أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” دراسة تحليلة حول واقع أوضاع الأمن الغذائي فى مصر وتطور حجم الفجوة الغذائية ونسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الاستراتيجية، وذلك باستخدام مؤشرات الأبعاد الأربعة الرئيسية للأمن الغذائي التى عرفها مؤتمر القمة العالمي للغذاء، وهي: مؤشر التوفر، والحصول والاستفادة والاستقرار.
لفتت الدراسة التى حملت عنوان “الأمن الغذائي المصري..واقعه وسبل تحقيقه” النظر إلى السياسات التى تنتهجها الدولة وجوانب القوة والضعف بها فى ظل التحديات الراهنة المتمثلة في محدودية الموارد المائية، واستمرار الزيادة السكانية، وتفاقم ظاهرة تغير المناخ وما تتسبب فيه من ارتفاع في معدلات درجات الحرارة وندرة في الميـاه، وتدهور لجودة التربة وتصحر مساحات هائلة من الأراضي الزراعية وتبعات ذلك الاقتصادية والاجتماعية.
كشفت الدراسة عن أن مساحة الأراضي المنزرعة في مصر حاليا تبلغ نحو 9.4 مليون فدان، ليصل نصيب الفرد من حجم الأراضي المنزرعة نحو 2 قيراط فقط، بعد أن كان فدانا فى القرن الـ 19، فى حين تبلغ المساحة المحصولية نحو 17.5 مليون فدان والتي تعد غير كافية لحاجة الاستهلاك من السكان مع استمرار الارتفاع فى عدد السكان وتجاوز حاجز الـ 100 مليون نسمة.
كما أوضحت الدراسة أن نسب الاكتفاء الذاتي من القمح شهدت تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفعت من 35.5% عام 2018، ووصلت إلى 40.3% عام 2019، وبلغ متوسط نصيب الفرد من القمح 153.3 كجم فى السنة، إلا أن حجم إنتاج القمح يتراوح ما بين 9-8 ملايين طن سنويًا، بينما يبلغ حجم استهلاكه 18 مليون طن، مما يعني أن هناك فجوة تتراوح بين 10-9 ملايين طن سنويًا.
وفقا لدراسة “الأمن الغذائي المصري..واقعه وسبل تحقيقه”، تُوجد فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك لمحصول الذرة الشامية، والفول الجاف، والمحاصيل الزيتية. كما عجزت الطاقة الإنتاجية للحوم الحمراء من الوفاء بالاحتياجات المتزايدة منها، حيث يغطي الإنتاج المحلى من اللحوم الحمراء نحو 57% من احتياجات الاستهلاك المحلى، لتصل الفجوة لنسبة 43%.
أشارت الدراسة إلى تزايد معدلات الفاقد والهدر فى جميع مراحل سلسلة الإمدادات الغذائية، فضلا عن انخفاض نقص التغذية بين إجمالي السكان، مع تراجع معدل انتشار نقص الأمن الغذائي الحاد.
خلُصت الدراسة إلى أن الدولة المصرية تبذل جهودا حثيثة من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتهتم بالأبعاد الأربعة للأمن الغذائي وليس بُعد توافر الغذاء فقط -كما أوضحت الدراسة – غير أن الوضع مازال يتطلب مزيدا من الإجراءات والسياسات التى حال تطبيقها ستسهم فى تحسين أوضاع الأمن الغذائي المصري بأبعاد الأربعة.
لهذا تُقدم هذه الدراسة عديد من التوصيات وآليات التنفيذ لتضعها أمام صانع القرار، وأبرزها جاء كالتالي:
* هيكلة ورفع كفاءة الجمعيات التعاونية الزراعية على مستوى القرى والمراكز والمحافظات، وتفعيل دورها الحقيقى فى خدمة القطاع الزراعى ودعم المزارعين.
* إقامة مجتمعات زراعية صناعية متكاملة في الأراضي الجديدة ، بهدف رفع نسبة التصنيع الزراعي وتحسين دخول المزارعين.
* تفعيل قانون الزراعة التعاقدية عن طريق الإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون، والتى تضمن للمزارع بيع حاصلاته الزراعية ضمن منظومة متكاملة للتسويق تحميه من تقلبات الأسعار.
* نشر الثقافة الغذائية والتوعية بالعادات الغذائية الصحية بُغية الحد من سوء التغذية الذى ينتشر فى المجتمع.
* الاهتمام بتحسين مؤشر الحوكمة فى مصر، وذلك لوجود علاقة طردية بين الحوكمة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
* التحول الرقمي لقطاع المياه واستخدام التكنولوجيا المتقدمة وعلوم البيانات في تطوير القطاع.
* زيادة المخزون الاستراتيجى من السلع الأساسية لمدة تتجاوز 12 شهرا، وذلك من خلال التوسع فى إنشاء مستودعات استراتيجية عملاقة مطابقة للمعايير الدولية.