مؤخرا كنت في مركز شباب الجيزة لمقابلة أحد الأصدقاء، ذهبت قبل الموعد بقليل وتجولت في المركز، على مستوى الشكل والمرافق هو مركز على باب الله، لكنى شاهدت مئات الشباب والصبية والأطفال يتدربون هنا وهناك في أكثر من لعبة.
المنظر كان مفرحا ، وقلت في نفسي أين كان سيذهب هؤلاء لو لم يكن مثل هذا المركز موجودًا، أغلب الشباب والصبية في هذا المركزمن أبناءالطبقتين البسيطة ،و المتوسطة ،أو التي كانت متوسطة ثم طرحوها أرضًا، لايستطيعون الاشتراك في أندية بالشئ الفولاني ، أنا نفسي ذهبت إلى نادي، على باب الله والله، قريب من بيتى وسألت عن الاشتراك فوجدته يتجاوز المئة ألف جنيه ، سألت عن اشتراك أولادى فى نشاط صيفى مثلا ، قالوا كل عيل يدفع ألف ومئتي جنيه شهريا بالإضافة إلى اشتراك شهري آخر للعبة التي يرغب فيها، واللعبة تبدأ بخمسمائة جنيه كل شهر، ضربت 3 عيال في 1700 جنيه طلع المبلغ5100 جنيه شهريا،فقلت الشارع أولى بيهم!
مراكز الشباب تلعب دورا مهما للغاية في احتضان شبابنا وأطفالنا، وبنائهم جسديا وفكريا، ولو تم الاهتمام بها أكثر لخرجت لنا آلاف الأبطال في كل الألعاب، تطوير الرياضة في مصر يبدأ من مراكز الشباب التي يمكن أن تصبح مفرخة لأبطال عالميين ، وحتى لو لم يصبحوا أبطالا عالميين أو محليين،فإن الرياضة من شأنها أن تجعل منهم مواطنين أصحاء بدنيا ونفسيا وتبعدهم عن أي ممارسات تضر بهم وبوطنهم.
أذكر عندما كنت طفلا أنني اشتركت في مركز شباب روض الفرج إللى على الكورنيش تحت كوبرى امبابة، وأذكر أنهم كانوا يشركوننا في كل الألعاب حتى إذا أثبتنا كفاءة فى لعبة بعينها ثبتونا فيها، لعبنا كرة قدم، وكرة طائرة، وكرة سلة، ومصارعة روماني، ورفع أثقال، كان مدربنا في رفع الأثقال هو الكابتن صادق والد الكابتن علاء عبدالصادق بتاع الأهلي، وفضلا عن الرياضة كانت هناك محاضرات وندوات تثقيفية، وكانت هناك أيضا أغذية ومشروبات بأسعار فى متناول الجميع، الذهاب إلى المركز كان بمثابة عيد بالنسبة لنا نحن أطفال الحي، وخرج من وسطنا عشرات اللاعبين البارزين في العديد من الألعاب، بينما ضللت أنا الطريق واتجهت إلى الصحافة وأصبحت مديرا لتحرير صحيفة كبري ليس باستطاعته الاشتراك فى نادى ،حتى لو كان على باب الله.
لماذا أتحدث عن مراكز الشباب وأهميتها الآن؟ السبب أنهم هدموا مركز شباب سراي القبة ويقومون الآن بإعادة بنائه من جديد، وقد أدعى بعض الخبثاء أنهم سيحولونه إلى ناد باشتراكات كبيرة يصعب على أبناء المنطقة دفعها، وبالتالي سيذهب مئات الشباب إلى الجحيم، وأنا بالطبع لاأصدق هذا الكلام الفارغ،الذي لايمكن أن يفعله أي شخص عاقل أو أي دولة عاقلة،فتحويل مراكز الشباب إلى بيزنس أمر خطير وجنوني وسيكون له تداعيات خطيرة ومرعبة،فأين يذهب هؤلاء الشباب وأي يد سوف تتلقفهم وتحول طاقتهم البناءة إلى طاقة هدامة تهدد أمن وسلامة الوطن؟
اهتموا بتطوير مراكز الشباب ودعمها،واجتذبوا أكبر عدد من الشباب إليها حتى لو جعلتم الاشتراكات مجانية أو برسوم بسيطة، ففي ذلك أفضل استثمار لو كنتم تعلمون، أما إذا صدق كلام هؤلاء الخبثاء الذين يدعون أن هناك نية لتحويل هذا المركز أو غيره من المراكز إلى أندية باشتراكات كبيرة فهذا للأمانة لعب بالنار.