أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية بعنوان “أداء القطاع الصحي في مصر: السياسات والتحديات” بهدف التعرف على السياسة الصحية في مصر واستراتيجيات تطبيقها ومؤشرات القطاع الصحي وجهود الدولة في مجال الرعاية الصحية، وأخيرا تقديم مجموعة من المقترحات لتفعيل الاستراتيجيات الصحية.
رصدت الورقة البحثية أداء القطاع الصحي فى مصر من خلال أربعة محاور، الأول: ملامح السياسة الصحية، الثاني: مؤشرات عن القطاع الصحي، الثالث: جهود الدولة في مجال الرعاية الصحية، الرابع: مقترحات لتفعيل الاستراتيجيات الصحية في مصر.
أكدت الورقة البحثية أن السياسة الصحية في مصر ترتكز على تدعيم خدمات الرعاية الصحية الأساسية وتوفيرها بالمناطق المحرومة لمواجهة الاحتياجات الأساسية لجميع فئات المجتمع خاصة الأم والطفل، وتوسيع قاعدة المشاركة في التكاليف المتزايدة للرعاية الطبية، فضلا عن تشجيع الإنتاج المحلى لتلبية احتياجات المواطنين من الدواء والأمصال ووسائل تنظيم الأسرة والمستلزمات الطبية والمعملية، إلى جانب تنمية الموارد البشرية الصحية بجميع فئاتها كماً وكيفاً وتأكيد حسن استخدامها وعدالة توزيعها لمواكبة التطورات العلمية والتقنية المتلاحقة وضمان جودة الأداء.
من جانبه، أوضح د. صلاح هاشم مستشار وزيرة التضامن ورئيس منتدى “دراية”، أن الدولة حرصـت فـي رؤيتهـا للتنمية المستدامة “رؤيـة مصـر 2030 “علـى ضـمان جـودة الخـدمات الصـــحية المُقدَّمـــة، وأن يتمتـع كـل المصـريين بحيـاة صـحية ســليمة آمنــة مــن خــلال تطبيــق نظــام صـحي متكامــل يتميــز بالإتاحــة، والجــودة، وعــدم التمييــز، وقــادر علــى تحســين المؤشرات الصحية عن طريــق تحقيــق التغطيـة الصـحية الشـاملة لجميـع المـواطنين، ولتكـون مصـر رائـدة فـي مجـال الخـدمات والبحوث الصـحية عربيا وإفريقيا.
أشار “هاشم” إلى أن إجمالي قيمــــة الإنفاق العام علـى قطـاع الصحة بموازنة العام المالي 2021/2022 بلغ حوالي 108.8 مليار جنيه، بمعدل زيادة بلغ 15.3 مليار جنيه (أي حوالي 16%) عن مخصصات القطاع الصحي فى العام المالي 2020/2021 الذى بلغ حوالي 93.5 مليـار جنيـه، كما بلغت نسبة الإنفاق العام على الصحة من إجمالي الإنفاق العام في مصر أعلى قيمة لها 5.5% في موازنة عام 2020/2021.
أكد أن الدولة اتخذت منظومة التأمين الصحي الشامل كخطوة جديدة من خطواتها المتسارعة لتطوير المنظومة الصحية، وتلبية احتياجات المواطنين الطبية بشكل متكامل وعلى أعلى مستوى حيث تتحمل الدولة تكلفة تتراوح ما بين 80 إلى 120 مليار جنيه، وذلك على 6 مراحل على مدار 15 عاما بداية من 2019، مضيفا أنه منذ إطلاق المنظومة، بلغت تكلفة تطوير البنية التحتية والمعلوماتية في نظام التأمين الصحي حتى الآن ما يزيد على 51 مليار جنيه، وتم تقديم أكثر من 6 ملايين خدمة صحية، وأكثر من 82 ألف جراحة متقدمة بمحافظات المرحلة الأولى.
كشف رئيس منتدى “دراية” أن المبادرات الصحية الرئاسية قد ساهمت وبشكل ملحوظ في تغيير المنظومة الصحية في مصر، حيث عملت على تعزيز النظام الصحي ومعالجة ما به من اختلالات جاءت كنتيجة للإهمال الصحي التي تعرض له المواطن المصري لعشرات السنين، وقد ساهمت تلك المبادرات في تحقيق الرعاية الصحية الشاملة، من خلال الكشف المبكر عن مختلف الأمراض وتقديم العلاج بالمجان.
