أحمد معوض
لفت نظري وجود اثنين من “الجيت سكي” في منطقة محددة من شاطئ المعمورة، فدار في ذهني سؤال مهم للغاية: هل تستخدم هذه الماكينة نصف العملاقة في وسائل الترفيه فقط، كالموزة وخلافه، أم أن لها دور لا أعلمه أو بالأدق لم أشاهده أو تصادف حدوثه أمامي؟ ولكن ثمة شيء بداخل أخبرني بأن وراء هذه الآلة حكاية أكبر.
اقتربت من شاب
لونت الشمس بشرته باللون الأسمر المصري الأصيل كان يحاول إصلاح شيء ما في هذا “الجيت”، أخبرته عما كان يدور في خلدي، فأكد حسن ظني. راضي محمد يعمل منقذ على الشاطئ منذ عشر سنوات تقريبا. أخبرني بأن الوظيفة الرئيسية للجيت هي إنقاذ المصطافين من الغرق في أجزاء من الدقيقة.
راضي أكد أن حالات الغرق بفضل الله اولا وبفضل هذه الآلة ثانيا تكاد تكون صفرا. لأنه أصبح يستطيع قطع مسافة كبيرة من الشاطئ إلى أن يصل للحالة التي تستغيث في لمح البصر، كان قبل ذلك يحتاج إلى دقائق حتى يصل له أو لهم وانقاذهم. بالإضافة إلى أنه يصل إليهم بدون مجهود تماما وبالتالي يستطيع استخدام مجهوده العضلي في انتشالهم من بين براثن أمواج البحر المتلاطمة.
سألته لماذا لم تسلط الصحف او المواقع الضوء على الفكرة العظيمة هذه التي أمنت حياة آلاف المصطافين، قال لي لأننا في الغالب لا نتحدث في الإيجابيات، ولكن ستراهم يهرولون علينا عندما تقع المصائب لا قدر الله.
فوعدته أن أنشر قصته ورحلته وعمله، وأكدت له أن من واجبنا أن نسلط الضوء على النجاح قبل الفشل. وأن من صميم عملنا أن نبرز للجمهور نماذج مشرفه مثله ومثل زملائه الذين يقومون بالعمل نفسه.
وعن آخر محاولة إنقاذ قام بها، قال راضي إنه تلقى استغاثة من أحد الفنادق المجاورة له بأن هناك رجل وامرأة، تبين انها زوجته، يصارعان الموت على مسافة بعيدة جدا من مكان وجوده، فانطلق على الفور وهو وزميل له بجيت اخر نحو الهدف واستطاعا أن يصلان لهما في غضون أقل من دقيقتين، وبحمد الله كان الوصول في الوقت المناسب قبل أن يبلع الزوجان كمية كبيرة من مياه البحر أو يبتلعهما البحر.
كل التحية والتقدير لجنود مجهولة على شواطئنا.. تؤمن حياتنا للاستمتاع بلحظات سعادة نسرقها من الزمن.
أحمد معوض