هذه العبارة وردت في فيلم “الخلية” على لسان الإرهابي “مروان أبو العز” وجسد الدور باقتدار الفنان السوري سامر المصري موجهاً حديثه الى “الرائد سيف ” الفنان أحمد عز” ضابط مكافحة الإرهاب، في محاولة لاقناعه بأنه لا يدافع عن قضية مثله مثل أمير الجماعة الذي اعترف بأنه يخدع الشباب بإدعائه امتلاك مفاتيح الجنة والنار ليفجروا أنفسهم بينما يحصد هو المكاسب المادية “الدنيوية”.
زمان كان الإرهاب محصوراً في زاوية التطرف الديني والفهم الخاطيء للنصوص لذلك احتاج الأمر في مرحلة زمنية معينة الى مراجعات فكرية للشباب المخدوعين ليعرفوا الحقائق من خلال علماء من الأزهر الشريف، حتى يتم ادماجهم مرة أخرى في المجتمع باعتبارهم ضحايا تم التغرير بهم وخداعهم بأفكار مضللة كالتي وردت ببعض مشاهد “الخلية” وغيره من الأعمال الفنية التي تناولت الإرهاب.
الآن الوضع مختلف في زمن حروب الجيلين الرابع والخامس والحروب بالوكالة واستخدام العديد من الدول للإرهابيين والمرتزقة وتمويلهم بالأموال والأسلحة المتطورة التي قد لا تتوافر لدى بعض الجيوش النظامية لإحداث حالة من الفوضى وتمهيد الأرض اما للغزو العسكري المباشر أو املاء وفرض شروط مجحفة عند التفاوض مثلما يحدث في العديد من دول المنطقة التي تعاني منذ سنوات من ويلات الإرهاب والتدمير الممنهج لمؤسساتها ثم التفاوض بواسطة الدول الكبرى للحصول على جزء من الكعكة أو الكعكة كلها.
من بين الأسلحة التي يتم استخدامها في الحروب الحديثة “سلاح الشائعات” لوضع الدول المستهدفة تحت ضغط دائم، سواء بواسطة العمليات الإرهابية المتواصلة والتي من الصعب معرفة زمانها أو مكانها لتأخذ الأجهزة المختصة الحيطة والحذر ومن ثم تحتاج الى اليقظة والإستعداد الدائمين، أو اطلاق أبواق مأجورة لنشر معلومات خاطئة يتم ترويجها بعناية وبمعرفة أجهزة محترفة حول موضوعات مطروحة على الساحة بالفعل ولكن مع دس السم في العسل لتحقيق الغرض واحداث حالة من التشاحن والتناحر، ومالا يحدث بالتفجيرات يتحقق بالشائعات.
من هنا فإن هناك أكثر من وسيلة لمكافحة الإرهاب تستند كل منها الى التوصيف الدقيق للحالة، واذا كان هذا الأمر يقع على عاتق الأجهزة المختصة، فإن الشباب المضلل “بفتح اللام” من الفئات المستهدفة يظل كلمة السر في المعادلة والنجاح الأكبر في اقناعهم بعدم الإنسياق خلف معلومات أو أفكار ربما تكون مقصودة لضرب الإستقرار.
“يا اهبل بيضحكوا عليك”.
***
الإحتفال الذي تم الأسبوع الماضي احياء لذكرى عيد الشرطة بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وتم خلاله تكريم عدد من المصابين، شهد حالة خاصة جداً تتمثل في العقيد طارق عبد الوهاب الذي حصل ترقية استثنائية بعد اصابته الجسيمة ببتر بكلا يديه في تفجير عبوة ناسفة خلال المواجهات الطويلة للشرطة مع الإرهاب، والذي قال عبارة مهمة للغاية يجب تأملها والتوقف أمامها: “انني فقدت ذراعي ولم أفقد انتمائي”.
هذا التكريم له أكثر من مغزى وهدف فهو من ناحية بمثابة رد للجميل لمن قدموا التضحيات الجسام وأن الوطن لاينسى أبناءه، ومن ناحية أخرى تنشيط للذاكرة بأهمية التضحيات التي قدموها حتى نعيش في أمن وسلام واستقرار وهي تضحية تفوق غيرها من التضحيات.
أما الرسالة الأهم “من وجه نظري” فتتمثل في ضرورة أن نتذكردائماً أين كنا وكيف أصبحنا، ولاننسى تضحيات أبطالنا في 25 يناير 1952م والتي أشعلت جذوة الوطنية لتحرير التراب الوطني، واستمرت تلك التضحيات في مواجهة الإرهاب من قبل الأجيال تلو الأجيال حتى لايضيع الوطن مثلما ضاعت بلدان مجاورة كانت ملء السمع والبصر، فلا تنمية ــ أو حياة أصلاً ــ دون أمن واستقرار.
أيمن عبد الجواد