»………………..
بقلم ✍️ د. كمال فهمى
(أستاذ التحاليل الطبية بكلية الطب جامعة الزقازيق)
(اودعكم بالكثير من الالم والقليل من الامل )..
عبارة قالها المفكر الكبير طه حسين قبل وفاته .. وهى عبارة تستحق التامل من زوايا عديدة .. إلا أننى لم أشعر ناحيتها بالرضا رغم أن قائلها هو الدكتور طه حسين وقد قدم فى حديثه مبرراته المنطقية لهذا التشاؤم فى حديث طويل امتلأ بالأفكار المهمة والرؤى التى تستحق الدراسة بعناية.
وسبب عدم رضائي عن هذه العبارة ان داعية التنوير الحقيقى الفعال لابد أن تكون من اهم خصائصه ان يتحلى بالواقعية والفهم الواعى بأن مسيرة التنوير مسيرة طويلة وممتدة وكل جيل من دعاة التنوير ما هم إلا حلقة من حلقات متواصلة مع ما قبلها وبعدها
أرى أنه لا يجب أن ينتظر أى جيل ان يشهد التغيير الذى يدعو إليه يتحقق بصورة كاملة فى المجتمع فالتغيير عملية طويلة ولا تسير دائما فى خط مستقيم وإنما قد تشهد انكسارات وانحناءات ولكن ينتج عنها فى النهاية تأثيرا تراكميا حتى ولو كان بطيئا.
وفي تقديري أن بطء حركة التغيير فى المجتمع لا يجب أن يكون أبدا من عوامل الألم أو الإحباط وإنما يجب على دعاة التنوير أن يتحلوا بالمثابرة فى ضوء معرفتهم المسبقة أنهم لن يجنوا الثمار بانفسهم ، وإنما قد يجني الثمار أحفادهم.
و من المهم أيضا أن نحرص على أن يكون لدينا الشعور بالرضا أننا نفعل ما نستطيع من أجل التغيير وأننا لم نترك الحياة تسير كما هى دون أن نحاول أن ندفعها فى الاتجاه الصحيح..
كل ما علينا هو أن نؤدى رسالتنا بإخلاص وأمانة وصدق وإذا أدركنا أن هذا هو الهدف الحقيقى فى حد ذاته فلن يكون هناك أى مجال للاحباط او اليأس.
وفى جميع الأحوال فإن استمرار جهودنا المشتركة فى مجال دعوة التنوير والفكر الانسانى المشترك يمنحنا بعض الثمار التى ربما لا ندركها جيدا بينما مجرد وجودنا معا هو فى حد ذاته من بين الثمار حيث يتزايد فينا الأمل وينمو وتشتد العزيمة بالعمل المشترك كما أن استشراف المستقبل الآتى يجعل كل فرد منا وكأنه يعيش فى هذا المستقبل.
*هذه السطور خلاصة لمداخلة لي بالحلقة النقاشية للتجمع العربي للتنوير يناير 2023 بعنوان(عن الم وامل طه حسين )..تقديم المفكرة العربية القديرة إيمان أحمد ونوس ،وتحت رعاية المفكر القدير محمد بهجت الذى نكن له كل الشكر والتقدير على رعايته الدؤوبة لهذه الحلقات النقاشية المحفزة للعصف الذهنى بين أعضاء تجمعنا .. وشكرا لكل المشاركين الذين أثروا الفكر بمداخلاتهم القيمة
فى هذه الحلقة النقاشية بهذا الحوار الممتع والثرى فى عقل وفكر د. طه حسين والذى كان حلقة من حلقات حركة التنوير التى مازالت مستمرة تستضئ بنور الأقدمين ، وتنشر مزيدا من الضوء للأجيال القادمة..
وأري أن التنوير سيزيد يوما بعد يوما وجيلا بعد جيل حتى يفرض نفسه وينقشع فى النهاية ظلام الجهل والخرافة والاكاذيب.