الفن التعبيري انعكاس لهموم وقضايا المجتمع وتدعيم القيم الإيجابية
حوار: د.خالد محسن
يظل الفن التشكيلي بكافة رافده رسالة مجتمعية سامية تعايش الواقع ،وترصد هموم وأتراح وأفراح الناس ومرآة صادقة تعكس روح الأصالة والعراقة ومحاكاة الواقع وبث روح الأمل عبرأطر تعبيريه بديعة.
وضيفتنا بالمساء الفنانة التشكيلية عبير غنيم ..عيد فنانة من نوع خاص وفريد تري أن للفن دورا مهما في تجسيد مشكلات المجتمع وتطلعاته ودعم قضاياه..
لها لمسات إبداعية متميزة.. شاركت في عشرات المعارض داخل وخارج المحروسة ممثلة لمصر بلدها الغالي ،و حصلت على العديد من شهادات التقدير والدروع .
وفي حوار لا تنقصه الصراحة التقت المساء مع عبير بعد تكريمها مؤخرا بملتقي البلقاء الأردني مع عدد من الفنانين العرب لترصد لنا محطات ولقطات مهمة من حياتها ورحلتها مع الفن ومرارات الحياة فكانت هذه السطور..
(أزمة كورونا)
ما هي ورؤيتكم لواقع الفن التشكيلي وتقييم عام لأهم المعوقات التي تواجهه ؟
– يمر الفن التشكيلي بأزمة كبيرة نظرا للظروف الإقتصادية،مع ارتفاع أسعار الخامات والأدوات مما يؤدى إلى احجام البعض عن دخول المجال خاصة الفنانين الشباب ، وضعف القوة الشرائية لأعمال الفنانين إضافة إلى أزمة كورونا التي أدت إلى انحسار كثير من الفعاليات الفنية،أخرى تتعلق بالعشوائية وغياب التقييم الموضوعى وهو ما يؤدى إلى دخول كثير من المدعين والدخلاء وبالتالى تشويه الصورة أمام جمهور المتذوقين.
* أهم المؤهلات والشهادات العلمية؟
أنا حاصلة على بكالوريوس إعلام قسم إخراج صحفى جامعة القاهرة… وإفادة من كلية الفنون الجميلة قسم تصوير زيتى دراسات حرة،وشاركت فى العديد من المعارض فى الأوبرا وقاعة جريدة الأهرام ودار الكتب وعدد من المتاحف فى مصر وخارجها كفلسطين والأردن وإسبانيا.
(أغانى عبد الحليم)
* ماذا عن أهم محطات البداية والإبداع؟!
– البداية كانت مع أعانى عبد الحليم حافظ،كنت اكتب كلمات الأغنية مع رسم الأغنية ،ثم تشجيع من المدرسة ففى مرحلة الثانوى كنت حريصة علي المشاركة فى كل المسابقات، والحقيقة معلمتى كان لها دور كبير فى حبى الرسم ،وعلى النقيض معلمتى فى ابتدائى تسبببت في كراهيتي للرسم وكانت دائمة التوبيخ لى وانا كنت تلميذه متفوقه وملتزمه لأنها دائما ما كانت تقارنى باخى الأكبر البارع في الرسم، لذلك عندما دخلت كلية الإعلام اخترت الإخراج الصحفى لأنه له علاقه بالرسم والتصميم وكان تصميم الصفحة يدويا قبل الكمبيوتر وبرامجه .. وبعد ذلك أخذتنى الدنيا دوامة الحياة فإبتعدت عن الرسم ولكن من خلال عملى كمدرسة كنت أقوم بعمل لوحات ورسومات وديكورات . ولكن مريت بظروف مرضية صعبة تركت وقتها العمل وكنت فى ظروف نفسية صعبة فإذا بإبنى يحضر لى حامل اللوحات ويضع الألوان الزيتية على البالته وطلب منى أن أرسم فرسمت حاضنة الصبار ،والحقيقة إن هذه النقمة كانت نعمة من الله إدراكها سريعا والحمدلله وقررت بعدها أن احترف الرسم فدرست وقرأت وأخذت عدة كورسات وحضرت الكثير من ورش الفنانين الكبار والكثير من المعارض مما ساعدنى كثيرا فى تطوير موهبتى.
(ضمير الأمة)
* الفن ضمير الأمة الصادق الصامت، وأحد أهم القوي الداعمة للعمل والقيم الإيجابية وحب الوطن..ما هي رؤيتكم ؟
_ دائما وأبدا كان الفن التعبيري انعكاسا لمشاكل المجتمع ومعبرا عن احتياجاته ،وله دور اساسي فى حياة المجتمع في تجسيد همومه وتطلعاته ودعم قضاياه قيمه الإيجابيه،ويكفى ما شهدته مصر فى بداية القرن العشرين عندما كانت تبحث عن حريتها ونهضتها فكانت أعمال محمود مختار معبرة عن احتياجات المجتمع ورحلته فى البحث عن الحرية والنهضة ،كما كانت أعمال lحمود سعيد والأخوين وأعلى تعبيرا صادقا عن الطبقة الشعبية وٱلامها واحتياجاتهاولكن فى هذه الفترة يعانى الفن من انفصال معظم الفنانين عن الواقع المجتمعى ويصورون مثالية غير موجودة وهو ما يجعل أعمالهم تنفصل عن الواقع.
