سطورا ورسائل من السرد الروائي البديع.
وعن المجموعة يقول الأديب احمد عمران : قصص هذه المجموعة إجتماعية ممزوجة ببعض قصص الخيال،اعتمدت الكاتبة فى سردها على اظهار بعض مشاكل المجتمع من بدايتها فى قصة “خبز جاف”، وما بها من فقر وجشع واستغلال ،مرورا بما يحدث فى قضية التبنى الغير مشروعإلى بعض الأحداث
التى مرت بالمجتمع ،واثرت فيه مثل مرض كوفيد القاتل إلى آخر أحداث هذه المجموعة.
وقد أظهرت الكاتبة مهارتها وقدرتها الفائقة فى سرد سلبيات المجتمع ،صوصا ماتعانيه المرأة مما يحيط بها من مشاكل أسرية سواء قهر أو ضعف أوطلاق
كما انها لم تنس تجسيد صور الرومانسية فى بعض هذه القصص كما انها أشارت فى بعض المواقف عن الغنى والفقر وأثر ذلك عند البعض..
وأضاف أن الكاتبة لها أسلوب خاص ومميز فى الحكى الشيق الذى يشد انتباه القارئ كما أن تعدد الموضوعات والأحداث المختلفة فى هذه المجموعه زادها جمالاورفعه.
🍂
* الأديبة دعاء زيان في سطور
ـ من مواليد عام ١٩٨٢م، بمحافظة دمياط.
السيرة الذاتية
_ معلمة لغة إنجليزية.
ـ تخرجت من كلية التربية جامعة المنصورة عام ٢٠٠٣م .
ـ أول مؤلفاتها نوفيلا “داخل الهاوية”.
ـ لها مشاركة واحدة بثلاث قصص قصيرة في كتاب مجمع مع العديد من المبدعين بعنوان “خليط الأنامل ٢”.
ـ بدأت مسيرتها كشاعرة قبل أن تتحول لقاصة .
– تنوعت كتاباتها ومقالاتها في العديد من المجالات الأدبية.
ـ نشرت بعض قصائدها في عدد من الصحف المصرية،ولها مشاركات واسعة في عدد من الجرائد الإلكترونية ، داخل مصر وخارجها.
ومن قصتها ” فردة حذاء ، ضمن المجموعة ننشر هذه السطور..
*فردة حذاء*
الحرارة المرتفعة تلفح الوجوه في شهر أغسطس حتي بعد فرار شمس النهار، وعودتها لمستقرها ، لهيبها لا ينطفيء، يتحول إلى رطوبة، الوخم والضجر كانا حليفي الحاضرين في ذلك المكان، المشهد كان مريعا ومثيرا للسخرية، قطارا بائس يتأخر يوميا ما يقارب النصف ساعة ،عندما يصل لا تجد به منفذا إلا لعبور الهواء.
“منصور “، كان أشدهم ضجرا، رجل سمين ، لا يتحمل ذلك الجو والزحام ،خيوط العرق علي خديه تتجمع لتصنع نهيرا صغيرا، ينحدر نحو عنقه ،أمسك بمنديله القطني الذي ما زال يقتنيه ،مسح القطرات الغزيزة بحدة ،كاد يمزق جلده الملتهب ثم دسه في جيبه، وهو ينهج.
جاء القطار يتهادى كحسناء فارعة الطول ، الأدمغة تخرج من النوافذ ،الأجساد تتدلي من الأبواب، اندس بين الحشود فلم يجد مقدار شبر ،فأجسام البشر تخفي الفراغات ،حاول حشر نفسه، بصعوبة دلف للداخل ،لكن فردة حذائه اليمني سقطت ، لا يعلم هل بداخل العربة أم خارجها ؟ صرخ مستنجدا:
– سقطت فردة حذائي.
استطرد فزعا : أريد المساعدة .
تجاهله من سمعه، أما الباقي، “فكل يغني على ليلاه”.
انطلق القطار بسرعة جنونية، محدثا ضجة ودوارا للركاب ، الأجساد تترنح ، تلتصق ببعضها البعض ، ما تبقي من زجاج النوافذ يهتز ، يحدث صوتا شنيعا تكز له الأسنان.
رائحة العرق النفاذة تخترق الأنوف ،في تلك الأثناء حاول أن يقتنص نظرات خاطفة لزرقة السماء، ونجومها المضيئة، عسي أن تخفف عنه ضنك الرحلة طويلة الأمد ، لكنه لم يفلح .
حجب الرؤية استدارة بطن سيدة في منتصف العمر، تستند علي ، ولا يوجد من يرحمها ، ويدعها تجلس بدلا منه.
زاد عناء الطريق مع وجود فردين ملاصقين له، رجل وسيدة، أنفاسهما تتقاطع مع بعضهما البعض ، محدثة نشازا عجيبا ، رائحة فم الرجل تدل علي تدخين شَره للنارجيلة ، أسنانه شديدة الاصفرار ،يحيط بها الجير ، يخرج مع كل نفس من أنفاسه رائحة تبعث في النفس الغثيان، أما السيدة فبطنها يصدر قرقرة، كأنها لم تتناول الطعام منذ قرن من الزمن.
فاتته محطة النزول ، فهو مجبر علي التكملة لآخر محطة ، بحثا عن حذائه المفقود.
بعد مضي دقائق مضت كسنوات ضوئية توقف القطار ،في أخر محطة نزل جميع الركاب باستثناء منصور، أنكب علي وجهه يبحث أسفل المقاعد ، سقطت محتويات حقيبته السوداء المصنوعة من الجلد الصناعي ، لملم ما سقط في ما يقارب الخمس عشرة دقيقة ،فجأة سمع صوت نسائي يقول بنعومة:
ـ من فضلك!
رفع نظره ، فوجد فتاة بيضاء رشيقة ،تنظر إليه بخجل.. ” لها بقية”.
🍂