حوار – عبدالرحمن أبوزكير
جمال اليمنى .. شاعر جنوبي متميز .. متيم بحب الوطن .. لايهوي الظهور ولاتجده في المنتديات الثقافية .. أقرب في الكتابه لنفسه .. أعطاه حقه الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي عندما التقاه بالصدفة.
“المساء” التقت الشاعر الجنوبي ” جمال اليمني ” ابن مركز قوص بمحافظة قنا .. وكان هذا اللقاء الذي يعد أول حوار صحفي في حياته عن إبداعه الشعري .
– متى بدأت تنظم الكلمات ؟ ولماذا لم تتواجد على الساحة الثقافية ؟
الكلام ده من بدري خالص .. قول يمكن من أربعين سنة .. كانت البدايات عندما التقيت القامة الشعرية الكبيرة شيخ شعراء الصعيد المرحوم الحاج هلالي رحمة الله عليه .. رحت اسأله ازاي اتعلم بحور الشعر .. ورغم مكانته الرفيعه في عالم الشعر استقبلني في منزله وقال لي بالحرف الواحد “الشعر اتكتب قبل ظهور بحور الشعر.. وانا عايزك تضبط كلامك على لسانك وودانك وبعدين تتعلم البحور علشان متقعش في المحظور”
وأهملت الموضوع أيام وسنين .. ورجعت اكتب لنفسي تاني فقط .. كنت خجولا جدا واستحالة أقول قصيدة قدام أي شخص.. ومرة كنت أعمل بجريدة “صوت قنا” مع الاستاذ الراحل إبراهيم حفني رائد الصحافة الإقليمية عليه رحمات الله ورضوانه .. والتقيت الشاعر الكبير عبدالستار سليم رائد فن الواو، وسمع مني “يابلدي مهما قالو الناس عليكي .. ف السما دايما ايديكي عاليه .. زي النجم عالي غاليه .. زي المجد غالي” وبعض الكلمات الأخرى.. وأعجب بكلماتي وطلب مني تسجيلها لأنني أخبرته بأنني لا احتفظ بها كتابة وإنما احفظها فى دماغي، فوعدني بكاسيت صغير هديه أسجل عليه كلماتي..وقالي: انتاجك ده مش ليك .. ده لابنائك بعدين .. وبعد ذلك أهملت الموضوع تاني سنوات طويلة لاهتمامي بالعمل كمراسل صحفي بصحف إقليمية ويومية وأسبوعية، وكانت الفترة دي بنعمل مع الاستاذ مصطفى بكرى صحيفتي الأحرار والأسبوع.
– متى تعرفت على الخال الأبنودي ؟
– قبل وفاة الخال عبدالرحمن الأبنودي- عليه رحمه الله- بفترة ليست كبيرة .. وأول مره التقي معه وجها لوجه كنت بصحبه المرحوم عمنا ابراهيم حفني وعدد كبير ممن يعملون بجريده “صوت قنا” .. والمعروف عني انني خجول جدا .. ولكن هذه المرة لم أعرف كيف خرجت من شرنقتي وتوجهت إليه قائلا له: ” المرحوم أبويا والمرحومة أمي لما كانوا يسمعوك يا خال ينادوني .. وأسيب الأكل واسمعلك” .. الخال الأبنودى رد وقلي حلو ياواد.. قلت ممكن ياخال تسمعني؟ .. قال كده مش حلو ياواد .. قلت اسمعني لوجه الله .. قال محدش ياد يقول في زمن فيه عبدالرحمن .. قلت معلش، يا خال أنا مش شاعر .. بس بأكتب لنفسي .. قال حقاش يموت عبدالرحمن .. قلت ياخال بعد عمر طويل .. اسمعني .. صدعتك.. قال حتحفر قبرك بدفرك .. قلت بدفري برجلي بس اسمعني .. قالي قول ياد .. وأول مرة أقول وكان قدام مين.. الخال !!! .. وكان معروف عنه مالهوش في المجاملات .. رحت اخدت نفسي وقلت ياخال طالما قلت “ياد” حقول كلمات بعنوان “ياد” رحت قمت قايل:
ياد من حقك عاد
تبرم شنباتك
بين الرجاله
منتاش برياله
منتاش قواد
ياد
مافي ولاده
زي أمك عاد
ولدت خياله
كانولها الزاد
والضاد .. الشر انهد
جواهم مد
للسنبك واد
ياد
هكسس بكسس
خيك أحمس
شرع سيفه
خلي الديبه
ولدت خنفس
خلي الواقف
صار رقاد
ياد
تسلم مصر
صحرا وواد
وتسلم انت
أشهر فهد
وأمهر واد
ياد