ومن النماذج المضيئة ايضا ، يوسف كامل ، وراغب عياد محمد ناجي ، وغيرهم،ولطالما كان الفن جزء لا يتجزأ عن المجتمع يؤثر ويتأثر به وفيه كما كان لرواد الفن التشكيلى دور بارز واسهامات ملموسة في حركة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتأكيد الهوية الوطنية. . وأيضا وللفنان الآن دور مهم في نشر الجمال والمساهمة فى إرتقاء المجتمع والعمل على بث روح المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع للرقى بوطننا ولنكتب عصرا جديد ا يخلده التاريخ كما كتبه السابقون.
* ما هى أهم قصص ومحاور اعمالكم وابداعاتكم الفنية؟
– معظم أعمالى تحمل ورائها قصة فأنا مهمومة بالمرأة العربية والمصرية خاصة ، مقارنة مما كانت عليه وما أصبحت عليه الآن ، فمن خلال لوحاتى أعبر عن همومها والضغوط النفسية والمجتمعية لها كما أعبر عن أفراحها وآمالها وطموحاتها وعطفها وحنانها.
(المعارض الإليكترونية)
* ماذا عن المنافسة الشريفة بين المبدعين ، وأهمية المشاركة في أعمال وطنية جماعية؟!
– أتصور أن الآن بفضل تطور وسائل الإتصال تطورت الحركة الفنية وأصبحت اسرع فى الوصول إلى جمهور المتلقى كما أحدثت تقارب بين الفنانين سواء المصريين او العرب او الأجانب وذلك من خلال المعارض الإلكترونية التى تجمع عدد ا كبيرا من الفنانين من مختلف انحاء العالم ،على الرغم من قلة قاعات العرض والتكلفة التى يتحملها الفنان لعرض أعماله غير تكلفة العمل الفنى نفسه نظرا لغلاء الخامات إلا إنها أثرت الحركة الفنية وعملت على زيادة الحصيلة البصرية للفنان . أتمنى أن يكون هناك مهرجانات وأعمال وطنية وجداريات تليق بالفن المصرى وبالمصريين وبأجدادنا الذين برعوا فى هذا الفن ،كما أتمنى أن ينتشر هذا الفن الجميل فى النوادى ومراكز الشباب بل فى الشوارع والاحياء ففى مصر فنانين كبار بالفطرة ظهروا أيام الثورة فى الميدان والحقيقة فى هذه الفترة انتعش حراك الفن عموما كالشعر والموسيقى والتمثيل والرسم وفن الكاريكاتير كان له دور بارز وقتها .
(لغة التواصل )
ما هو دور الفن كأحد روافد القوي الناعمة في دعم العلاقات العربية والإقليمية و التواصل مع الآخر؟
– الفن هو لغة التواصل ، فالناس قد تختلف سياسيا أو اجتماعيا او دينيا ولكن يجمعهم الفن عموما فدائما ما نطلع على الحركة الفنية فى البلدان الاخرى وبفضل وسائل الإعلام أصبح من السهل أن نرى أعمال الفنانين من مختلف دول العالم فالفن هو السفير الحقيقى لأي بلد.
( الإعلام الجديد)
*رؤيتكم لأهم عوامل ومحددات نجاح الإعلام الإليكتروني المعاصر ،ودوره في دعم الفن الراقي؟
– أزمة كورونا كان لها دور فعال في نجاح الإعلام الإلكترونى بوصوله إلى كافة الناس ، ففى أوقات الحظر فى العالم كله ظهرت المعارض الالكترونية فأصبحنا نشترك فى معرض واحد مع كل فنانين العالم مما زاد انفتاحنا على ثقافات الشعوب المختلفه ،كما إزداد اهتمام الناس بتتبع ومشاهدة هذه المعارض وخاصة وأنها تصلهم فى أماكنهم مما ساعد على انتشار الفن بين الناس وأصبحوا يتساءلون إذا كان فى إمكانهم تعلم الرسم وأين يتجهوا ،كما اصبحوا يميزون بين الفن الجميل والفن الآخر بل وأصبح لديهم رؤية فنية نقدية.
(تجارب حياتيه)
* ما هي أهم نصائحكم وخلاصة تجاربكم الحياتية لجيل الشباب؟
– على الشباب أن لا يتخلوا عن احلامهم ويسعوا لتحقيقها والعمل عليها بالاجتهاد والمثابرة والمحاولة والتمسك والأمل واليقين بأنه سيصل يوما ما “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى”صدق الله العظيم.