أصدرت المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت رواية جديدة للكاتب سعد القرش، عنوانها «2067»، تشارك بها دار النشر ضمن إصداراتها في معرض الشارقة للكتاب المقام الشهر الجاري.
عنوان «2067» يحيل مباشرة إلى المستقبل، لكن الرواية تتساءل: أي مستقبل؟ وتبحث قضية الزمن، رصدا لجيل حلم بالتغيير ويعترف بالعجز، وجيل تال لم يشارك في الحلم القديم، وتوقف به الزمن، وناله ما نال الآباء الحالمون الكسالى من تآكل الأحلام، وتوالي الإحباطات، ولم يعد من هروب من الحاضر إلا باختلاق مستقبل، لعله يكون أكثر رحمة.
«2067» قصة حب طرفاها محام ومرشدة سياحية سابقة تبحث عن التحقق الشخصي عبر امتلاك مشروع لبيع التحف. كلاهما يعاني أزمة منتصف العمر وهو لا يدري، وتقرب بينهما مصادفة عابرة، ستكون الشرارة التي تذيب المسافات بينهما. فإلى أي مدى تتيح حياة بخيلة لهذا الحب أن ينشأ، وإذا نشأ فكيف وإلى أين يمضي والدروب غير مواتية؟
من أجواء الرواية:
ـ الانشغال لا يمنع أن أراك هنا بالنهار، ولو مرة. لما تحضر ليلا أشعر بالإهانة. من أحلامي أن أصحو فأرى وجهك، ولا أملك حق طلب بقائك للصبح. تعال في النور. ستعجبك الحديقة الخلفية، مشهد من خارج حي المنيل كله، ينقلك إلى أجواء مملوكية.
…
في النشوة، قال رشيد إنه يتخيل أحيانا أنهما لا يفترقان. يخرجان ويتسوقان ويسافران معا، ويقدمها إلى أصدقائه بفخر: «المدام».
عدلت سونهام صورة زوجها التي كفأها رشيد، كالعادة، كلما جمعتهما الحجرة.
ـ المدام! أنا؟
ـ نعم أنت.
ـ أتزوجك أنت؟
سعد القرش روائي مصري، أصدر ست روايات: «حديث الجنود» 1996، «باب السفينة» 2002، «المايسترو» 2019، وثلاثية أوزير: «أول النهار» 2005، «ليل أوزير» 2008، «وشم وحيد» 2011. وجاءت «أول النهار» في القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية (الدورة الأولى 2008). وفازت الرواية نفسها بالمركز الأول لجائزة الطيب صالح (الدورة الأولى 2011). وفازت «ليل أوزير» بجائزة اتحاد كتاب مصر (2009).
من أجواء الرواية أيضا:
قال رشيد إن البعض تواتيه فرصة أن يكون ما يريد، وألا يبقى كما يتخيله قدرا في اللوح المحفوظ. من يتنكر لحقه في الاختيار تُرهبنُه روحه. ولم تفهم سونهام، فحدثها عن فيلم «إيدا».
أنتج قبل نحو أربعين سنة. مخرجه البولندي اختار الأبيض والأسود لونين يحكمان أحداثه وبطلتيْه. الصغرى «إيدا» مشروع راهبة، نشأت في دير لم تغادره إلا لزيارة خالتها القاضية، آخر الأحياء من العائلة. الخالة أخبرت الصبية بأن عائلتها يهودية، وبدأتا البحث عن رفات الأسرة. ثم انتحرت الخالة، فتقمصت الفتاة شخصيتها. ارتدت فستانها، ودخنت سجائرها، وشربت خمرها من الزجاجة مباشرة، وراقصت موسيقيا شابا، مالت إليه، وخاضت معه تجربة حب أولى. اقترح الشاب اصطحابها حيث يقيم حفلا في مدينة ساحلية، وهي لا تعرف مكانا إلا الدير. قال إنها ستسعد بالموسيقى، ويستمتعان معا بالشاطئ. فسألته: ثم ماذا؟ أجاب: نتزوج وننجب أطفالا، ويكون لنا بيت. فسألته: ثم ماذا؟ أجاب: المشاحنة المعتادة.. الحياة. صمتت، وفي الصباح تركته نائما، وارتدت ثياب الرهبنة، وجذبها الدير.
ـ تراني أُشبه «إيدا»؟ كيف أبدأ الرهبنة في الأربعين؟