ملاحظة :
المسرحية مأخوذة عن ثلاث قصص للمؤلفة: قصة القبو.
قصة حلم يغادر. قصة بائع الصور.
الصور للفنان العالمى بابلو بيكاسو
شخصيات الفصل الأول
البنت: من قصة القبو
الأب: من قصة القبو
الضريرة: من قصة حلم يغادر
حلم : من قصة حلم يغادر
بائع الصور: من قصة بائع الصور
أم الرضيع: من قصة بائع الصور
الفصل الأول
المكان :القبو.
الإضاءة :ضعيفة مصدرها مصباح كهربائي معلق فوق الباب وبعض الثقوب في جدار الخلفية، يدخل النور الخافت.
.. (صوت خرير ماء بعيد) .
البنت تظهر على المسرح وهي تدخل باتجاه القبو: الدرجات حجرية كما
تصورتها.
الأب(يدخل) مباشرة خلف ابنته : لا أعرف لماذا تستهويك الأماكن المعتمة
والرطبة؟!
البنت : صوت ماكينة أمي يتصاعد، كأني أراها تحتضن ماكينة الخياطة؛ .
وتخيط لك قفطانا.
الأب (بضيق): صوتها مزعج وتذكرني بأيام الفقر.
البنت : ولماذا تتمسك بها ولا تعطيها لأختي؟!
الأب( بعصبية): لأني لا أحب الطمع، أختك تريد ماكينة الخياطة .
و زوجة أخيك تريد المفرش الغالي وأنت أكيد تفكرين في
شيء ماوبعد ذلك لا يبقى في البيت أي شيء.
البنت( بتودد): لا نريد شيئا.
الأب ( بحزن): أنتم لا تعرفون الوحدة بعد فقد الزوجة، الأبناء يزيدون معاناة الأب بأخذ الأشياء الحميمية او البيتي او الشخصية، حتى ملابسها وأحذيتها.. لا يعرفون أنهم بذلك يهدمون البيت، الذي قام على الأم والأب كساقين كيف، (صمت مع نشيج) كيف يقف على ساق واحدة!!
البنت(بتأثر): آسفة بابا.. لم أكن أعلم أنك حساس إلى هذه الدرجة؟
*من يمين، أو يسار المسرح – تدخل الضريرة، تمد ذراعيها، تتحسس – وسط الفراغ-ما حولها.
الضريرة: صوتكم عالي، أشم رائحة رطوبة.
البنت : حاذري الدرج.
الضريرة: إنني هاربة للتو من قصة حلم يغادر.
البنت ، ترحب بالضريرة: أنت هنا في قصة القبو، من الممكن إن أنظف لك درجة من الدرج الحجري لتجلسي.
الأب (للبنت): دعيها تعود إلى قصتها، القبو لا يتحمل، ألا يكفي ما نحن
فيه؟ !
الضريرة-ترفع يدهاوتصنع من اذنها بوقا لتسمع جيدا: خرير الماء رائع، اه لو أن “حلم كان هنا، لطلبت منه-بثقة- أن يرافقني إلى القاع لأرقص بنشوة وربما ألمس الماء بيدي.
الأب( يكلم نفسه): حتى تلك الفجوة التي تضعف البيت تحسدوننا عليها.
البنت : لا تتكلم هكذا… إن سمعتك تغضب.
الأب : لا أحب تدخل الجيران في شئون بيتي.
الضريرة: الرطوبة أفضل من عوادم السيارات في الشارع، –
تحرك رأسها بقلق-“حلم” تأخر.. أعلمتي أنه يلملم أشياءه (تجفف دموعها) كيف أعيش بدونه؟!
البنت( مواسية): لا تبكي ،لا أظنه يغادر ويتركك، قلبي يحدثني بأنه يحبك.
الأب( معاتبا ابنته): منذ متى ولك قلب، أين كان قلبك وأنا أجلس وحيدا في
البيت وأنت وإخوتك، تركتموني، كل في بيته مع أولاده، هل
غسلت لي يوما منديلا؟ !
البنت( بتعجب): لكنك لم تشتك من قبل.
الأب : لأنك تعارضين زواجي.
