✍بقلم د.محمد يوسف المملوك
موجه شئون القرآن الكريم بالأزهر الشريف
وباحث دكتوراه بكلية دار العلوم
الزلازل من آيات الله ، خلق الله الخلق؛ وهو الخلاق العليم، فخلق هذه الأرض وأنبع عيونها وأظهر مكنونها وأجرى أنهارها وأنبت زرعها وأشجارها وثمارها، وجعل فيها الجبال أوتادا، ودحاها وبث الخلق فيها، يعيشون في أرجائها وأطرافها، حتى إذا انتهى الأمر وانقضى الأجل أذن الله لها فتزلزلت وتحركت وألقت ما فيها من الأموات وتخلَّت؛ وحدَّثت بما عمل العاملون على أرضها من الحسنات والسيئات قال تعالى ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾.
ولله آيات وعظات؛ يُريها عبادَه في الدنيا إنذاراً وتخويفاً وتحذيراً وترهيباً وإيقاظاً وتذكيراً؛ ومن الآيات المخيفة والنذر المرعبة والعظات الموقظة آية الخسف والرجفة والزلزلة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا تقومُ الساعةُ حتى يُقبضَ العلمُ وتكثرَ الزلازلُ ويتقاربَ الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، حتى يكثر المال فيفيض”،
ولقد جعل الله -تبارك وتعالى- الأرض قرارًا ومستقرًا, وأنشأ فيها جبالاً أوتادًا, تثبتها أن تميد وتزول وتضطرب, لكن؛ حين يأذن الله -تعالى- للأرض أن تضطرب فلا رادّ لأمره وحكمه, عندها تصبح هذه الأرض التي كانت ملجأً من الأخطار هي الخطر ذاته, ويصبح بقاء الإنسان في مسكنه الذي يتقي به الأذى, سببًا من أسباب حدوث الضرر والأذى.
إن الأرض في أصلها مستقرة, وقد اعتاد عليها الإنسان كذلك, وهذا الاستقرار نعمة عظيمة من الله يغفل عنها كثير من الناس, ولا يدركونها؛ لاعتيادهم عليها وعدم استشعارهم عظيم هذه النعمة.
وذكر الإمام أحمد عن صفية قالت: زُلزلت المدينة على عهد عمر فقال:أيُّها النَّاسُ، ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم. لئن عادت لا تجدوني فيها.
– وعلى ذلك فماذا يفعل المسلم :
إذا وقعت الهزات والزلازل؛نقول ينبغي على المسلم؟ أن يلتزم هدي الإسلام في مثل هذه المواقف, فيلجأَ إلى الله -تعالى-, ويكثرَ من الأعمال الصالحة، وخاصة التوبة وللاستغفار والصدقة؛ فالزلازل والكوارث تنبيه من الله -عز وجل- لعباده, وتجب التوبة إلى الله, والإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء وقراءة القران؛ فإن الله -تعالى- يقول: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)
وكذلك فإن الاستغفار له أثر كبير في منع وقوع العذاب, وقد قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وكذلك الإكثار من الصدقات فقد وقعت رجفة في عهد عمر بن عبد العزيز فكتب إلى أهل البلدان: “إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به عباده، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل؛ فإن الله يقول: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى).
ولما رجفت الأرض بالكوفة قال ابن مسعود: أيها الناس، إن الله يستعتبُكم؛ فاعتبوه.
وليس في السنة دليل على استحباب ذكر أو دعاء معين عند حدوث الزلازل، وإنما يدعو بما فتح الله عليه مما فيه طلب الرحمة, والغوث من الله -عز وجل-، ليصرف عن الناس البلاء.
وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله سبحانه, والضراعة إليه, وسؤاله العافية, والإكثار من ذكره واستغفاره, كما قال -صلى الله عليه وسلم- عند الكسوف: “فإذا رأيتم ذلك, فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره”.
اللهم احمنا وإخواننا المسلمين من كوارث الزلازل والبراكين وغيرها برحمتك يا أرحم الراحمين.