أوضحت الورقة البحثية أن إجمالي عدد المستفيدين مـن التـأمين الصـحي بلغ نحو 57 مليون مواطن حتى عام 2020، وقُدرت عــــدد المنشــآت الصحية التابعة للقطاع الحكومي والخاص في مصر حوالي 2034 منشـــــأة عام 2020، وبلغت تكلفــة تطـوير البنيـة التحتية والتجهيزات الطبيـة بعـدد 18 مستشفى جامعي نموذجي شاملة أقسام ومستشفيات الطوارئ 2.7 مليار جنيه.
ذكرت الورقة أن تكلفة علاج 2.9 مليون مريض على نفقة الدولة في الداخل خلال عام 2020 قُدرت بحوالي 8.9 مليار جنيه، كما بلغت التكلفة الإجمالية المُنصرفة للمبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس “ســي” والأمراض غير السارية 3.8 مليار جنيه.
كما أشارت إلى ارتفاع عدد الأطباء البشريين القائمين بالعمل عام 2020 ليصل إلى 74.9 ألف طبيب بعد أن كان 71.2 ألف عام 2014، ليبلغ معدّل الأطباء 2.8 لكل 1000 نسمة في مصر ، وهو يُعد أفضل مما هو متاح في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي، بينما يتساوى معدّل التمريض 2.3 لكل 1000 نسمة في مصر مع معدّلاته في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
فيما يتعلق بمعدّل الأسرّة، أوضحت الورقة أنه يبلغ نحو 1.3 سرير لكل 1000 نسمة،وهو أقل من المعدّل فى دول مجلس التعاون الخليجي الذى يصل إلى 1.8 لكل 1000 نسمة، ومن المعدّل فى منطقة الشرق الأوسط الذى يصل إلى 1.9، الأمر الذى يتطلب قدراً كبيراً من الاستثمارات لمواكبة المعايير الإقليمية.
أشارت الورقة إلى أنه نتيجة للجهود المصرية في قطاع الصحة، حصلت مصر على تقييم متقدم على مستوى إقليم الشرق الأوسط في التقييم الخارجي،(IHR-JEE) المشترك للوائح الصحية الدولية والذي قامت به لجنة من الخبراء الدوليين حيث أشادت بخبرات وقدرات مصر في مجالات الصحة العامة اللازمة لتطبيق اللوائح الصحية الدولية.
أخيرا قدمت الورقة البحثية بعض المقترحات بهدف تحسين أداء القطاع الصحي في مصر، والتى كان أبرزها ما يلي:
ضمان إتاحة الخدمات الصحية الأساسية للجميع، مع توفير الحماية من المخاطر المالية الناتجة عن الإنفاق على الصحة، حتى لا تكون العوائق المالية مثل أتعاب الأطباء، أو أسعار الأدوية فوق طاقة الأفراد أو العقبات الصحية الجيدة حائلاً أمام الحصول على الخدمات اللازمة مثل الحواجز الجغرافية، والحواجز المعلوماتية.
تعزيز دور الحكومة في تقديم خدمات الصحة العامة، وفي زيادة الاستثمارات لتصويب حالات الإخفاق في السوق من أجل تحسين سلامة هذه الخدمات، فضلا عن توفير تمويل حكومي كافٍ لإجراء بحوث عالية الجودة تدعم تحقيق أهداف الصحة العامة.
ضمان وجود إطار وطني فعال للحوكمة ليشمل القطاعات المتعددة للصحة، ولمعالجة التفتت في القطاع الصحي، حيث تحتاج السياسات والاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية إلى تعزيز دمج القطاعات المختلفة للصحة في إطار عام للحوكمة تتوافر له المقومات والأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المناسبة.
تعزيز الشفافية والمساءلة فيما يتعلق بصنع القرار، واستغلال الموارد، ونشر النتائج، وضرورة مشاركة اﻟﻤﺠتمع المدني مشاركة فاعلة في عملية الرصد والمتابعة لآداء القطاع الصحي في تنفيذ خطط التطوير.