البنت : أنت لا تقدر مشاعري، كيف أرافقك إلى بيت عروسك وأقول لها
أقبلي بابا عريسا لك.
الضريرة: عريس… يا الله، كلمة لها وقع خاص على الأذن.
الأب(للبنت): كنت أشعر بفرحك عندما فشلت الخطبة.
الضريرة : لن أسمح بالفشل.
الأب(يتقرب من الضريرة): معنى هذا أنك ترحبين بي زوجا.
الضريرة : عريس يا لها من أمنية مريرة.
يجلس الأب بجوار الضريرة، يعلو صوت رفيف أجنحة الفراشة.
البنت : فراشة النار تمس القلوب بوداعها المباغت.
الأب يشير بيده في وجه ابنته علامة اللامبالاة، يتجه نحو درجات القبو، يتقرب من الضريرة.
الأب : لا تسمعي لها أنها تتحدث عن أشياء وهمية، هل تتزوجيني حقا؟
الضريرة : مثلك لا يرفض، أخشى ألا أكون جديرة بك.
الأب : احترم الزوجة، حتى اسألي ابنتي.
يعلو صوت قرقرة ماكينة الخياطة.
البنت : لا أجد زيت ماكينة الخياطة.
الأب(بعصبية): لا تذكريني بصوتها إنه يصيبني بحالة من العصبية.
البنت : أنسيت قفطانك..؟ يحتاج إصلاحا.
الأب : لا ارتاح إلا في خياطة أمك،
.. اه، ماذا عن الضريرة، أتعرف الحياكة.. أليس
كذلك؟!
الضريرة : الضم أنت الإبرة وأنا أحرك يد الماكينة.
الأب : لا يهم عندي الكثير من القفاطين منحتني زوجتي الراحلة مخزونا
منها.
يدخل “حلم” تشعر به الضريرة تقف وتقترب من الأب.
الضريرة : لن أقبل أن ترتدي ما صنعته لك غيري، إنني غيورة.
حلم(يصفق): رائع أنك وفقت معه.
الضريرة(ل حلم): أين الزهرة؟
حلم ساخرا: اهتمي بقفطان زوجك القادم أفضل.
البنت(ل حلم): لا تجرحها، أنها تنتظرك منذ وقت طويل.
الأب(للبنت): لا تقولي هذا إنها توافق على الزواج مني إنك لا تملين من
إفشال خطبتي.
البنت : بابا أنت تحتاج لمن ترافقك إلى عيادة الطبيب وتعد لك شربة
الخضار وتحفظ مواعيد الأدوية.
الأب : تذكرت عندي موعد الآن مع الطبيب.
يهمس للضريرة :دقائق وأعود لن أتأخر.
من وسط المسرح، يدخل بائع الصور متعثرا في لفائف الصور.
الأب( لبائع الصور): ما الذي جاء بك لمن تعرض صورك ولوحاتك هنا؟
البنت – بقلق وترقب-: أفرد لوحاتك بسرعة لتخرج أم الرضيع.
الأب :إياك أن تخفي ابنتي في لوحاتك.
يتجه الأب إلى الباب، يعود ثانية.
الأب : أقول لك أخفها حتى أتزوج ثم أرجعها.
يخرج الأب، يعلو رفيف أجنحة الفراشة.
حلم(للضريرة): تأخرت عليك كنت أزرع الزهرة في أصص أهديها لك.
الضريرة : أريدك أن تأخذني إلى الماء أسفل الدرج، أسمع صوته وأشم
رائحته.
البنت : أخشى أن تبتلعهما متاهة الطرق.
الضريرة: الفراشة تقودنا نحو النور،إنها الدليل.
البنت : الفراشة ذاتها انتحرت وودعتنا ذات أصيل بعيد وهي الآن هائمة
تلون المغيب.
حلم(للبنت): اقتحمت قصتك لكنك تعرفين كيف اتخلى عنها.
البنت : جاءت هاربة من المقامر وقعت في حب بابا.
الضريرة: والدك ملاك بجوار المقامر، الذي لا يشبع-تتحسر – ليتني أعرف من دله علي.
حلم يتراجع للخلف، يخفت الضوء تدريجيا.
