من اسمه هو حوار بين مختلف التيارات “الوطنية” بلا استثناء، مثلما ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة، ومن ثم يكون الحديث عن الجماعة الإرهابية التي تحاول دس أنفها في أي مشهد غير ذي معنى، فقد لفظها الشعب في الثلاثين من يونيوبعد أن كشفت عن وجهها القبيح خلال العام الذي تولت فيه حكم البلاد.
المجال هنا لايتسع لاستعادة مايعلمه القاصي والداني من تاريخ أسود بون قلوبهم وعقولهم، فما قامت به “الجماعة” سواء وهي في موقع السلطة أو بعد أن أخرج لها الشعب الكارت الأحمر من ممارسات إرهابية لترويع المواطنين وضرب استقرارهم في مقتل لايمكن نسيانه أو التسامح فيه، فقد تعهدوا بأن يشعلونها ناراً.. وإما أن يحكمونا أو يقتلونا.
كانت مهمة تخليص الوطن من الجماعة التي حاولت “التمكين” أولاً عبر الإستحواذ والسيطرة على كل مفاصل الدولة ثم فرض منهجها وأفكارها على الناس بالقوة ولا مجال للخروج عن النص أو التفكير خارج دماغهم، ودعك من الحريات والديموقراطية والكلام الناعم لزوم الضحك على البسطاء، فقد أثبتت التجربة العملية أنها مجرد شعارات خادعة وليتهم نجحوا حتى في هذا التضليل بل فشلوا فشلاً زريعاً وكشفهم الناس مبكراً .. ومبكراً جداً.
وفي الوقت الذي يتحدثون من على مقاعد السلطة حديثاً معسولاً ناعماً، كانت الجماعات المسلحة “الميلشيات” الجناح العسكري للجماعة تعيث في الأرض فساداً وقتلاً وتخريباً لفرض السيطرة وسياسة الأمر الواقع وإرهاب الخصوم من ناحية والتمهيد لمخطط عزل سيناء من ناحية أخرى لتحويلها الى “إمارة إرهابية” تكون بمثابة قاعدة لاستهداف ــ وابتزاز ــ دول المنطقة.
الكلام كثير والمساحة لاتتسع لما جرى خلال تلك الفترة الزمنية الأخطر في تاريخ الوطن، فقد كانت معركتنا من أجل البقاء بعد أن قررت الجماعة بالتنسيق والتعاون مع حلفائها بالخارج القضاء على أم الدنيا بتاريخها وحضارتها وتأثيرها في محيطها العربي والأفريقي لكن الشعب المصري كان لها بالمرصاد.
***
مفهوم الحوار بشكل عام يكون قوى وطنية هدفها التواصل المباشر واجراء النقاشات للوصول في نهاية المطاف الى توافق بين المتحاورين سواء من الأحزاب السياسية أو التيارات المختلفة بهدف الوصول الى حلول مثلى ورؤى جماعية حول القضايا الوطنية التي تشغل بال الناس لتوفير مستقبل أفضل والإرتقاء بمستوى معيشة المواطنين.
بهذا المنطق أو تلك الرؤية يصبح الحديث عن الجماعة المارقة التي سعت ــ ومازالت تسعى ــ بكل ما أوتيت من قوة لضرب الوطن وأمنه واستقراره بلا معنى أو منطق، فكيف تشارك في حوار من أجل مستقل وطن هي لاتريد له مستقبل من الأساس، فمرشدهم صاحب مقولة “طز في مصر” وقياداتهم كانت ومازالت تسعى لنشر الخراب في ربوع الوطن.
دعك من الماضي البعيد والقريب الذي لم يكن فيلماً سينمائياً بل مسلسل حقيقي من واقع الحياة عشنا حلقاته “حلقة حلقة” وتجرعنا مرارته بأنفسنا لحظة بلحظة، كيف استهدفوا مؤسساتنا الوطنية وأسالوا دماء خيرة أبنائنا من شباب الوطن ونفذوا كل المخططات الشيطانية التي لاتخطر على الجن الأزرق لاسقاط البلاد وإدخالها في آتون حرب أهلية لاتحرج منها أبداً.
دعك من القديم بكل مافيه من مرارة وتعالى الى المخططات التي لاتتوقف والمحاولات المستمرة لنشر الأكاذيب والشائعات بالداخل والخارج مستغلين السوشيال ميديا للطعن في كل شيء، بداية من القرارات السياسية والإجراءات الحكومية وانتهاء بمبارايات الكرة والخطف بشكة الدبوس وغيرها.
انهم يحاولون دائماً للتشكيك في كل شي، بإعتبار ذلك الطريقة المتاحة أمامهم الآن للتواجد في المشهد، وفي ذات الوقت ارسال رسائل “وهمية” لأولياء نعمتهم بالخارج بأنهم موجودون حتى لايتوقف الدعم وتستمر حقائب الدولارات التي جعلتهم يعيشون في رغد يحسدهم عليه أمراء المخدرات وتجار السلاح وغيرهم من عتاة الإجرام في العالم.
من هنا كانت الرسالة واضحة وضوح الشمس بأنهم غير مرحب بهم في أي نقاش فقد لفظهم الشعب في الثلاثين من يونيوعندما خرجت الملايين الى شوارع المحروسة من أجل إسعادة الوطن بعد تم اختطافه في غفلة من الزمن، ولامكان ــ أو مجال ــ لمن باعوا وقتلوا وحرقوا ومازالت أياديهم ملوثة بدماء الأبرياء.
حوارنا بين أطراف وطنية قد تختلف أحياناً في التفاصيل ولكن تتفق دائماً على حب الوطن، ولامكان أو مقعد للخونة والقتلة ومصاصي الدماء.