لم يحظ أحد من الفراعنة بشهرة كتلك التي حققها الملك الشاب توت عنخ آمون، الذي لم يحكم مصر سوى تسع سنوات، ولم يحقق انتصارات ولا فتوحات. لكن “الحظ خدمه” حيًا وميتًا، حيث تولى الحكم وهو لم يزل طفلًا ومات وعمره 19عاماً .. وفاقت شهرته جميع الفراعنة الآخرين!!
والسبب في شهرة الملك الشاب، أو الملك الطفل، أن مقبرته لم تتعرض لكثير من السرقة، شأن بقية مقابر الفراعنة الذين حكموا مصر وحققوا أمجادًا كثيرة، حيث بقيت معظم محتويات مقبرة توت محفوظة حتى تم اكتشاف المقبرة عام 1922، وأثارت وقتها ضجة عالمية واسعة النطاق.
المهم أن جدنا توت لم يتوقف عن إثارة دهشة العالم وإعجابه، فقد فاجأ خنجر ذهبي اللون، عثر عليه في مقبرته، علماء الآثار، عندما اكتشفوا أنه مصنوع من مادة يعود أصلها للفضاء الخارجي. والآن، هناك دراستان جديدتان ترسمان صورتين متضاربتين لأصول هذا الخنجر الغامض.
تشير إحدى الدراستين إلى أن الخنجر، المصنوع من الحديد المستخرج من الشهب، تم تصنيعه في الأناضول، بينما تشير الدراسة الأخرى إلى أن أصوله لا تزال غامضة.
في فترة حكم الملك توت، لم يكن البشر عرفوا صهر الحديد، مما يعني أن هذا المعدن كان سلعة نادرة وثمينة تأتي غالبًا من النيازك.
في إحدى الدراستين قال الباحثون إن المادة اللاصقة على المقبض الذهبي للخنجر مصنوعة من الجص الجيري، وهي مادة كانت تستخدم في الأناضول في عصر الملك توت. ولم تكن تستخدم وقتها على نطاق واسع بمصر.
ولاحظ الباحثون أن السجلات التاريخية بموقع تل العمارنة بمحافظة المنيا تظهر أن “توشراتا”، ملك ميتاني في الأناضول، أهدى خنجرًا حديديًا لأمنحتب الثالث، وهو جد توت عنخ آمون.
وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون أنه “من المستحيل حاليًا الوصول إلى نتيجة موثوقة حول أصل الآثار الحديدية للملك توت أو الحرفيين الذين صنعوها والمواد المستخدمة فيها”.
لاحظ مؤلفو الدراسة أن “الكريستال الصخري” بمقبض النصل يشبه المصنوعات اليدوية في منطقة بحر إيجه بين اليونان وتركيا بينما “الشكل المصري النموذجي يرجح أنه، إما صنع في مصر، أو أنه إنتاج أجنبي للسوق المصري”.
في تصريح لموقع لايف ساينس Live Scienc عارض ألبرت جامبون، من جامعة السوربون الفرنسية، الادعاء بأن الجير الجيري كان يستخدم كمادة لاصقة. وأشار إلى أنه في عشرينيات القرن الماضي، تم استخدام مسحوق الحجر الجيري لتنظيف بعض قطع الملك توت، وأن الاختبارات الكيميائية كشفت عن محلول التنظيف هذا، وليس عن مادة لاصقة.
ماريان فيلدمان، رئيس قسم علوم الآثار بجامعة جونز هوبكنز، قالت إنه إذا كانت النتائج الخاصة بتصنيع الخنجر في الأناضول صحيحة، “فسيكون ذلك تأكيدًا على أن بعض الأشياء الفاخرة التي عثر عليها بالمقبرة كانت هدايا دبلوماسية من الخارج”.