بيني وبينك ذهبت إلى أسوان متضررًا.. علقة ياعم فى قطر النوم الفظيع.. أول مرة أروح أسوان بالقطر..تقشف بقى والذى منه.. وربما بسبب ذلك كنت عصبيا بعض الشئ.. يعنى خبطت فى حوالى عشرين تلاتين واحد شايفين نفسهم، لكنها عدت على خير، وكان لازم تعدى” إن الله يدافع عن الذين آمنوا”، لكنى أموت وأعرف ليه الراجل إللى ماسك معبد أبو سمبل بيكره الصحافة والصحفيين؟
ذهبنا لحضور بروفة احتفالية قصور الثقافة بتعامد الشمس على تمثال الأستاذ رمسيس الثانى.. إللى ماسك المعبد سمح بالدخول لكل مخاليق ربنا ،وعند الصحفين شخط ونطر وقال لايمكن دخول الصحفيين..وكاد يضربهم.. مش عارف مضايقينه فى إيه.. أو ربماتكون تعليمات سيد الوزير ،أمين الآثار أو ماشابه ذلك.
المهم أن الصحفيين دخلوا ، كل بطريقته، وأنا سألنى حارس الآثار: أنت مين؟ كان ناقص يقول لى انت مين ياض، ولأنه حارس ذكى وتم اختياره بعناية فائقة، وأكيد إللى اختبره سيد الوزير،أمين الآثار ذات نفسه، فقدقلت له ” أنا طالب” فقال خش بس خليك مع زملاتك، دخلت وقلت أكثر الله من أمثالك وأمثال رؤسائك.
سبب الذهاب إلى أسوان كان حضور مهرجان أسوان الدولى للثقافة والفنون، ذهبت لأنها كانت الدعوة الأولى من الهيئة ربما من سبع سنين، قلت لابأس نعيد الود القديم،وبغض النظر عن عودته من عدمها، وبغض النظر كذلك عن مشقة الرحلة وغلاسة بتوع الآثار، فقد استمتعت بالمهرجان الذى شاركت فيه العديد من فرق الفنون الشعبية العربية والأجنبية والمصرية، فرق من المكسيك واليونان وزيمبابوى،والسودان وفلسطين، وبنجلاديش ،وسيرلانكا، ومن مصر رضا، والفرقة القومية، و العريش، وبورسعيد، وأسوان، والشرقية، و الحرية، و إلمنيا، وسوهاج، وغيرها من الفرق المصرية للفنون الشعبية التابعة للهيئة.
الجميل أن عروض المهرجان كانت تتنقل بين عدة مسارح ، منها مسرح فوزى فوزى ، ومسرح نادى الكهرباء،وقصر ثقافة كلابشة، وقصر ثقافة كوم إمبو،وكانت المسارح كاملة العدد كل ليلة،وهذه مسألة مهمة، فالناس هناك متعطشون للعمل الثقافى والفنى،وهو ماتعمل الهيئة والوزارة عموما ،على تلبيته بشكل واضح، حيث لاتترك قرية أو مدينة الآن إلا وتقيم بها أنشطة ثقافية وفنية.
الفرق التى شاركت فى المهرجان ، كانت نفسها الفرق التى شكل منها المخرج هشام عطوة رئيس الهيئة عرضا ختاميا فى الساحة الأمامية لمعبد أبوسمبل، إللى صاحبه دخل كل مخاليق ربنا وعند الصحفيين قال على جثتي.. مش فاهم ليه عمل كده؟المفروض يروح معبد أم سمبل.
العرض كتب كلماته ووضع ألحانه محمد مصطفى، ووضح الجهد الكبير المبذول فى الكلمات والألحان، وهو جهد ليس غريبا على هذا الفنان الموهوب،وإن عابه فقط التكرار الملحوظ فى الموضوعات وهو أمر ربما تسبب فيه ضيق الوقت أو ضغط الشغل، لأن المسألة ليست سهلة بالتأكيد، لكن العرض إجمالا وبالرؤية الإخراجية الواعية لهشام عطوة ، وبالعدد الكبير من الراقصين الذين شاركوا فيه،واستطاع المخرج توظيفهم بشكل مبهر، كان عرضا مشرفا ولائقا بالمناسبة المهمة التى شهدتها الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة ، والدكتور خالد عنانى وزير السياحة والآثار ، والرجل المحترم اللواء أشرف عطية محافظ أسوان،والفنان أحمد الشافعى رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية المشرف على المهرجان، وحضرناها نحن الصحفيين وقوفا، ربما قال لهم صاحب المعبد ممنوع جلوس الصحفيين ،ظنا منه أنهم جاءوا لاختطاف تمثال أبو سمبل مع إنه مافيش حاجة اسمها تمثال أبو سمبل أصلا!
لم تكتف هيئة قصور الثقافة بالمهرجان الذي استمر عدة أيام فى أسوان، ولا باحتفالية تعامد الشمس فى ساحة المعبد، أقامت شادرا ضخما فى منطقة السوق بمدينة أبو سمبل شاركت فيه فرق المهرجان كلها،وحضره الآلاف من أبناء المدينة ،الذين تعد احتفالية التعامد بمثابة مولد سنوى لهم، وقد حظينا بوجود مقاعد نجلس عليها، المسئولون فى الصف الأول، والصحفيون فى الصف الثانى، وهذا أمر بروتوكولى لاغبار عليه،وإن عابه فقط أننا كدنا نموت عطشا،بعد أكلة ملوحة احضرها مسعود شومان،الذى كان يجلس فى الصف الأول هو وجلال عثمان، يشربان الماء المعدنى والسفن أب والاسباتس ،ولايراعيان أصول الصداقة، حيث ركز مسئولوالعلاقات العامة فى المشاريب على هذا الصف فقط ، وهذه عادة مصرية أصيلة، وقد استشعرت أن روح صاحب المعبد كانت حاضرة وتلبست بتوع العلاقات العامة والخاصة.. أوربما شاور لهم من بعيد لبعيد:ممنوع تشربوا الصحفيين!
عمومًا ورغم مشقة رحلة الذهاب ،وخيانات الأصدقاء،وعلقة رحلة العودة التى استغرقت 19 ساعة استمتعنا خلالها بشقاوة بعض الفئران الصغيرة فى القطار،فأنت لو سألتنى هل يمكنك تكرار نفس الرحلة غدا أوبعد غد، فسوف أجيبك بنعم،فقد استمتعت بما شاهدته في هذا المهرجان الدولى المهم ، ولمست الجهد الكبير المبذول فى إخراجه على أجمل صورة تشرف البلد كلها ،واستمتعت أكثر بجمال أسوان وناسها،وصديقى شعبان حسين دينامو المهرجان،وحركات المخرج محمد صابر ،ولاأنسى صديقنا السائق عبدالراضى ، سائق شركة كيما،الذى أقلنا فى رحلتى الذهاب والعودة من أسوان إلى أبو سمبل، وكنت كلما ذهبت أنا ومسعود شومان وجلال عثمان -اللذان جلسا بالصف الأول فى الشادرولم يسألا في أهلى- كنا كلما ذهبنا إلى مقهى، وجدنا الصديق عبدالراضى طابب علينا وحالف ميت يمين مانحط إيدنا فى جيوبا قائلا :عيب يابهوات أنتو ضيوفنا.. بالذمة فيه أجمل من كده؟ياريت حد يفهم صاحب المعبد والذين اتبعوا ارشاداته فى الشادر الكبير!