حلم : حين منحته الخاتم لم أكن أعرف أن يدك في انتظاره.
بائع الصور يرتب لوحاته.
الضريرة: أريد أن أبصر، أريد أن أخرج من حياتي ذكرياته المظلمة.
حلم(بتودد): حددي ماذا تريدين، أن تنزلي الدرج إلى الماء أو….
الضريرة: أريد أن..
حلم :…. ماذا؟
يعلو رفيف الفراشة.
بائع الصور – كأنه يرقص – : انظروا إلى صورتي المفضلة.
البنت : اخرج أم الرضيع أولا طفلها يبكي ويحتاج الرضعة التي أعدتها.
تدخل أم الرضيع، صوت خرير الماء، وزقزقة عصافير.
أم الرضيع: صوت العصافير، كم افتقده في لوحة السيدة المضيفة.. اه، لكنه في أذني.
بائع الصور: منحتك فرصة تتنزهين بين اللوحات لأخفف عنك لوعتك، أنني أيضا أب – بصوت كأنه حكواتي بائس-هجرت عائلتي من زمن ولا أعرف عدد أحفادي الآن.
الضريرة: قد تكون أنت والدي الذي تخلى عن أمي.. منذ كنت في بطنها.
بائع الصور: ليتك حقا ابنتي أكون محظوظا بك.
الضريرة متوسلة: ساعدني في ابعاد المقامر عني تكون حقا أبي.
بائع الصور: أساعدك، حتى لو احتاج الأمر أن أخفيك في لوحاتي.
أم الرضيع: ارشح لك لوحة سيدة الدموع، فوق كرسي دمعتها تتأرجحين.
الضريرة : لا أعرف ماذا اختار.. – تحرك راسها ذات الشمال (أعلى فضاء المسرح) وذات الجنوب(أسفل فضاء المسرح)، أن تبتلعني متاهة الطرق أسفل الدرج، أو أتأرجح وحيدة في لوحة سيدة الدموع.
البنت : أشفق عليك من الحيرة.
أم الرضيع: سيدة الدموع مشغولة الآن بشواء اللحم مع السيدة المضيفة.
حلم( للضريرة): سأحضر لك الزهرة عليك فقط أن تهدئي.
يخرج حلم.
الضريرة : رفيف أجنحة الفراشة يثير في قلبي شغف الذكريات البعيدة.
بائع الصور: عندما يأتي المقامر سألقنك ما تقولينه إنها مهنتي، خبرتي على المسرح، مهنة لذيذة، – ينظر نحو الجمهور-يا سلام يا سادة يا كرام،، كنت أمسك بيدي كل الأدوار.
الضريرة : أريد أن أخرج من الحلم لا أريد أي دور.
تتجه بحركاتها العشوائية إلى حيث سمعت صوت “حلم”.. لا تجده، فقد خرج لإحضار الزهرة.
الضريرة(بصوت عالي): أريد أن أخرج من الحلم.
الأب(يدخل) :إن لم تخرجوا حالا سدت عليكم الباب.
**الفصل الثاني**
شخصيات الفصل الثاني
حلم : من قصة حلم يغادر
البنت : من قصة القبو
السيدة العجوز: من قصة حلم يغادر
الضريرة : من قصة حلم يغادر
المقامر : من قصة حلم يغادر
بائع الصور : من قصة بائع الصور
الأب : من قصة القبو
صبي المطعم: من قصة بائع الصور
أم الرضيع : من قصة بائع الصور
المكان :من قصة حلم يغادر رصيف كورنيش النيل، شجرة على اليسار ومقعد في المنتصف.
صوت :هسيس أوراق الشجرة وزقزقة عصافير.
حلم : الحقائب مكتظة بأشياء تافهة.
تدخل البنت، تلتقط أنفاسها
البنت : كنت أعرف أني سأجدك بجوار الشجرة.
حلم(يضحك): إنها الشجرة التي كانت في لوحة بائع الصور وقد تحقق حلم أم الرضيع بالعصافير المغردة.
تدخل السيدة العجوز تحتضن حلم تبكي وتضحك.
حلم : لماذا البكاء؟
العجوز: خشيت أن أموت قبل رؤيتك.
حلم :.. والضحك!!
