تخيل تبقى قاعد في أمان الله وتقرأ أو تسمع خبر وفاتك وتتابع حزن وآلام أهلك وأصدقائك وأنت مازلت على وش الدنيا، مثلما يتكرر يومياً مع المشاهير وآخرهم الفنانة القديرة “عفاف شعيب” التي أصيبت بالصدمة وهي تتلقى العزاء تليفونياً في نفسها، وتساءلت عن الهدف الذي يعود على من ينشر هذه الأكاذيب واصابة أصدقائها ومحبيها بالحزن
الغريب والمثير والمؤسف أن المواقع المتخصصة في نشر الشائعات تتفنن في اختيار العبارات المثيرة التي تحقق الهدف وتصيب المتلقي بالهلع لجذب الإنتباه وزيادة الإقبال ومن ثم ارتفاع العائد المادي المتوقع نتيجة زيادة القراءات أو المشاهدات.
هناك مواقع تتنفس كذباً وتدليساً وتتاجر بآلام الناس وتحقق أرباحاً طائلة من وراء نشر الشائعات أو حتى التلاعب بمضمون الأخبار حتى تبدو على غير حقيقتها، هذا لو افترضنا حسن النية بإعتبار أن هناك شائعات مقصودة لإحداث حالة من البلبلة بين الناس لأسباب لاتخفي على أحد.
وحتى طريقة نفي الخبر “الشائعة” ــ لو كلفوا أنفسهم بنشر النفي ــ يتم صياغته بطريقة هلامية أيضاً لتحقيق نفس الغرض، على طريقة “وفاة النجم الفلاني تحدث زلزالاً في الوسط الفني” ثم نكتشف أنه لم يمت من الأساس وهو مانسميه تدليساً ويتنافي مع قواعد المصداقية التي يقوم عليها الإعلام النظيف المحترم.
المشكلة الأكبر تأتي عندما تتعامل بعض المواقع الالكترونية التي لا تلتزم ــ وربما لاتعرف ــ ضوابط النشر مع الشائعات على أنها أخبار وتتسابق في إعادة نشرها دون التأكد من صحة المعلومة المنشورة مما يساهم في نشر تلك الأكاذيب على نطاق واسع وخلال ساعات معدودة.
ورغم أن المتلقي يكتشف بسهولة زيف تلك المواقع مع تكرار الكذب لكن ذلك لايغير من الواقع أو يحد من دورها في نشر الشائعات، في ظل ثورة الاتصالات غير المسبوقة واستخدام وسائل التواصل التي تحولت الى منصة سهلة وسريعة لاطلاق الشائعات، التي تأتيك اجبارياً ودون بحث أو طلب من جانبك.
***
هذا القدر الكبير جداً من الشائعات الذي نراه ونتابعه بصورة شبه يومية وبكل الوسائل المتاحة ليس فقط من قبيل المصادفة أو بهدف تحقيق الأرباح الطائلة أو حتى نتيجة مشاركة بعض الأخبار المدسوسة بحسن نية، فهناك على الجانب الآخر وبنفس القوة ــ وربما أكبر ــ مخطط واضح المعالم يسعى لإحداث حالة من البلبلة الدائمة في المجتمع فلا يمر يوم الا وهناك شائعات جديدة بأهداف خبيثة.
ومن ثم فإن القضية تتعلق في جانب كبير منها بحالة الوعي لدى المتلقي، لأن قيامك بـ “الشير” لمثل هذه النوعية من الأخبار ومن مواقع مجهولة على صفحتك بالفيس بوك أو تويتر لايقل خطورة أو تأثيراً عن النشر في الموقع أو حتى الصحيفة فالنتيجة في النهاية واحدة وتمثل مشاركة في نشر الشائعات حتى لو بدون قصد.
ومع ذلك يبقى الاعلاميون في صدارة المشهد وعليهم دور وواجب وطني في التصدي لهذا الأمر بالحرص الشديد وهم يتعاملون مع المعلومات المدسوسة وعدم استدراجهم الى نشر أخبار كاذبة والتسرع في نقلها للمتلقي قبل التأكد من صحتها.
أيمن عبد الجواد
[email protected]