أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجود تصور شامل لبناء محطات تحلية المياه في المدن الساحلية الجديدة في مصر، مشيرا إلى أن تنفيذ هذه المدن العمرانية الجديدة يتم وفق تصور شامل لحماية الشواطئ المصرية.
وقال الرئيس السيسي، في مداخلة خلال كلمة وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الدكتور عاصم الجزار خلال افتتاح المرحلة الأولى من مدينة المنصورة الجديدة، اليوم /الخميس/ إن الدولة المصرية تمتلك الكثير من الخبراء والعلماء، وهذا ليس فقط وليد الحالة الراهنة بل هو ممتد منذ فترات زمنية سابقة وأن الدولة تفكر منذ زمن في حل المشكلات والتحديات التي تواجهها في مجال المياه، منوها إلى إنشاء الدولة للعديد من محطات تحلية مياه البحر في بورسعيد والجلالة والمدن الساحلية الجديدة وغيرها.
وأضاف أنه عندما نعمل كدولة في مشروع، يكون هناك تصور شامل للمسار الذي نعمل عليه، وأن هناك الكثير من الناس يعتقدون أن الاهتمام يكون بشكل المدينة فقط، وهذا ليس خطأ، لكن نحن نعمل بشكل مخطط متكامل لتحقيق الكثير من المطالب التي تحتاجها الدولة ومنها على سبيل المثال حماية الشواطئ.
ونبه الرئيس السيسي إلى أن الشواطئ المصرية وخاصة في منطقة الدلتا منخفضة وهي معرضة في حال ارتفاع منسوب سطح البحر إلى مخاطر محتملة خلال الخمسين سنة القادمة، لافتا إلى أن مشروع حماية الشواطئ المصرية له مساران الأول: يتمثل في عمل حاجز مياه وتكون تكلفته ملايين الجنيهات، أو اللجوء إلى إجراء واحد يحقق مجموعة من الأهداف، وذلك من خلال إقامة شاطئ ارتفاعه مترا ثم عمل طريق ارتفاعه مترا آخر.
وقال الرئيس السيسي “نحن نتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر خلال الخمسين سنة القادمة إلى متر أو مترين، ونستطيع أن نعمل على امتداد 200 أو 300 كيلو متر حواجز تكلفنا عشرات أو مئات المليارات من الجنيهات أو الدولارات من أجل حماية شواطئنا، والسكان الموجودين في منطقة الدلتا”.
ونبه الرئيس إلى أهمية الصبر والعمل في المرحلة الراهنة التي سترى نتائجها النور مستقبلا من أجل شباب مصر، لأن الاحتمال البديل هو أن نترك الأمور إلى ماهي عليه بما يعني ضياع الدولة.
ولفت إلى أهمية ضبط النمو السكاني مقارنة بالموارد المتاحة للدولة، وقال “إن مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والمواطنين لابد أن يكونوا معا من أجل ضبط النمو السكاني”، متسائلا : هل يرضي الله الصور التي نراها من زحام شديد للمباني في العديد من المناطق وبعضها غير مسكون مما يدل على أن هذه الوحدات السكنية الفارغة تزيد عن الطلب اللازم؟.
وأشار الرئيس السيسي إلى أن إنشاء محطة تحلية المياه الموجودة في مدينة المنصورة الجديدة يأتي في إطار خطة الدولة لبناء محطات تحلية على المدن المطلة على البحر المتوسط، بحيث تكون في النهاية مياه النيل مخصصة للاستخدام داخل محافظات الجمهورية غير الساحلية لمواجهة معدلات النمو السكاني المحتملة خلال الخمسين عاما القادمة.
ونبه الرئيس إلى تراجع معدل نصيب الفرد من المياه سنويا في مصر إلى 500 متر مكعب فقط، مؤكدا الحاجة لضبط معدلات النمو السكاني لمقابلة النمو المحتمل في الطلب على المياه خلال السنوات القادمة.
وأضاف: “إننا نسير وفق خطة دولة وتصورات الخبراء والعلماء المختصين ، وأن هذا التصور ليس وليد اللحظة وإنما كان موجودا في السابق وكانت الدولة تفكر فيه ولكن الظروف لم تكن تسمح بتنفيذ ذلك”.
ونوه الرئيس إلى أن المدن الساحلية الجديدة بها محطات تحلية مياه تكلفتها كبيرة، مشيرًا إلى أن مدن العلمين الجديدة وشرق بورسعيد والجلالة بها محطات تحلية كل محطة بقدرة 150 ألف متر مكعب يوميًا.
ووجه الرئيس السيسي حديثه إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قائلا: “هناك حاجة لمناقشة هذه الموضوعات المهمة خلال جلسات مجلس الوزراء من أجل تشكيل حالة فهم ووعي حقيقية لدى المواطنين”.