العجوز: لأني وجدتك تتحدث مع صبية جميلة، عليك أن تحبها ودعك من الضريرة.
حلم : هذه صورة البنت محبوسة في القبو، وهي الآن لا تجد الباب الذي
خرجنا منه، أغلقه أبوها ولا يذكر أين كانت الفتحة، التي سدها في
النهاية لكنه يتحايل ويتهم بائع الصور بأنه أخفى ابنته.
تجلس السيدة العجوز على المقعد، تزقزق العصافير، تطن النحلات، تدخل الضريرة تمد ذراعيها تتحسس الهواء.
الضريرة(لحلم): ضبطك برفقة نحلات تطن حول زهرتي.
يقدم لها الأصص: إنها لك فهي زهرتك حبيسة الفنجان.
البنت(للضريرة): تركتي عدساتك في القبو، أعرف أهميتها عندك.
الضريرة(بفرح): شكرا لك، قلبي معلق بالفراشة، عندما تأخذك في رحلة
أخبريني أحب صحبتكما.
البنت : دوما أبحث عن رفيق، وجدت نفسى بعد موت أخي وأمي وانتحار الفراشة، لا أجد صاحبا أثق به أو أحبه.
حلم(يخفي تأثره): لا أحب البكاء، أريد ابتسامة كبيرة تسع العالم.
البنت : لم أعد أبحث عن الباب، أريد أن أرى القبو على حقيقته.
العجوز: اسأليني عما كان في قديم الزمان، لقد رأيت الفيضان(صوت مياه تهدر و تفور) يداهم الشوارع والبيوت، جارفا الشجر والحجر والجواميس والأرانب والدجاج.
يدخل المقامر بطريقة لا مبالية، يتراقص ويدندن بلحن سوقي.
المقامر(للعجوز) بتهكم: إنك قديمة قدم الحياة.
العجوز (بسخرية وبدون اهتمام) : وصلت.. كيف تكون الحبكة اللعينة
بدونك؟
المقامر(للضريرة): تشتاقين لي، قدري حجم أعمالي، – يقبل يدها- أراك
اليوم، أجمل من الأمس.
الضريرة: أقدم لك صديقتي وجارتنا في القصة المجاورة، أتذكر حين
حدثتك عن رفيف أجنحة الفراشة.
المقامر(للبنت):لدي فكرة جهنمية، أريد استثمار القبو فمن السهل أن يصبح
مزارا سياحيا، ما عليك الا تأليف حكايات عن شخصيات هامة
مرت من هنا،-يستدرك حاكا رأسه- لا تأتي على ذكر أي
شخصية مهمشة.
الضريرة : الفراشة أكثر جاذبية – تحرك يديها أعلى رأسها كأنها أجنحة
الفراشة-يأخذني رفيفها إلى عالم من اللذة والثبات، وسط بين
الحياة واللاحياة.
المقامر(للبنت): دعك منها فهي ليست فكرة تجارية، أنني أيضا أريد تاريخا، أو حضارة تجلب الدنيا إلى هنا.
البنت : اعتز بالقبو، – تفتخر بصوت حنون-لأنه صدى لحياة عائلتي.. لكني
لا اختلق أو ادعي.
المقامر(يضحك ساخرا): موعود بالطيبين، لماذا حشرتني المؤلفة معكم،
لكن ما دمت هنا، فلا بد أن أنعم بالضريرة،،، أنها
لي.
الضريرة(بإنفعال): خاتمك لم يعد يعجبني.
المقامر(بسخف) : تستحقين الأغلى، امنحيني إياه أبيعه واستثمر بثمنه،
كوني على ثقة سأعيده لك، سيكون بين يديك، جميلا
لامعا، مع عدة مجوهرات ذهبية.
حلم(بحزم) : إنه خاتمي، هل نسيت؟!
المقامر : لم أنس.. قلت إنها ورقتي الرابحة، أنت خدعتني لقد أضاعت ما
جمعت (يأخذها من يدها ويعرضها على الشخصيات) أرأيتم نهاية
المقلب، أجمع باليمين وتضيع باليسار.
الإضاءة شاحبة ودخان عادم السيارات ينتشر.
