الحكاية أكبر من مجرد طموح وحماس وقتال داخل المستطيل الأخضر.. هذه عوامل مهمة في كرة القدم لكن الأهم هو نوعية اللاعبين والعقلية الإحترافية التي تدرك قيمة المنافسات الكبرى ولا تفقد تركيزها في أي لحظة من اللحظات خاصة خلال المباريات المهمة..إنها بإختصار صناعة ضخمة وليست مجرد لعبة نتعامل معها كمحترفين بعقلية هواة.
بالتأكيد الحلم ليس عيباً ولاحراماً وكونك تصدق أن الأهلي أو أي فريق مصري يستطيع الفوز بكأس العالم فهذا نجاح في حد ذاته، المهم أن نفهم و نتعلم من الفروقات بيننا وبينهم ونحاول تقليل الفجوة قدر المستطاع ولانيأس ويصيبنا الإحباط لمجرد هزيمتنا في مباراة أو مباراتين، وبنتائج عادية ومقبولة جداً في كرة القدم خاصة إذا كنا نواجه أعلى مستوى في العالم من حيث السرعة والقوة والمهارة والعقلية الاحترافية.
ليس في الإمكان أبدع مما كان.. الأهلي قدم أقصى مالديه خلال مباريات كأس العالم للأندية التي استضافها المغرب الشقيق مؤخراً، بصرف النظر عن الأخطاء الفردية والجماعية التي أدت الى الهزيمة بنتيجة ثقيلة خلال مباراتي ريال مدريد الإسباني وفلامينجو البرازيلي خاصة الأخيرة التي كانت في المتناول بقليل من التركيز.
مخطئ من يروج لفكرة أن الأهلي فشل أو لم يحقق التارجت المطلوب لمجرد أننا عشنا الحلم وصدقنا أن فريقاً من القارة السمراء لديه القدرة على تجاهل واختراق قواعد المنطق والفوز على فريق أقل لاعبيه تفوق قيمته التسويقية لفريقنا بأكمله، وليس عيباً أن نخطيء أمام هؤلاء، المهم أن تتعلم من أخطائنا ونستفيد منها في المنافسات القادمة فالمسألة تراكم خبرات.. المهم أن نعلم أين نحن من الكرة العالمية ومالم يتحقق هذه المرة نحققه في المستقبل.
***
رغم الفروق الفردية والجماعية الواضحة بيننا وبين الكرة الأوروبية، فإن كثرة الاحتكاك خاصة في البطولات الرسمية تحت مظلة الفيفا يحقق أكثر من فائدة، في مقدمتها إزالة الرهبة من نفوس لاعبينا تجاة الأسماء الكبيرة والمخيفة سواء بالنسبة للاعبين أو الأندية.
الثاني.. الإعتياد على مواجهة الكباروالتعلم من التجارب والتأقلم مع طرق اللعب الأوروبية والسرعات التي يتمتع بها لاعبو القارة العجوز.
ثالثاً.. الظهور أمام جمهور مختلف ومايمثله من ترويج للكرة المصرية خارج حدود قارتنا السمراء، والدخول في بورصة اللاعبين العالميين وهو أمر يفتح أوسع الأبواب أمام لاعبينا للإحتراف الخارجي وفي أكبر الأندية التي نقابلها وجهاً لوجه.
الإشكالية ليست فقط في الفوارق الفردية أو مهارة وامكانيات اللاعبين هنا وهناك ولكن أيضاً في ندرة الإحتكاك بالمدارس الكروية العالمية خاصة المدرسة الأوروبية حتى نعتاد على اللعب السريع والأداء الخططي الراقي، وهذا خطأ متكرر مع كل بطولة نشارك فيها بما فيها كأس العالم للمنتخبات بروسيا حيث لم لا يتم توفير الوقت الكافي للإستعداد وبصورة تتناسب مع البطولات العالمية عبر اقامة عدد من المباريات مع فرق أوروبية أو حتى اراحة اللاعبين قبل المعترك العالمي.
نعم هناك فجوة كروية بيننا وبين الكرة الأوروبية، هذه حقيقة تظهر دائماً عند الإحتكاك سواء بين الأندية أو المنتخبات، وبالذات الأندية الكبرى التي تستقطب النجوم الاستثنائيين والمتميزين من كل بقاع الدنيا..لكن التجربة أثبتت أن لاعبينا يبدعون عندما يتوافر لهم المناخ الملائم مثلما حدث مع نجمنا محمد صلاح وقبله هاني رمزي وحسام غالي وأحمد حسام “ميدو”.
إذا أردنا اللحاق بركب الكرة العالمية علينا الإستعداد الجيد للبطولات الكبرى وإعادة فتح ملف احتراف لاعبينا خاصة صغار السن وتقديم حوافز للأندية التي تسمح للاعبيها بالإحترف المبكر في أندية أوروبية كبرى دون مغالاة في المطالب المالية التي تجعل الإحتراف في سن مناسبة حلماً صعب المنال.
أيمن عبد الجواد
ا