بدأ في فبراير الجاري بثّ حلقات الموسم الرابع من مسلسل “نتفليكس” Netflix الشهير، You، الذي يواصل المشاهدون فيه متابعة مغامرات جو غولدبرغ، الشاب المهووس الذي يذهب إلى أقصى الحدود لإقحام نفسه في حياة أولئك الذين يُعجب بهم. وبالرغم من أن جو جعل قلوب المشاهدين تنبض بسرعة منذ بدء الموسم الأول من المسلسل في عام 2018، فإن إضفاء لسمة رومانسي على سلوكه يثير مسائل خطرة حول قضية الملاحقة، المستهجنة في مجتمعاتنا، سواء كانت عبر الإنترنت أو في الواقع.
وتتضمّن الأشكال الشائعة للملاحقة الرقمية برمجيات تجارية تُعرف ببرمجيات الملاحقة، Stalkerware، التي يمكن تثبيتها بسرية على الهواتف الذكية للأفراد المُلاحَقين |. وغالباً ما تُستخدم برمجيات المُلاحقة في العلاقات السيئة بين الأفراد، إذ تتيح للجاني مراقبة الحياة الخاصة لشخص آخر مستهدف من دون علمه. وقد تمّ الربط بين استخدام هذه البرمجيات وأشكال من العنف.
وقد أظهرت أرقام كاسبرسكي تأثُّر 29,312 شخصاً في أنحاء العالم ببرمجيات الملاحقة في عام 2022. وتُظهر حالات الملاحقة في جميع البلدان أن هذه البرمجيات باتت ظاهرة عالمية تؤثر في جميع المجتمعات، ويقدِّر التحالف ضد برمجيات الملاحقة Coalition Against Stalkerware أن استخدام هذا النوع من البرمجيات في جميع أنحاء العالم ربما يقترب من مليون حالة سنوياً.
وحذّرت كريستينا يانكوفسكي المدير الأول للعلاقات الخارجية لدى كاسبرسكي، من خطورة إضفاء الطابع الرومانسي على سلوك الملاحقة الذي يظهر في مسلسل You، مؤكّدةً أهمية استنكاره. وقالت: “تظلّ الملاحقة شكلاً من أشكال العنف بغض النظر عما إذا كانت تجري عبر الإنترنت أو في الواقع، وهناك قصص واقعية وراء أعداد المتضررين، ما يشدّد على ضرورة اتخاذ إجراءات فعّالة ضد هذا السلوك”.
وأكّدت أن كاسبرسكي تحرص على إطلاع مجتمع الإنترنت العالمي على رؤيتها لهذه القضية في سبيل إكساب الجميع فهماً أعمق لطبيعتها وأبعادها، ومساعدة المنظمات والسلطات المعنية في جهودها الرامية إلى مكافحة الملاحقة الرقمية، مشددة على أهمية تبادل البيانات والمعلومات ذات الصلّة لما فيه مصلحة المتضررين من العنف الرقمي ولزيادة تحسين القدرة على اكتشاف هذه البرمجيات والحماية منها”.
من ناحيتها، أكّدت كارين بنتلي الرئيس التنفيذي لـ “شبكة خدمات المرأة” في أستراليا (WESNET)، أن الملاحقة جريمة جنائية واعتداء صادم. وأشارت إلى أن الأفلام والأعمال التلفزيونية والموسيقية تُظهرها باستمرار بصورة محبّبة وجذابة، بالرغم من أنها في الواقع ليست سوى أمر مثير للرعب وغير قانوني وغير مرغوب فيه. وقالت: “نتعاون بصفتنا سلطة عُليا للخدمات المتخصصة في التصدّي للعنف المنزلي والأسريّ للنساء في أستراليا، مع العديد من منظمات دعم الضحايا، حيث تأتي الناجيات لطلب الدعم والمساعدة. لذا ينبغي الحرص على بناء قدرات هذه المنظمات وتوعية الجمهور بأن هذا النوع من السلوك مرفوض. ويسعدنا في هذا السياق أو نتعاون مع كاسبرسكي وجميع شركائنا من التحالف ضد برمجيات الملاحقة”.
وقد أسّست كاسبرسكي وتسع شركات ومؤسسات في عام 2019 التحالف ضد برمجيات الملاحقة، الذي يضمّ اليوم أكثر من 40 عضواً حول العالم، وتتمثل مهمته في تحسين القدرة على اكتشاف برمجيات الملاحقة ومكافحة العنف الأسري وتعزيز التبادل المعرفي بين المنظمات والجهات غير الربحية، وزيادة الوعي العام في شأن هذه القضية.
كما طورت أداة مجانية مفتوحة المصدر، تُدعى TinyCheck، تتيح الكشف عن برمجيات الملاحقة على جهاز مصاب بها، وذلك بطريقة بسيطة وسريعة ومن دون لفت انتباه الجاني. ويُعدّ استخدام المنظمات المعنية للأداة TinyCheck آمناً، فلا تقرأ محتويات اتصالات الأفراد، كالرسائل القصيرة أو رسائل البريد الإلكتروني، ولا تتفاعل إلا مع الخوادم أو عناوين بروتوكول الإنترنت الخاصة بالأجهزة الذكية، لذلك لا تعرف TinyCheck مع من يتواصل المستخدم أو ما يقال في المحادثات، ولا يجري تبادل السجل الشبكي للجهاز الذي يجري تحليله مع كاسبرسكي، كما لا تحصل أية أطراف أخرى على البيانات التي تخضع جميعها للتحليل داخلياً.