العجوز(تزيح بيدها الدخان): وماذا بعد استعراضك، تظل الضريرة جميلة،
وأنت مقامر، متهور، ولن تعرف الطريق الى قلبها الطيب.
بائع الصور (يخرج من تحت المقعد،) ينادي الضريرة.
بائع الصور: لا تخافي يا ابنتي، إنني هنا سأعوضك عن سنوات ابتعادي
عنك، لن أسمح له أن يخذلك، (يصمت لثوان قليلة).. يا ابنتي،
لو كنت تلك الابنة.. عليك أن تعلمي انني كنت حتى وقت
قريب أشعر بالخذلان، مخذول حتى النخاع.
الضريرة: أبعده عني يا أبي، إنه يستعرض عيوبي أمام الجميع.
المقامر: لم أسمع، من قبل أن لك أبا، (يصمت ناظرا ارجاء المسرح، ناظرا في الشخصيات).. ليدفع لي إذن ما أضاعته ابنته.
يدخل الأب بلهفة.
الأب : ابنتي، أأنت بخير؟
ذكرني غيابك عني، ضياعك بمن فقدتهم، أنني أعيش أفقد كل مرة
حبيبا، الحروب التي شاركت بها، (تصدر من خلفية المسرح
أصوات معارك وإطلاق رصاص ومارشات عسكرية بأصوات
خفيفة لا تعلو على الحوار) بل وحضرت معاركها حد التضحية، أين
زملائي وأصدقاء السلاح اه.. أين ابني وزوجتي؟ !
البنت(كأنها لا تراه) : لا تقلق يا بابا، لكنك سددت الباب علي كي لا أمنع أو
أعوق زواجك أو أذكرك بأمي وأنت جاد في نسيانها،
قل ذلك ولا تهاب الحقيقة.
يفتح ذراعيه للضريرة: لا وقت لأمك الآن.
الأب(للضريرة): هل فكرتي في حالنا، قصتنا، (ينظر إلى عينيها-بشوق وتغزل-) :
أين ذهب اخضرار عينيك؟!
المقامر(بتهكم) : اخضرار عينيها أظن أنني نسيته على موائد اللعب أيها
المغفل.
الأب، بغضب: من هذا المتطاول، أين المؤلفة؟! هل يرضيها إهانة محارب
مثلي؟
العجوز تجذب الأب وتمسح له مكانا على المقعد جوارها.
العجوز : علينا الجلوس الآن على الدكة ونترك للشباب قيادة حياتهم، لا
تنزعج حتى لا يرتفع ضغطك، يا حبيبي فمكانتك محفوظة وعلى
الجميع أن يتذكر ذلك، بل ويحترم تضحيتك.
/من جهة ما، فجأة/، يدخل صبي المطعم، ينسحب المقامر خلف حلم، يدقق الصبي في الموجودين .
صبي المطعم: ألم تشاهدوه ، طلب عشاء فاخرا ومضى، إنها ليست المرة
الأولى.
بائع الصور: أنا من أعرفه.
صبي المطعم: المعلم سيطردني إن عدت بدونه، جاء مع امرأة وتركها
دون أن يحاسب ومعلمي يخجل من مطالبة المرأة بالحساب.
المقامر(يخرج من وراء حلم): لا يخجل قل له أن يضع خجله جانبا، النساء طيعات يسددن بسهولة، انهن طيبات.
صبي المطعم: انه هو الهارب من الحساب، اخيرا وجدته!
يجري المقامر، خارجا وصبي المعلم خلفه.
تتنفس الضريرة بعمق.
يندفع المقامر مرة أخرى داخل المسرح، يلهث، يكلم (الضريرة): لقد قطعت نفسه وجئت استأذن منك، حبيبتي! سأعود لاحقا، لا تقلقي.
المقامر(لحلم) : ماذا لو قلت لها إني اشتريت الخاتم مخصوصا لها؟ حسابك
معي.
راكضا، متلهفا، يعود صبي المعلم، يهرب المقامر.