وبعد ذلك .. نظرت للخال الأبنودي .. وجدته خد نفس واتعدل .. وقال ياد فيه تاني .. قلت فيه … فقلت:
ميهمنيش
غير اني أعيش
حر ومفيش
ميهمنيش
شمس الأصيل
تقدر تعيش
انشالله ملح
انشالله ريش
لكن تموت
تحت التابوت
لو فجر
قال متزفونيش
ميهمنيش
غير اني اشوف
فوق الكفوف
عدل وميزان
الشمس فيه مبتنطفيش
ميهمنيش
فقال الخال:- ياد فيه تاني .. قلت فيه تاني .. رحت قايل:
الحب صبينا
عمدانه بأيدينا
وأركانه غزينا
لبلابه وحنينه
حبينا ورضينا
الفرحة نبدرها
حبايه في قنايا
ضلتها تكفينا
لا عبلة
لا عنتر
القلب
فيه أكتر
لو قالها
تتمختر
الدنيا في ايدينا
فقال الخال : قوم ياد اكتبهم وهاتهملي ياواد ياواد .. فكتبتهم بالقلم الرصاص بسرعة .. قلي ياد علي الكمبيوتر .. وقال يابواليمني .. و يا إبراهيم ياحفني .. وكان المرحوم إبراهيم -عليه وعلى الخال الرحمات- كان عمنا إبراهيم رائد من رواد الصحافة الإقليمية.. قاله الخال: انت والصحفيين اللى معاك اكتب على لسان الأبنودي ان اليمني موهوب وأحلى واحد استخدم لفظ “ياد” في العامية المصرية.. وبعد شهر بالصدفة شافني الخال من بعيد وعلى بعد أكتر من عشر أمتار وراح منادي على: يابو اليمني .. العرق نزل مني .. لسه فاكرني ياخال .. قلي والله اللى كتبتهملي لسه بيزنوا جوه دماغي .. وكانت بداية صداقتي مع الخال رحمة الله عليه .. وبعديها حصلت على رقم التليفون وأجريت أكتر من اتصال واسمعته كلمات “جيناله جيناله” والتى تقول:
جيناله جيناله
وأحلى ماف دنيانا
رحلتنا لمولانا
إلى عرفات الله
وقلوبنا سابقانا
.. إلى ان وصلت إلى مقطع:-
تتساوى هنا
رؤؤس
لاريس
ولا مرؤوس
وال اتقبل
حجه
يارسماله
فطلب مني -رحمه الله- أن أرسلها له .. ولكنني قصرت ولم أرسلها.. وفي إحدى المرات طلب مني (غلة الجلبان) وهو من النباتات التي يأكلها الإنسان ويأكلها أيضا الحيوان .. وقلي ياجمال الجلبان لما يكون جنبه طبق المش والجبنه والطماطم يبقى حاجه تانيه .. وبدري ياجمال ماكلتهوش .. وبالمر أزرعلي منه شويه في بيت الإسماعيلية.. وقعدت أدور على الغله لحد ملقيتها في مركز نقاده .. وكان الخال – عليه رحمة الله – في زياره لقنا واتصلت عليه وتقابلنا في فندق بالأقصر وأعطيت له غلة الجلبان فشكرني … وطلب لي بعد إلحاح -الكابتشينو – فرحمة الله عليه واسكنه الله فسيح جناته.
– ماهي أجمل الكلمات التى كتبها الشاعر جمال اليمني ؟
– فيه كتير .. منها “ياد” .. و “مصر بتحب السلام” .. و “مصر دولة” .. ونشرت معظم قصائدي فى بوابة “الجمهورية أونلاين” التى تحتضن المبدعين كعادة مؤسسة دار التحرير بإصداراتها المتميزة والمتألقة فى عالم الصحافة الورقية والرقمية.
– هل لك ديوان شعري ؟
– مهمل جدا .. حتى ان السيد سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافى السابق، طلب مني قبل ذلك إرسال ديوان ليقوم بطباعته على نفقة وزارة الثقافة .. لكنني أهملت ذلك٠
– هل لك تجارب مع مطربين؟
– مرة التقيت مع شاعر عراقي كبير كان بصحبه الاستاذ مصطفى الطهطاوي رئيس صفحة بجريدة الأسبوع .. وأخبرني الشاعر أن كاظم الساهر يغني كلماته واستمع مني لبعض القصائد .. قلي انت شاعر رصين .. خفف من كلماتك لأن الاغاني تحب البساطه .. وبالفعل كتبت كلمات لمطرب عراقي كان موجود مع الاستاذ مصطفى الطهطاوي واخدها معاه وتاني يوم تقابلنا وعرفني على الاستاذ “نصير شمه” أشهر عازف عود عربي .. قاله جميلة .. بس سيبهالي لما أعيش معاها واتمخمخ.. ولم نلتقي بعد كده.