وأكد الرئيس السيسي، أنه عندما يتم الحديث عن الخطورة الكبيرة للمعدلات المرتفعة للنمو السكاني على مصر، فهذا ليس للترهيب، موجها حديثه لكافة مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الدينية متسائلا: هل يرضي الله ما وصلنا إليه الآن في مدن الدلتا والتي كانت تشهد منذ 100 عام تقدما وازدهار عمرانيا أفضل مما وصلنا إليه الآن بسبب النمو السكاني الكبير؟، وأجاب الرئيس مؤكدا ضرورة معرفة الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع حاليا حتى لا يتم اتهام الدولة بأنها غائبة عن المشهد، مشددا على ضرورة العمل بشكل جماعي ومتكامل بين كافة المؤسسات من أجل حل هذه المشكلة من أجل مصر التي يجب أن نهتم بها وأن يعمل الجميع من أجلها.
وأضاف أن النمو السكاني يقاس وفقا للموارد المتاحة لدى الدولة وهل مناسب أم لا؟، مشيرا إلى أن هناك ثلاث احتمالات لذلك، أولها أن تكون نسبة النمو السكاني أكبر من الإمكانات المتاحة مما يخلق حالة العوز، والاحتمال الثاني أن يتساوى النمو السكاني مع الموارد المتاحة، والثالث أن تكون الموارد المتاحة أكبر من معدلات النمو السكاني، وهذا يعطي إحساسا بالرفاهية، معتبرا أن “الدعاء إلى الله دون العمل هو أمر غير مقبول”.
وأكد الرئيس أهمية تعاون وتلاحم جميع المؤسسات في الدولة بشكل كامل من أجل النهوض والعمل والتعاون على مشروعات تطوير الدولة.
وأضاف أن العمارات السكنية على الطريق الدائري بالقاهرة الكبرى فقدت قيمتها المادية بعدم شغل وحداتها بالسكان، مشيرا إلى أن تكلفة العمارة السكينة الواحدة التي تشمل 10 طوابق تبلغ ثلاثة ملايين جنيه، في حين لو قام بتوجيه هذا المبلغ في استثمار يدر عائدا في المستقبل، كان أفضل له من تجميد هذه الأموال في عمارة سكنية غير مأهولة، لافتا إلى أن بعض العمارات المطلة على الطريق الدائري ليس فيها سوى ساكن أو اثنين وباقي الوحدات خالية؛ مما يدل على أن حجم المعروض من الوحدات السكنية أكبر من الطلب عليه.
وأكد الرئيس السيسي، أن الجهد الذي تبذله الدولة المصرية هو جهد مخلص وأمين ومبدع ويتم بمنتهى القوة التي أعطاها الله لنا من أجل تحقيق التنمية للشعب المصري.
وقال الرئيس “إن البعض طلب منه تقليل حجم المشروعات التي يتم تنفيذها حاليا”، مضيفا أن “حجم الشركات العاملة في الدولة المصرية في مشروعات محددة – وأنا لا أتحدث عن القطاع الخاص ولكن أتحدث عن القطاع الذي تنفذه الدولة- لا يقل عن 4 أو 5 آلاف شركة بمتوسط ألف عامل وهناك شركات تضم نحو 70 ألف عامل، ولكني أتحدث عن المتوسط فقط، ما يعني أن هناك نحو 4 أو 5 ملايين إنسان، بواقع 5 ملايين أسرة تستفيد من هذه المشروعات.
وتساءل الرئيس السيسي: في حالة تقليل حجم المشروعات الحالية، كيف يمكن للدولة المصرية الوصول للـ 5 ملايين أسرة وتوفير الدعم لهم؟، وهل أعطيهم من برنامج تكافل وكرامة أم أوفر لهم فرص عمل في مشروعات لبناء البلد؟، مؤكدا ضرورة أن تقدم الحكومة والوزراء المعنيون شرحا وافيا لكافة الأمور التي تهم المواطن المصري “لأن قوتنا في فهمنا”.
وأشار إلى أن وزارة الإسكان بدأت في عام 2010 إجراء مخططات عمرانية لمعظم مدن إقليم الدلتا، داعيا الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة بتسليط الضوء على مخططات الدولة في كافة المجالات وليس فقط في المجال الزراعي أو شبكة الطرق والنقل.
ولفت إلى أنه – في السابق – كانت هناك أحلام ومخططات للتنفيذ ولكن لم تتح الفرصة لتنفيذها؛ نظرا لأن الظروف حالت دون ذلك ولكننا سوف نواصل العمل من أجل تحقيقها.