البنت : يقول أني طيبة لكني لا أراني طيبة، أتذكر أخي حين طلب مني مبلغا من المال؛ خشيت أن يغضب زوجي فترددت في إعطائه ما
طلب، وقتها(بتحسر وضيق).. في اليوم التالي ذهبت ومعي النقود فلم أجده(تدفن رأسها بين يديها) آخ، واه.. سافر،هذا أخي، الذي عندما توفي نسيت كل الذكريات الجميلة لي معه(تبكي)تذكرت أني خذلته، خوفا من زوجي.
الأب(متألما):وأنا أيضا خذلته، حين ذكرته مرارا أني ساعدته في زواجه.
العجوز : هون عليك إنها أعمار، ما الذي جعلك تترك الدكة إنها المكان
المناسب لنا الآن.
تدخل أم الرضيع، تبدو تائهة، محطمة: أريد الاطمئنان على ابني أين طريق
المشفى ؟
بائع الصور (يقترب من الام) : عندي صور لأطفال قد تجدينه بينهم.
الضريرة : أسمع بكاء طفل قريب من هنا.
أم الرضيع: لا أعرف كم عمر ابني ، عشت متاهة الميلاد، والخوف، لم أحس بفرحة مولد طفلي، اقدر عمره، اه، ربما،، بالضبط أسبوع أو أكثر.
يسود هدوء تتقدم أم الرضيع من حلم : يجب أن تفعل شيئا لأجلي.
حلم(في توتر): تدخلي يثير المشاكل، ألا يكفي ما حدث للضريرة من
اضطراب.
الضريرة-مندهشة-: من قال أن حياتي تضطرب لوجودك؟ بل من أنا بدونك؟
تزقزق العصافير ويعلو هسيس أوراق الشجرة.
الأب : تحبينه وتكذبين علي.
العجوز(تقترب من الأب) : سأتزوجك أنا، كن مطمئنا. دعها ستعذبك ولن، (تأخذ نفسا عميقا) ماذا اريد ان اقول؟.. اه لن تستطيع تحديد لون عينيها.
الأب(بضيق): كيف اتزوجك؟ انسيت إنك من عمر أمي.
العجوز : لكني ما زلت أبتسم.
يسمعون صوت سارينة النجدة
الأب : جئت أحذركم أني أبلغت الشرطة عن اختفاء ابنتي وأعطيتهم أوصافكم.
يفرد بائع الصور لوحاته ويختبئون فيها.
**الفصل الثالث**
شخصيات الفصل الثالث
السيدة المضيفة: من قصة بائع الصور
بائع الصور : من قصة بائع الصور
أم الرضيع: من قصة بائع الصور
الضريرة : من قصة حلم يغادر
البنت : من قصة القبو
الأب : من قصة القبو
العجوز: من قصة حلم يغادر
المقامر: من قصة حلم يغادر
حلم : من قصة حلم يغادر
سيدة الدموع: من قصة بائع الصور
المكان: لوحة السيدة المضيفة، الخلفية نهر وشجر
على يمين المسرح: كوخ وأمام بابه بخطوات منضدة فوقها أكواب وأطباق، تخرج السيدة المضيفة من الكوخ.
السيدة المضيفة: أهلا بكم في لوحتي.
صوت جلبة.
بائع الصور: رحبي بهم كما شئت قد يطول بهم المقام هنا.
السيدة المضيفة :لا بأس يا سيدي.
أم الرضيع، بلهفة : ما زلت اللوحة تنقصها العصافير والبلابل.
تدخل السيدة الكوخ وتعود في يدها قفص عصافير.
السيدة المضيفة: أرجو أن تكتمل اللوحة.
تأخذ أم الرضيع القفص تفتح بابه وتتركه بجوار الشجرة.
أم الرضيع : سيأتي وقت حريتهم المفتقدة، تواتيهم فيه الشجاعة ويخرجوا
من القفص، دون خوف، سقفهم السماء.
يتردد صوت الماء وهسيس الشجر في كل ارجاء المسرح.
الضريرة، (تبدو كمن يتذكر) : ينقص اللوحة رفيف أجنحة الفراشة.
البنت : تذكرت أريد العودة إلى القبو للاطمئنان على الفراشة.
الأب : ما هذا الزحام جمال اللوحة في الهدوء.
العجوز : لا تتكلم Yنك السبب في تزاحمنا هنا.
