الى أين تأخذنا السوشيال ميديا؟!
ذات صباح استيقظنا على تلك الظاهرة الجديدة “وقتئذ” والتي تحولت فيما بعد الى كابوس مرعب.. بدأت بصفحات شخصية لعدد من النجوم وباتت بمثابة منصات إعلامية “خاصة” تنشر كل شيء عن النجم، من أجل الدعاية له والترويج لأعماله الفنية وأيضاً لـ “تلميع نفسه” أو الرد على خصومه بالطرق الشرعية وغير الشرعية مع استخدام عبارات وألفاظ يخجل الإعلام “المحترم” من التدني والهبوط إليها.
ومن باب التقليد امتد الأمر سريعاً للآخرين سواء المشاهير أو حتى الأشخاص العاديين وأصبح للكثيرين صفحاتهم وقنواتهم الخاصة يطلون منها على مريديهم ولو كانوا حفنة معدودة من الأصدقاء يزيدون مع الوقت، خاصة إذا فهموا قواعد اللعبة المتمثلة في نشر الأمور المثيرة والغريبة مثلما يفعل “نمبر وان” وغيره مع التركيز على الأمور الشخصية التي يعشقها ويتابعها الجمهور اضافة الى الإنحياز التام، يميناً أو يساراً لايهم ، تلك هي القواعد الرئيسية لتحقيق المزيد من الإستقطاب ومعه التعليقات واللايكات.
هذا اللون من الإعلام الموازي بات مخيفاً لأنه متاح على مدار الأربع وعشرين ساعة ولايتوقف عن الخوض في جميع الموضوعات الشائكة ــ والغريبة ــ وتمثل تهديداً لثقافتنا وهويتنا، وهو إعلام موجه يسير حسب ميول وهوى مالك الصفحة الذي يأخذه الشطط سواء بحسن نية أو بصور متعمدة لجذب أكبر عدد من المتابعين بنشر معلومات من اجتهاده قد تكون خاطئة “وتؤدي الى حالة من البلبلة في مختلف الإتجاهات والقضايا السياسية والفنية والرياضية.
وبقدر”الهبد” ــ ومعذرة لإستخدام اللفظ ــ و”الخبط” والتشويه في الخصوم “أو المنافسين” تكون المتابعة وحجم الجمهور الذي لاتستهويه أو تجذبه الموضوعات التقليدية الهادئة ويبحثون دائماً عن الإثارة حتى لو من خلال الخوض في الأمور الشخصية ولاعزاء لمن يبحثون عن المهنية والتزام الحياد فليس لهم مكان وسط هذا المناخ أو تلك الأمواج الهادرة.
إننا نعيش أهم ــ وأخطر ــ مراحل الإعلام، ففي حين أن السوشيال ميديا تعمل بلا قيود أو ضوابط، فإن الإعلام التقليدي “الرصين” في المقابل مازال يجاهد من أجل الحفاظ على المعايير المهنية خاصة تلك التي تتعلق بالحياد والموضوعية من ناحية ومراعاة متطلبات الأمن القومي من ناحية أخرى فيما يتعلق بالموضوعات والقضايا الحساسة التي قد تأخذ المجتمع في اتجاه غير مطلوب في مرحلة من المراحل، وإن كانت لنا الكثير من الملاحظات على أدائه ليس مجالها الآن.
***
نظرة سريعة على مايحدث بالساحة الرياضية تؤكد خطورة السوشيال ميديا ودورها الملموس في إشعال التعصب الكروي بصورة غير مسبوقة خاصة بين القطبين الكبيرين “الأهلي والزمالك”، والذي سرعان ما انتقل الى البرامج الرياضية في ظل حرص الكثيرين على إرضاء الجماهير التي ينتمي إليها ولو على حساب الحقيقة التي لم تعد هدفاً لقطاع عريض من الإعلاميين الرياضيين وبعضهم يجهلون قواعد النقد ودخلوا ــ أو تسللوا ــ الى الإعلام من الأبواب الخلفية.
الحكاية أصبحت سخيفة ولا أمل في وحصارها والحد منها ومواجهتها بصورة جادة إلا من خلال رفع مستوى الوعي لدى المتلقي وهو أمر ليس سهلاً ولايمكن الرهان عليه في ظل تلك الحالة غير المسبوقة من الإستقطاب والنفخ المتواصل في الكير بين جمهور الفريقين “وغيرهم” بصورة متصاعدة وعلى مدار الساعة.
وبين الأخذ والرد والمناوشات المتواصلة بين الجماهير من خلال تلك الصفحات الشخصية “القنوات” تحدث الكثير من المشاحنات والضغائن التي تصل أحياناً الى حد القطيعة بين أبناء البيت الواحد، بإعتبار أنه لايخلو بيت من أهلاوي وزملكاوي، رغم أن القصة كلها لاتعدو كونها مباريات في الكرة والخاسر اليوم وسيفوز غداً.
القصة متشابكة ومعقدة وتحتاج الى مبادرات لنبذ التعصب و”التحفيل” وعودة الروح الرياضية والعلاقات الطبيعية واحباط الفتن المتواصلة بين الناديين الكبيرين .