في محاولة علمية رصينة، وبرؤية جرئية للإجابة عن تساؤلات شائكة شغلت بال الفلاسفة والمفكرين قديما وحديثا أجري الدكتور صلاح عثمان أستاذ المنطق وفلسفة العلم، رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنوفية دراسة علمية جديدة تحت عنوان ” فلسفة ضد الفلسفة” حول معنى الحياة وإخفاقات المشروع الفلسفي!
يطرح د.عثمان في دراستة التحليلية رؤيتة حول حصاد وجدوي المشروع الفلسفية
كما يطرح عددا من التساؤلات المهمه، أي نوعٍ من الحياة هذا الذي يسوقه إلينا الفكر الفلسفي؟ هل هو النوع الأفضل كما أعلن «سقراط» قبل أكثر من ألفي عام تقريبًا؟ وهل الحياة الفلسفية يمكن أن تكون حقًا حياةً ذات معنى حقيقي؟ وبأي معنى يُمكن أن نفهم عبارة «معنى الحياة» ذاتها؟.
ويؤكد أن الإجابة التي تحملها هذه الدراسة قد تكون صادمة للمشتغلين بالبحث الفلسفي، أو لأولئك الذين يعتقدون أن الفلسفة يمكن أن تُقدم لنا أية إجابات نهائية وقاطعة حول تساؤلاتنا عن معنى الحياة، لاسيما وأن هذه الإجابة تصدر عن متخصصٍ في الفلسفة، ودارسٍ لها ومشتغلٍ بها لما يقرب من أربعين عامًا.
ومؤدى هذه الإجابة باختصار أن ثمة إخفاقات متتالية للمشروع الفلسفي في إضفاء معنى على الحياة يتسم بالثبات والشمولية، حتى بالنسبة لأولئك الذين مارسوا التفكير والبحث الفلسفي كتخصص وما زالوا يُمارسونه!
كما يشير د.عثمان أن التساؤلات المطروحة أعلاه تندرج في إطار ما يمكن أن نُسميه «ما وراء الفلسفة» أو «الفلسفة الشارحة للفلسفة» Metaphilosophy، وهو مصطلح صكه سنة 1940 الفيلسوف الأمريكي – البولندي المولد – «موريس لازرويتز» Morris Lazerowitz (1907 – 1987)، واستخدمه كعنوان لكتابٍ له نُشر سنة 1964، وكان يعني به الدراسة الفلسفية للفلسفة، على غرار الدراسة الرياضية للرياضيات (ما وراء الرياضيات Meta-Mathematics)، أو الدراسة اللغوية للغة (اللغة الشارحة للغة Meta-Language)، ما يعني طرح تساؤلات من قبيل: ما الفلسفة؟ وما الهدف منها؟ وأي نوعٍ من المعرفة يُمكن أن تُقدمه لنا؟ وكيف يجب أن نفهم الخلاف الفلسفي؟ وهل يجب أن تجعلنا الفلسفة أفضل مما نحن عليه؟ وهل ثمة ما يُمكن أن نسميه استشارة فلسفية أو علاجًا بالفلسفة؟ وهل يُمكننا أن نتحدث عن نهاية الفلسفة حين تُخفق في تقديم الدعم الإدراكي الكافي لمواجهة مشكلاتنا؟ … إلخ.
هذا ما يناقشه المقال المرفق، وهو لا يُمثل دعوة لمناهضة الفلسفة أو الرفض الشامل لها كما قد يوحي عنوانه، لأن أي موقف كهذا لن يكون في النهاية سوى موقف فلسفي، ينطلق من الفلسفة ويعود إليها، إنما هو دعوة لأن نُحدد بدقة ما الذي نعنيه بالفلسفة، وما الذي نريده منها في ضوء تاريخها الذي لا يخلو من إخفاقات مؤكدة؟!
ويخلص د.صلاح عثمان في دراسته إلي أنه، أيًا كانت محاولات التسويق الآن للفلسفة كإرشادات حياتية أو مساعدات ذاتية على شاكلة نصائح الحمية أو الكبسولات العلاجية، علينا أن نُدرك ونعترف صراحةً وبوضوح أن حياة المنطق لا تؤدي بالضرورة إلى حياةٍ منطقية، وأن الفلسفة مجالٌ معرفي يموج بالغموض وتحفه المخاطر من كل جانب … الفلسفة ليست حساء دجاج يُمكن وصفه للغافلين والحمقى والمُعذبين لكي يمنحهم الطاقة، أو يُغذي فيهم الروح والعقل!
ويري أن الفلاسفة لا يُدركون عمومًا إخفاقات الفلسفة، أو بالأحرى إخفاقاتهم الضرورية في مهماتهم البطولية للإمساك ببنيةٍ ذات مغزى للحياة، ولأنهم هم الذين يكتبون تاريخ الفلسفة، فإن هذا التاريخ يبدو دومًا كتاريخ لإنجازاتها، وما تلك الإنجازات؟
تلك هي المشكلة التي تناقشها نزعتا «ضد الفلسفة» و«ما وراء الفلسفة»؛ أن نُحدد: ما الفلسفة؟ وما الذي نريده منها؟ وأن نعيد قراءة تاريخها في ضوء التعقيد وعدم اليقين الذي يميز عصرنا لنعرف كيف ولماذا أخفقت أو أصابت في مسيرتها؟
إن الفلسفة تبدأ حيث تنتهي، وتنتهي حيث تبدأ، وبالتالي لن يتوقف فعل التفلسف الحقيقي، على الأقل لدى كل ذي عقل.
الدراسة نشرت مؤخرا في مقال موسع بمجلة حكمة
* الدراسة كاملا علي الرابط. https://hekmah.org/%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9/