علي ضفة جدول صغير بجانب هذا الجبل اعيش هنا أعيش أيام حياتي منفردة لا أنيس لي ولا جليس غير حبات مطر عابرة وعيون قمر دامعة، لا زوج لي فأنا وحيدة في هذه الحياة القاسية فقد هجرت هذا العالم إلي هذا الجدول الصغير الذي يؤنس وحدتى ويستقبل بين ضلوعه دموعي الحارقة بين ضلوعه ،العزلة هي المرفأ الوحيد الذي تلجأ اليه سفينة الحياة حين تتقاذفها الأمواج،وهي الواحة الخضراء التي يلجأ إليها المسافر بعد كلل السفر،اجد في ظلها الظليل راحتي ،صديقتي هي تلك الصخرة التي اضع بين ضلوعها ما تفرق من أمري وتبعثر من قوتي،في وسط ذلك السكون والهدوء أحدث قلبي الجريح ماذا جنيت كي تبقي هكذا دماؤك تنسج خيوط الألم علي كل شئ حولي أيها القمر أما آن الأوان كي أستريح.
لملمت همومي وفررت من ضوضاء الحياة وضلالها وحيرتها وقنعت منها بذلك الكوخ الصغير والجدول الصغير اقضي جميع أوقاتي بين الأشجار اليافعة والطيور الملونة وهدير الماء وصقيع الشتاء .
أري في هذا الجدول الصغير مرأت العالم الذي فارقته ،والأمي التي يعالجها دون أن يشعر أني شقية وحيدة أتألم فأشعر بما يشعر به ذلك الذي نجا من سفينة موشكة علي الغرق إلي صخرة عالية في وسط البحر فأشرف منها علي بقايا تلك السفينة المحطمة مبعثرة علي سطح الماء فشعر بلذة الحياة .
لقد اصبحت بعد أن فارقت الناس أحنو عليهم وأضمر لهم العطف واتمني لهم النجاة أنا الآن نجوت من ضوضاء الحياة وأرحت نفسي من مناظر تلك المتهافتين علي المطامع والشهوات اصبح النور ساطعا والجمال خالصا غير مشوه أناجي الله وحدي دون شريك
هكذا اقضي أيام عمري في تلك الجنة الصغيرة علي ضفة النهر الصغير ،السماء فوقي تتلألأ والأرض تتغني بثوبها الأخضر، والطيور كألات موسيقية مختلفة النغمات والألحان تسمعني مالم أسمعه في حياتي
وحين أوي إلي الصخرة العالية التي اعتدت أن أجلس عليها رأيت رؤس النخل كأنها غابة ممتدة بين السماء والأرض والقي نظرة إلي الأرض الخصبة التي كساها اللون الأخضر أري صنوف اشجارها وازهارها
واجلس احيانا إلي شاطئ البحيرة واري الطيور وهي تنتقل من شجرة إلي شجرة ومن غصن إلي غصن وقد احتضنت أولادها في أحضانها فأصبحت حياتي بالعزلة عن الناس كجزيرة صالحة أيها الحلم البعيد اما آن الأوان كي نلتقي عذرا أيتها الحياة التي اعيش خيالها أكثر من واقعها.