أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة سياسات تحت عنوان “الأبعاد الاجتماعية لسياسات الحماية الاجتماعية فى مصر” وذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول يرصد ملامح وأبعاد السياسات الاجتماعية المتبعة فى مصر، والمحور الثانى يسلط الضوء على نتائج السياسات المُتبعة بناء على توزيعات الدخل والإنفاق، بينما يتناول المحور الثالث مقترحات لتعزيز كفاءة الحماية الاجتماعية فى ضوء المستجدات العالمية، بما ينعكس على الإنفاق على الجانب الاجتماعى المستهدف.
ترصد الورقة أهم برامج الحماية التى أطلقتها الحكومة المصرية لاستيعاب أكبر قدر ممكن من صدمة التضخم الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الراهنة جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات فيروس كورونا، وذلك فى ضوء اضطراب سلاسل الإمداد والغذاء، ومن ثم خفض الناتج الفعلى المحقق خلال العامين 2020-2021، وتراجع مستويات الدخول لدى العديد من الشعوب، وهو ما دفع القيادة السياسية إلى سرعة إجراء تدخلات سريعة من خلال برامج الحماية الاجتماعية لاستيعاب الجزء الأكبر من صدمة ارتفاعات الأسعار عالميًا ومحليا.
سلطت الورقة الضوء على حرص القيادة السياسية على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتوفير كل السبل لضمان حياة كريمة لهم، وذلك فى ضوء التوجيهات بتوفير نحو 11 مليار جنيه إضافية لتخفيف الأعباء الاقتصادية الصعبة عن المواطنين، من خلال تطبيق الإجراءات التالية:
– زيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” بضم مليون أسرة جديدة للبرنامج، ليرتفع عدد المستفيدين من المواطنين إلى أكثر من 20 مليون مواطن على مستوى الجمهورية.
– صرف مساعدات استثنائية لعدد 9 مليون أسرة لمدة 6 شهور قادمة، بتكلفة إجمالية حوالي مليار جنيه شهرياً للأسر الأكثر احتياجاً ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه، وأيضاً من العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب أقل من 2700 جنيه شهرياً.
– زيادة عدد المنافذ والكميات المعروضة فى الأسواق من السلع الضرورية لتعزيز الأمن الغذائي.
– التوسع في طرح كراتين السلع الغذائية المدعمة بنصف التكلفة للأسر الفقيرة والأمهات والأطفال ، وبواقع عدد 2 مليون كرتونة شهرياً، بحيث يتم توزيعها من خلال منافذ القوات المسلحة.
– قيام وزارة الأوقاف بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي بتوزيع لحوم الأضاحي على مدار العام.
– قيام وزارة المالية بتوفير الموارد المالية اللازمة في هذا الصدد، والبالغ إجماليها حوالي 11 مليار جنيه.
أكد د. صلاح هاشم مستشار وزيرة التضامن للسياسات الاجتماعية ورئيس منتدى “دراية”، أن خطة الإصلاح الاقتصادي التى اتبعتها الحكومة المصرية وازنت بين الإجراءات الاقتصادية والبرامج الحمائية، مما ساهم فى تخفيف وطأة وحدة التقلبات الاقتصادية منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى عام 2016 وتخطى أزمة كورونا والتى مازالت لها تبعات على المستويين المحلى والدولى.
أشار إلى أن برامج الحماية استهدفت تحقيق أمان اجتماعى للمواطن من خلال دعم وحماية الأسر الفقيرة ورعاية محدودى الدخل ورفع مستوى معيشتهم وتحسين مستوى الخدمات التى تقدم لهم، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الأهلى ومشاركته فى تحقيق تنمية حقيقية للمجتمع وتوفير المرونة اللازمة له للقيام بدوره.
ذكرت الورقة أن مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فى الموازنة العامة للدولة بلغت نحو 356 مليار جنيه عام 2022/2023 مقابل 311.5 مليار جنيه عام 2021/2022 بنسبة زيادة 14.3%. فبلغت المخصصات المالية لدعم السلع التموينية والخبز نحو 90 مليار جنيه مقارنة بنحو 87.2 مليار جنيه فى الموازنة الحالية.
كما أشارت إلى أن المخصصات المالية لبرنامج تكافل وكرامة بلغت نحو 22 مليار جنيه بما يسمح بتقديم دعم نقدى شهرى لنحو 4 مليون أسرة متضمنة 450 ألف أسرة جديدة للبرنامج. كما بلغ عدد أصحاب المعاشات الاجتماعية نحو 10 ملايين و825 ألفا و163 صاحب معاش ومستحق له، وزاد عدد المؤمن عليهم في منظومة التأمينات الاجتماعية 14 مليونا و159 ألفا و414 مواطنا حتى بداية يوليو 2022 .
تضمنت الموازنة العامة للدولة خلال العام المقبل 2023 زيادة مخصصات الأجور والتعويضات للعاملين بنحو 43 مليار جنيه وقد حظيا قطاعى التعليم والصحة بالجزء الأكبر بزيادة قدرت بنحو 1.5 مليار جنيه، فيما بلغت مخصصات المعاشات 13% لضمان زيادة حقيقية فى دخول الأفراد لعدد نحو 10 مليون بمخصصات قدرت بنحو 190.6 مليار جنيه خلال العام المالى 2022/2023.
كما تضمن الموازنة العامة للدولة الاستمرار فى تمويل مجموعة من المزايا المالية للعاملين بالقطاعات الحيوية الخاصة بقطاعى التعليم ماقبل الجامعى والبحث العلمى وكذلك العاملين بالقطاع الصحى بتكلفة تزيد عن 3.6 مليار جنيه .
أوضحت ورقة السياسات أن الدولة انتهجت سياسات حمائية لفئات مجتمعية أولى بالرعاية من خلال استهدافها لتطبيق العديد من البرامج التى تعزز من فرص التنمية ولعل أهم هذه الحزم التحفيزية ما يلى: “دعم فائدة القروض الميسرة – دعم برنامح الإسكان الاجتماعى – حفز الأسواق على الانتقال نحو المنافسة ومنع الممارسات الاجتماعية – دعم تنشيط الصادرات -دعم برامج توصيل الغاز الطبيعي للمنازل – دعم برنامج صندوق تمويل المركبات – دعم النقل الجماعى والسكك الحديدية ومترو الأنفاق”.
على صعيد نتائج السياسات المتبعة على توزيعات الدخل والإنفاق، أكدت الورقة أن توزيع وتغطية البطاقات التموينية يتركز على نحو تغطية تبلغ 84% من سكان الريف ونحو 74.9% فى الحضر بتغطية نسبتها 74.9% من الأسر، كما أن دعم الغذاء أسهم فى خفض نسب الفقر بنحو 3% ، ودعم المواد البترولية خفض نسب الفقر بنسبة 4.3% في المتوسط، فضلا عن أن دعم الكهرباء للمنازل ساهم فى خفض نسب الفقر بنسبة 2.8% في المتوسط، وهو ما يعنى أن دعم الطاقة والغذاء يمثلان تأثيراً بنسبة تتخطى 10% على معدلات الفقر.
أخيراً، أوصت الورقة بعدد من المقترحات بهدف تعزيز كفاءة الحماية الاجتماعية، ومن أبرزها التحقق من الجدوى الاقتصادية للمشروعات، والمتابعة والرقابة الشعبية على المشروعات المحلية، وإحكام الرقابة على الأسواق، والعمل على استهداف معدلات الفقر فى الريف خاصة مع زيادة الفئات الأمية بين النساء.