هذا العنوان مناسب جداً لبطولة كأس العالم الأخيرة التي انتهت أمس، ليس لكوننا حققنا اللقب ولكن لأننا لأول مرة في تاريخ البطولة يكون لنا دور حقيقي وفاعل سواء من حيث المنافسة الحقيقية لآخر لحظة أو من خلال التنظيم المبهر الذي سلط الأضواء على بلانا وثقافتنا بصورة حقيقية ومباشرة بعيداً عن التزييف والإدعاءات الكاذبة التي تنال من وطننا العربي طوال الوقت.
“بطولة الدوحة” كانت مختلفة بكل المقاييس، حيث أقيمت في بلد عربي لأول مرة وشهدت منافسة عربية على اللقب لأول مرة أيضاً مثلما شهدث صداماً هو الأول في تاريخ البطولة بين القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد والثقافات المختلفة بصورة لم تحدث في أي بطولة سابقة.
وبعيداً عن هذه الأمور التي رصدها الإعلام “المحلي والدولي” وتعامل معها حسب رؤية وفهم وثقافة الإعلامي الناقل للحدث الأهم في دنيا كرة القدم، وبعيداً عن الإبهار غير المسبوق ــ أو المتوقع ــ من دولة عربية صغيرة في الحجم والمساحة، فإن هناك دروساً مستفادة من تلك البطولة الإستثنائية، يمكن رصدها في النقاط التالية للإستفادة منها مستقبلاً:
أولاً: أثبتت كأس العالم الأخيرة لنا ــ ولغيرنا ــ أننا قادرون على على المنافسة والوصول الى أبعد نقطة سواء داخل البساط الأخضر أو خارجه من خلال تنظيم رائع نال اشادة واستحسان القاصي والداني.
ثانياً: حطمت البطولة العديد من التابوهات وأكدت أننا لانقل في أي شيء عن الإنسان الغربي، واذا كنا ــ ومازالنا ــ مبهورين بما حققه الغرب من نجاحات، فإن “بطولة الدوحة” أثبتت أن مايأتي من الغرب ليس كله خير، فقد كان هناك شبه اجماع على رفض السلوكيات الشاذة التي تتعارض مع ثقافتنا وأخلاقنا بل وعدم تقبل الأشخاص والمنتخبات التي قامت بها.
ثالثاً: التأكيد من جديد على أن تقاليدنا خط أحمر لايقبل المساومة وأنه لايوجد ثمة تعارض بين التحضر والرقي من ناحية وبين عدم قبول السلوكيات المنحرفة من ناحية أخرى، حيث تم رفض رفع شعار المثليين من قبل اللجنة المنظمة مع عدم التهاون من المشجعات اللائي قمن بسلوكيات لاتتناسب مع أخلاقنا وديننا.
رابعاً: أثببت البطولة أن عبارة “التمثيل المشرف” وصمة عار في جبين كل من يرفعها أو يدعو للإنهزامية بحجة أن هناك فجوة كبيرة بيننا وبين الكرة الأوروبية، فقد كان المنتخب المغربي “الشقيق” قاب قوسين أو أدنى من الوصول الى النهائي والفوز بالبطولة ناهيك عن الأداء المتميز من منتخبي السعودية وتونس.
خامساً: ضرورة إعادة النظر في طريقة احتراف لاعبينا بسن صغيرة واستنساخ العشرات من نجمنا “محمد صلاح” المحترف في ليفربول الإنجليزي في مختلف المراكز، فهذا هو السبيل الوحيد الى تكوين منتخب قوي يمكنه المنافسة بالمحافل الدولية وتحقيق أحلام جماهيرنا.
سادساً: أكذوبة أن العرب أو بالأحرى الوحدة العربية ماتت وشبعت موتاً، فقد تجمع العرب من المحيط الى الخليج حول المنتخبات العربية ولاسيما المنتخب المغربي الذي حقق أكبر مما نحلم ورفع رأسنا الى عنان السماء، وهي روح يمكن البناء عليها في مختلف المجالات وليس في الكرة وحدها، فلا يليق أن نمتلك كافة الموارد”الطبيعية والبشرية” إضافة الى الجغرافيا المتميزة واللغة الواحدة وغيرها من عوامل الوحدة ولانستثمرها من أجل خير ورفاهية شعوبنا.
لقد حققنا نتائج مبهرة خلال بطولة الدوحة “في الكرة وغيرها” وأثبتنا أن الفروق شبه معدومة بيننا وبين غيرنا وأننا قادرون على أن نقهر المستحيل اذا امتلكنا الإرادة الكافية لتحقيق هذا الهدف الكبير.