»» بقلم ✍️ د.خالد محسن
……….
كما هو فراق الأحبة مؤلم، ففراق أوراق محبوبتنا المساء أكثر إيلاما ووجعا، لكن تحيا الأمنيات والطموحات بآمال عريضة أن تنطلق المساء في نسختها الإليكترونية الجديدة إلي أفاق أكثر إبداعا وتواصل رسالتها ودورها المجتمع العريق ، وتظل منبرا لهموم وأوجاع المواطنين، ومنارة للفكر والثقافة والتنوير، وداعما لبناء إعلام الوطن الغالي ،وإرساء دعائم الجمهورية الجديدة. أتصور أننا نسطر عهدا جديد لصرحنا وبيتنا الكبير “المساء”، وتتوق نفوسنا لإعلام متفرد وإنطلاقة صحفية متفردة ومتجددة في العالم الإليكتروني الرحب.
وكما كانت المساء سباقة وعنوانا للتميز والسبق كمدرسة صحفية شاملة شكلا ومضمونا، أتصور أن الجيل الجديد من أبناء المساء سيحمل الراية بكل تحد وإصرار وعزيمة لتعويض ما فات ، وصنع أمجاد جديدة تضاف لأوراق الماضي، وتسهم في تدشين ملامح إعلام الجمهورية الجديدة.. وبناء الوطن. ولابد أن نعي جميعا أن مصر الآن تعيش لحظة تاريخية فارقة بعد النجاحات الإقتصادية السياسية التي تحققت خلال السبع سنوات الأخيرة، وأضحت ثمارها واقعا ملموسا.
كما حققت الدولة إنجازات مشهودة في تدشين المشروعات الإستراتيجية العملاقة كبوابة إنطلاق للجمهورية الجديدة ، ومعها تتزايد التطلعات لإحداث نقلة نوعية وقفزة لتطوير منظومة الإعلام المصري، وتقديم صحافة قوية حرة تستوعب كافة طموحات وتطلعات المواطنين، وتوجهات فكر السياسات التنموية الجديدة.
واعتقد أن التحديات المهنية وطبيعة المتغيرات السياسية العصرية التي تواجه الدولة المصرية، تحتم إعادة صياغة وهيلكة وحوكمة المنظومة الإعلامية والإرتقاء بها في إطار من التقويم والتطوير المستمر ، وبرؤي متكاملة تشمل كافة عناصرها ومكوناته، وأهمها تطوير الرسالة من حيث الشكل والمضمون لصنع إعلام قوي وموضوعي ومتوزان. وأتصور أيضا ضرورة إعادة تقييم أداء مسئولي التحرير ،والقائمين بالاتصال وحراس البوابات الإعلامية والتوسع في دراسة قياسات الرأي العام ، والتأثير المستهدف، وأيضا إعادة تدشين إستراتيجية لتحديث كافة روافده الإليكترونية والمقروءه والمسموعة والمشاهدة، وتوظيف مزايا التحول الرقمي ، ومكتسبات العصر الإليكتروني وتوظيف الطاقات المعطلة ، واستبعاد فكرة الدمج والتصفية المتدرجة.
وانطلاقا من خطورة ودقة المرحلة أصبحنا في حاجة إلي لغة إعلامية جديدة تتسم بالمسئولية والصراحة والتفاؤل والعقلانية والحكمة ،تتواءم مع طبيعة المرحلة الحرجة، وإلي إعلام تنموي يجمع القلوب والعقول علي هدف سواء وينظر إلي المستقبل بعيون جديدة ، ويقرب المسافات بين مختلف الرؤي والإتجاهات تحت لواء الإنتماء للوطن ويساند قضاياه ،ويدعم فكر التشييد والبناء، ولا يعرف الهدم والتخريب. الشعب يريد إعلاما ناضجا ،يدعم المصالحة الوطنية وتقبل الآخر، ولا يعرف النزاع والخصومة الحادة ،يشجع النماذج الناجحة المشرقة والاتجاهات الايجابية، ويحسن الحسن ويجمله ،ويقبح كل ما هو قبيح ومستهجن. نطمح لإعلام يحارب الفساد بكل جرأة، ويعالج الصور السلبية برؤي واقعية إصلاحية وإرداة صادقة للتغيير والتحديث، بعيدا عن التهوين أو التهويل.
لقد أصبح الإعلام التنموي الجهاز العصبي لعملية التنمية المستدامة، ويجب أن يكون هدفه الاساسي تعظيم مشاركة المجتمع في كافة برامج التنمية وتحويله إلي مجتمع مساند وداعم لكافة التوجهات الإصلاحية والتنموية، لا معارض وكاره لها، ويسهم بفاعلية في تحويل أفراد المجتمع إلي وكلاء للتنمية والتغيير، فهم صناع للتنمية وهدف أساسي لها. وفي تقديري أيضا أن من أهم مهام هذا الإعلام، التناول المهني والمعالجة الإستقصائية المتكاملة، للمشروعات الجديدة وشرح مردوداتها وبيان مدي جدواها ،وتتبع مراحلها،وودعم جهود العمل المستمر لتذليل المعوقات الروتينية واللوجيستية،التي تواجهها، وأيضا إقناع الشباب بأهمية التأهيل الفني والتدريب والمشاركة الإيجابية في كافة المشروعات الجديدة فلن يبني مستقبل مصر إلا سواعد المصريين.
ومن ملامحه، وأدواته حرية تداول المعلومات، والدقة والصدق والصراحة،وتجنب التضليل والتزييف والالتزام الموضوعي والحيادية وعرض مختلف وجهات النظر واحترام الآراء المخالفة، والبحث دائماً عن نقاط الاتفاق وأوجه التوافق وتوظيفها والاستفادة من إيثاراً للمصلحة الوطنية، والبعد عن بث روح اليأس وترديد شائعات المغرضين.
وأيضاً تجنب الخوض في الجدل العقيم والتجريح الشخصي وتصيد الأخطاء والنقد الحاد الذي يزكي الخصومة والإختلاف، والاحتقان. ويجب ألا ننسي أن كل تجارب البلدان الناجحة التي حققت طفرات تنموية تؤكد أن الاعلام ساهم بدور محوري وفعال في إحداث التنمية والرقي، وقد أسهمت الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم في قلب كل الموازين.
وأضحي الإعلام ركيزة أساسية، ومقوما اساسيا من مقومات السيادة الوطنية ، ومنظومة تفاعلية شاملة بكافة أفراد المجتمع. ويجب أن نتيقن أن أرض الكنانة لن تعود للوراء بعد ان ارتدت أفخر ثيابها وتجملت كالعروس لحياة جديدة وغدا أفضل وتفتح ذراعيها لاستقبال المزيد من المشروعات الإستثمارية القومية العملاقة ، ولكل فكر واعد. واعتقد أنه بالتطوير الرقمي الشامل للصحف المسائية ،ولكافة الإصدارات الصحفية ومؤسسات الإعلام القومي مع الشراكة الجادة لمؤسسات الإعلام الخاص ، يمكننا تحقيق هذه الأهداف السامية والمبتغيات العليا، والإنطلاق للأمام،مع تجنب مفرزات ومردودات الإعلام الرأسمالي الجامح!!