الأستاذ حافظ إبراهيم شاعر النيل ،عليه رحمة الله، قال “الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق”، أظنه كان يقصد أمهات أوائل القرن الماضي، أما أمهات القرن الحالي فياريت يتم إبعادهن عن حكاية المدراس والتدريس والدروس.. العالم سيكون أفضل بالتأكيد لو تم هذا الإبعاد.
التعميم خاطئ طبعًا، هناك أمهات بمثابة جامعات وأكاديميات ولسن مجرد مدرسة، لكن هناك أيضًا بعض الأمهات يعد اقترابهن من المدرسة بمثابة خطر داهم يهدد البشرية، وليس مصر فقط ،بالفناء.
احكي لك عن بعض الأمهات اللاتي يرتكبن أخطاء وخطايا في حق أولادهن وحق الوطن كله، فالواحدة من هؤلاء إذا كان لديها حتى طفل في أولى ابتدائي تشعرك أن المحروس ذاهب إلى الحرب العالمية الثالثة وليس إلى المدرسة، وعندما تأتي الامتحانات تعلن حالة الطوارئ في المنطقة كلها،ولو استطاعت إعلانها في أرجاء الأرض كافة لفعلت.
على جروب إحدى المدارس المخصص لطلاب الصف الثاني الإعدادى قرأت استغاثات من الأمهات مع إن الدراسة لم تبدأ بعد.. واحدة تستغيث : أرجوكم مين يعرف مدرس عربي كويس.. وعندما تأخر الرد حوالى خمس دقائق أعادت الاستغاثة :ياجماعة حد يرد الدراسة فاضل لها شهرين وعايزين نبدأ دروس فورًا.. وواحدة ثانية :عايزة عنوان مركز دار السعادة بسرعة عشان ألحق احجز لبنتي.. وثالثة تعلن عن تنظيم مجموعة مع مدرس إنجليزى شاطر وإللى عايزة تبقى معانا تلحق تحجز لأن المواعيد كلها قربت تخلص.. وهكذا اخى المواطن..وكأنها الحرب فعلًا.
وذات يوم كان ابنى يؤدى امتحانات الصف الثالث الابتدائى وذهبت لاحضاره لأنه كان سخن شوية ،ولولا ذلك لتركته يدبر أموره بنفسه.. وجدت عشرات السيدات متجمعات أمام باب المدرسة ويراجعن مع بعضهن البعض المادة التى يؤدى اولادهن الامتحان فيها ..ماتفهمش ليه.. وعندما تأخر الأولاد ثلاث دقائق عن الموعد المحدد لخروجهم وجدت من تبكى ومن تتشحتف: ياترى الولاد جرى لهم إيه.. أكيد في مشكلة كبيرة حصلت لهم ..وقامت بعض السيدات بتسلق سور المدرسة ليعرفن مصير أولادهن.. حتى إن إحداهن، ولم تكن محترفة في التسلق، سقطت من فوق السور وطلبوا لها الإسعاف.. وزميلاتها فوق السور ولاهن هنا.. المهم الاطمئنان على الأولاد.. وتولع إللى وقعت من فوق السور.. هي الحقيقة تستاهل.
وبعد الخروج وجدت كلا منهن تراجع الامتحان مع ابنها .. وواحدة أمسكت بهاتفها وحادثت شخصا على الطرف الآخر وهى تبكى: الولد جاوب على كل الأسئلة وساب الفقرة جيم من السؤال التالت.. كده مش حيقفل المادة إيه العمل دلوقتي؟.. وأخرى عدمت ابنها العافية لأنه أخطأ فى إجابة فقرة من سؤال..وثالثة شدت ابنتها من شعرها وأقسمت أنها لن تخرج من البيت طوال الأجازةلأنها لم تكتب الآية كاملة في امتحان الدين ،مع إن المادة لاتضاف إلى المجموع أصلاً.. وهكذا أخى المؤمن عشت وسط حالة هيستيرية وكأنني فى مستشفى المجانين.
أيتها الأمهات الفضليات أعرف أنه قلب الأم وخوفها على أولادها ولكن ليس إلى هذه الدرجة من الرعب والهيستريا التى تؤدى فى النهاية إلى تنشئة أجيال مشوهة ومضطربة.. تحفظ كل شئ ولاتفهم في أي شئ.. واستأذنك عزيزي القارئ لأن مدرس “الماس” يطرق باب الشقة وابنتي ارتدت زي المعركة وأمها أعلنت حالة الطوارئ ،فالدراسة ستبدأ بعد شهرين ولابد أن نستعد.. دعواتكم ربنا ينصرنا في الحرب القادمة!