هل باتت اسرائيل على اعتاب حرب اهلية. سؤال بات يتردد بقوة فى ضوء المظاهرات التى تشهدها المدن الاسرائيلية ويشارك فى الواحدة منها عشرات الالوف.
يقود المظاهرات مايعرف باليسار الاسرائيلى احتجاجا على خطة حكومة بنيامين نتانياهو الجديدة للسيطرة على القضاء تحت مسمى الاصلاح القضائى حيث يجعل الحكومة هى صاحبة الحق فى تعيين القضاة. وهى فى الحقيقة اجراءات معقدة يمكن ارجاعها ببساطة الى رغبة نتانياهو فى السيطرة على القضاء فى وقت يواجه فيه مع عدد من وزرائه اتهامات بالفساد
يعتمد السؤال على تحذيرات وردت فى الاعلام الاسرائيلى نفسه من مخاطراندلاع حرب اهلية بسبب الازمة. تكررت هذه التحذيرات فى وسائل الاعلام الاسرائيلية. كما اظهر استطلاع للراى اجراه “معهد الديمقراطية “الاسرائيلى ان ثلث الاسرائيليين يخشون من تصاعد الازمة لتصل الى حرب اهلية. وفى تطور اخر تم القبض على ضابط فى الجيش الاسرائيلى بتهمة التامر لقتل نتانياهو. وكان ابرز التطورات فى الايام الاخيرة امتناع عدد من مقاتلى الاحتياط عن حضور التدريبات احتجاجا على التعديلات المقترحة . وأخيرا وليس اخرا ما حدث عندما حاول متظاهرون منع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من السفر الى الخارج.
وحذر الرئيس الاسرائيلى اسحاق هيرتزوج ووزير الجيش السابق بينى جانتس من ان اسرائيل باتت على ابواب حرب اهلية.
يختلف اليهود حول كل شئ حتى وجود اله. فهناك يهود كفرة وملحدون يعتبرون اليهودية انتماء عرقيا وقوميا وليست دينا. واكثر قادة اسرائيل ينتمون الى هذا النوع. بعضهم فقط يجاهر بعقيدته مثل جولدا مائير ولايجاهر بها البعض الاخر مثل الرئيس الاسرائيلى اسحق هيرتزوج.
وكان يمكن لهذه الاختلافات ان تكون نقطة ضعف فى اسرائيل لولا حالة الحرب التى تعيشها مما يحفظ لها تماسكها. ولو توقفت الحرب سوف تتفجر هذه التناقضات وتعبر عن نفسها فى صراعات دامية.
ولان اسرائيل تدرس التاريخ للاستفادة من دروسه فقد وجدت ان مملكة اسرائيل القديمة انقسمت على نفسها وحارب اليهود بعضهم بعضا عندما توقفت عن الحرب وتمكن منهم الرومان.
وقد يقال ان استمرار اسرائيل فى حالة اللاسلم واللاحرب يسبب لها بعض الخسائر. لكنها فى الحقيقة خسائر اقل كثيرا مما يمكن ان يحدث لو انقلب يهودها على بعضهم البعض.
ويمكن اعتبار الاعتداءات الوحشية المستمرة على الشعب الفلسطينى التى كان اخرها – ولن يكون الاخير – الاعتداء الوحشى على جنين الذى استشهد فيه ستة فلسطينيين وسيلة من الحكومة لتجميع اليهود حولها وصرف الانظار عن انحرافاتها.
وقبل ايام عقد فى الناصرة مؤتمر لعدد من المثقفين الفلسطينيين فى اراضى 48 وقرروا فى نهايته عدم التدخل فى الازمة لانها تدور حول ديمقراطية يستفيد منها اليهود فقط. كما ان القضاء الاسرائيلى مجرد اداة من ادوات العدوان ولم يكن يوما ما منصفا للفلسطينيين بل يشرعن جرائم اسرائيل ضدهم.
ان وقود الحرب الاهلية فى اسرائيل كما يقول الحقوقى الفلسطينى جواد بولس لن يكون مجرد خلافات نبالغ نحن العرب فى تصويرها حتى يعتقد البعض خطأ انهم فى طريقهم للانقضاض على بعضهم البعض.