السيدة المضيفة: ماذا أعد لكم على العشاء، جبن وشاي، ام قليلا من اللبن والخضار (تبتسم)
العجوز : العشاء.. أنني للأسف لا ابق في الخارج إلى هذا الوقت.
الأب متابعا الحديث مع السيدة المضيفة، : لا نريد تعبك، أو تكليفك، لكن الجود بالموجود، سيدتي هل أنت مرتبطة.
السيدة المضيفة : أفنيت العمر انتظر، ضفيرتي أصابها الشيب، رنا عليها
الهزال.
الأب : لا اهتم بالضفائر الآن، أريد صوتا يحدثني ويدا تربت على أوجاعي.
السيدة المضيفة(تبتسم): لابد من العودة إلى الكوخ، أشعلت نار الموقد..
أخشى أن يحترق عالمي.
العجوز : لا ينقصنا غير أن تحترق بنا اللوحة.
المقامر : بحثت عنكم كثيرا، جميل أنكم هنا.
حلم : لماذا جئت؟! ماذا ستأخذ من مطاردين، نال منهم الخوف والتعب
والجوع مثلنا!؟
المقامر(يرفع كتفيه): أخذ منكم! (يضحك بخفة) جئت أقدم للضريرة شبكتها
من الذهب والجواهر ليعرف الجميع أني جدير بها.
الضريرة(بحسرة وألم) : عيناي لا ترى… ما الفائدة من بريق الذهب
الجواهر؟
يقدم المقامر، لها علبة المجوهرات، تضعها على حضنها وتبدأ بالبكاء بمرارة، يفتحها، يمسك أصابع الضريرة الباكية، يضع يدها فوق محتوياتها
المقامر (برقة) : المسي هذه الاسطورة، انها من الذهب المرصع.
ضعي يدك تنبض فوق إشعاع المجوهرات لينبض جيدا. أجعلي يدك تتحسسها تشبع من ملمسها.
الضريرة(ترجع له العلبة): إنها باردة، هل تجعلني أبصر؟.
لن يحدث هذا ابدا.
العجوز : لا تضايقي نفسك، ناوليني عقدا ارتديه أمام المرآة.
ترتدي العجوز عقدا، يمد إليها “حلم” المرآة.
العجوز(تضحك) : انظر يا حلم للمرآة صورة من هذه.
تظهر في المرآة صورة سيدة الدموع ترتدي العقد والقرط وحين فقدت المجوهرات، نبتت دمعتان تتدحرجان على خديها.
حلم : سر دموعها، أنك جردتها من البريق.
المقامر: ما دليلك غير مرآة العجوز المخرفة.
تدخل سيدة الدموع، يصمت الجميع لبهاء طلعتها.
سيدة الدموع: أي دليل أكثر من هذا(تفتح علبة بها دمعتين) خذ الدمع الثمين
وأعد لي العقد والقرط.
المقامر(يأخذ علبة الدموع والمجوهرات): دعيهم لي وسأمنحك ما هو أغلى.
سيدة الدموع : لا أريد الدمعتين وأن كانتا من الماس، قلبي لا يحتمل المزيد
من الأحزان.
(يأخذ الضريرة من يدها ويقدمها لسيدة الدموع) .
المقامر : انظري إليها جيدا ألا تذكرك بابنتك.
سيدة الدموع(تتأمل الضريرة): ابنتي أو في منزلة ابنتي، التي فقدتها من زمن.
الضريرة(للمقامر): لا تعرف غير لغة التجار، بيع وشراء فقط.
المقامر(يهمس للضريرة): أبيعك لها وأنت تهربي وستجديني في انتظارك.
الضريرة :وحين أعود إليك تبيعني وتبيعني.
الضريرة(لسيدة الدموع): حين فقدت مجوهراتك تضخمت دموعك، حدثينا كيف تحملت فقدان ابنتك ماذا حدث؟ .
سيدة الدموع(متباينة المشاعر والعواطف) : ماذا أقول؟
دموع القلب يا ابنتي، قلبي الذي رآها قبل عيني.
بائع الصور، يتدخل بعد أن تأثر من الحوار : يا لك من مقامر لعين (ينظر اليه بغل)أتظن أنك ستفلت بفعلتك!
