مخطيء من يتصور أن هموم أو ضغوط طلاب الثانوية العامة تنتهي بإعلان النتيجة، فالضغوط الأكبر ــ والأهم ــ تبدأ منذ تلك اللحظة حتى يتم تحديد المصير والإستقرار على اسم الكلية، والمشوار طويل وشاق ومستمر حتى دخول الجامعة.
الضغوط الحقيقية تتمثل في الحيرة التي تصيب الكثيرين لاختيار الكلية المناسبة، والمواءمة بين رغباتهم الشخصية وأحلام الأسرة، في ظل ثقافة المجتمع والمصطلح السائدة والمتداول بين الحاصلين على الثانوية العامة وأولياء أمورهم والمتمثل فيما يسمى “كليات القمة.
تلك الإشكالية ــ أو الأزمة ــ التي يعيشها كل بيت به أحد الطلاب الحاصلين على الثانوية، ففي الغالب يتمنى ويسعى الآباء والأمهات لا لحاق أبنائهم بكليات مرموقة ذات اسم لامع بينما يفكر الجيل الجديد بمنطق ورؤية أخرئ مختلفة قد تكون عملية أكثر ومناسبة للمرحلة التي نعيشها، وهو مايزيد الضغوط على الطرفين مع بدء التقدم بالرغبات لمكتب التنسيق.
بالتاكيد تلك المرحلة المتأزمة يعيشها كل بيتفي تلك المرحلة المهمة والمفصلية، بعد أن انهيت الإمتحانات بحلوها ومرها ولم يعد أمامك إلا الخطوة الأخيرة المتمثلة في تسجيل رغباتك في الكليات التي ترغي في الإلتحاق بها.
عليك أن تفهم أن حصولك على الثانوية بأي مجموع ليس نهاية المطاف بل مجرد بداية لتحديد مصيرك.. لامجال للاحباط ان كان المجموع قد خذلك، ولابد أن تعلم أن هناك من حصلوا على الدرجات النهائية في الثانوية ومضت السنون ولم يحققوا النجاح بالصورة المرجوة، بينما نجح آخرون رغم مجموعهم الأقل نسبياً لأنهم قرروا مواصلة التحدي وعدم الإستسلام للإحباط، ليلحقوا بما لم يحققوه في الثانوية خلال المرحلة الجامعية.
القمة الحقيقية تصنعها أنت باجتهادك على مدار سنوات الدراسة الجامعية وبعد التخرج في حياتك العملية، وعدم دخولك هذه الكلية أو تلك ليس نهاية العالم ولكن اختيارك الخاطيء الذي يتعارض مع رغباتك وقدراتك هو نهاية العالم بالنسبة لك، لأنك قد تجد صعوبة في شق طريقك بالجامعة أو فيما بعد خلال مشوار الحياة.
***
بحلول عام 2030م سيشهد العالم اختفاء الكثير من المهن وظهور وظائف أخرى غريبة لم نسمع عنها من قبل، هذا ما تنبأت الدراسات العلمية ومنها دراستان صادرتان عن هيئة المنح الدراسية الكندية والحكومة البريطانية بظهور وطغيان الروبوت كقوة أساسية وفاعلة في سوق العمل ليستحوذ على أكثر من ثلاثين بالمائة من عدد العاملين بجميع الأنشطة والمجالات بدءاً من المطاعم وأماكن التسلية والمقاهي وانتهاء بالصناعات الثقيلة وغزو الفضاء.
هذا الوضع الجديد الذي بات على مرمى حجر سيؤدي الى ظهور وظائف لم تكن معروفة في السابق وتتناسب مع المرحلة مثل فني صيانة الروبوت ومعالج ومدرب الروبوت وكذلك مصمم أزياء للروبوت وغيرها من الأنشطة التي سيتم استحداثها حسبما تستدعي الحاجة وستسحب البساط تدريجياً من تحت أقدم البشر.
هذا الروبوت سيكون في كل موقع ومكان، ومثلما يحمل كل منا الموبايل الخاص به سيمتلك أيضاً الروبوت الخاص الذي يساعده في انجاز كل شيء، من المهام المنزلية الخاصة بربة البيت الى كافة الأمور الحياتية وربما الجلوس معك على المقهى ليطرح عليك فكرة أو حتى نكتة.
كما سيظهر المهندس الروبوت والمحامي الروبوت والضابط الروبوت والمعلم الروبوت الخ، وقد أظهرت الأزمة الأخيرة وانتشار جائحة كورونا حول العالم أنه يمكن الإستغناء بنسبة كبيرة عن المعلم التقليدي والإستعاضة عنه ببرامج مسجلة والتوسع في نظام التعليم عن بعد.
هذا التطور العلمي المذهل في عالم الوظائف والذي بات على بعد خطوات ــ أو سنوات ــ قليلة يستدعي اعادة النظر في طريقة تفكيرنا، فسوق العمل في المستقبل سيختلف بصورة جذرية وكليات القمة في الماضي لن تكون كذلك في المستقبل.. والمستقبل القريب جداً.