المقامر : من يحدثني كيف لبائع صور متجول أن يكلمني بدون تكليف؟
حلم : لا تنسى نفسك بريق المجوهرات دليل إدانة.
سيدة الدموع: دعه يا حلم، عودة ابنتي، اشراقتها عندي بكل كنوز الدنيا.
المقامر : أسمع كلام السيدة.
سيدة الدموع(للمقامر): لن أسمح لك، منذ اللحظة(تقف متحفزة) بمضايقة ابنتي أبدا.
المقامر(لسيدة الدموع): أتنازل لك عن ورقتي الرابحة وقلبي يبكي.
يهمس للضريرة : سلام يا حبي.
يسمع صوت جلبة في الخارج، يخرج بائع الصور يستطلع الأمر، يعود.
:الناس تجري وراء المقامر، بريق الجواهر يشع والعلبة مغلقة، يهيئ لي أنه يتمنى أن يمسك به البوليس وينقذه من الناس.
حلم : قلت له لم يصدق.
تربت سيدة الدموع على كتف الضريرة: لا تحزني، أمامك العمر السعيد.
الأب : سمعت أن هناك من يعد العشاء، جعت، يبدو أنها إشاعة.
العجوز(لحلم): يجب أن أذهب الآن، طيلة حياتي لم أتأخر عن البيت إلى مثل هذا الوقت المتأخر، سيقلق أحفادي.
حلم : لا تقلقي سأوصلك إلى بيتك.
العجوز: أرى بعين قلبي أحفادي يتعاركون على صندوقي القديم، يبدو أنهم
يئسوا من عودتي.
حلم : وماذا تخافين عليه في صندوقك؟ المرآة الفضية، انها معك هنا.
العجوز(تتذكر) : فيه عشرات من أوراق و.. وثائق باسم جدي تفيد بامتلاكه
للأراضي، غيطان ومزارع غرب البلدة والتي هي اليوم
ما تشاهدون من بيوت وشوارع جديدة!
حلم :صاحب الحق يلجأ إلى القضاء،رفعتم بهذه الوثائق و الصور من السجلات القديمة.. قضية؟
العجوز: رفعت قضية وما زلت متداولة في المحاكم وكل ما أخشاه أن
يطالبوا الورثة بالأتعاب التي ستفوق التعويضات.
البنت: أشعر دائما أن هناك من يحفر في القبو، يأتيني حدس ما.. قلبي لا
يكذب.
الأب (غير مكترث: أبناء عمك يبحثون عن آثار.
البنت : البيت سيقع إن زاد الحفر.
الأب : إنهم يحفرون تحت نصف البيت الخاص بهم.
البنت : الحفر يقلق الفراشة، ألا يكفي أنها روح هائمة.
الضريرة: لا تعذبوا الفراشة إنني أحبها.
تخرج السيدة المضيفة من الكوخ، في يدها طبق فاكهة تضعه في منتصف المنضدة، لأم الرضيع: من الممكن أن تساعديني في تجهيز السفرة.
أم الرضيع : إنني مشغولة بتحضير الرضعة.
الأب : أساعدك أنني سريع في حمل الأطباق.
يضع قارورة مياه على المنضدة ويوزع المياه في الأكواب.
البنت :كان آخر كوب مياه في يد أمي.. وأخي لم يعد بحاجة إليه.
الأب : لا تذكريني دعيني أعيش اللحظة برفقة السيدة المضيفة.
سيدة الدموع(لحلم): لماذا تريد أن تغادر؟
حلم(بتأمل): حين أعدت ترتيب حقائبي وجدتها بقايا أحلام متروكة لا يسأل
عنها أحد.
الضريرة: أما أنا “حلم” يلون حياتي التي أراها بعينيه.
سيدة الدموع: ابنتي، لوحتي ملك لك إن بيعت فالمال لك.
الضريرة : ابق معي يا أمي أريدك أنت، يدك الحنونة وصوتك الدافئ.
العجوز : أحفادي التهموا ورق الوثائق كالفئران.
يدخل بائع الصور متعجلا : استأذنكم معلم المطعم يريد اللوحة فقد بعتها له
مقابل عدة شندوتشات