هل نحن الآن بحاجة الى العودة الى سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نقرأ تاريخ رسالته ودعوته ونستلهم منها الدروس والعبر التي تعيننا في مشوار حياتنا قبل أن نرجو الرحمة والمغفرة في الحياة الآخرة؟!
هناك حملة ــ أو حملات ــ ضارية تستهدف سلخ الناس عن دينهم، بدأت بالتشكيلك في الثوابت ثم السب والقذف في حق أئمة الأمة المعتبرين وفي مقدمتهم الإمام البخاري رحمه الله الذي نال النصيب الأكبر باعتباره من أبرز الرواة وبالتشكيك فيه أو تحقير ماقدمه من علم ينتفع به يسقط عمود الخيمة ويتشكك الناس في السنة النبوية المطهرة.
ثم تأتي وبسرعة الخطوة التالية بالخوض في حق النبي نفسه واتخاذ الدعوات للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مدخلاً في هجوم ليس فقط غير مبرر ولكن ليس له معنى، فلم يرغمك أحد على فعل شيء لاتحبه ولكن دع غيرك ومايريدون وللناس فيما يعشقون مذاهب.
نحتاج الى العودة الى سنته صلى الله عليه وسلم لنتوقف أمام سلوكياته كقائد يأمر جنوده بعدم الإساءة للغير، فلا يروعون النساء والأطفال أو الكهنة الذين يتعبدون في معابدهم أو يقطعون شجراً أو يحرقون المنازل على رءوس أصحابها وهو ماكان ــ ومازال ــ سائداً في الحروب.
نحتاج الى معرفة بعض جوانب من رحمته بالصغار قبل الكبار وهو يواسي طفلاً لأن الطائر الخاص به مات، أو مع أزواجه فقد كان في مهنة أهله أي يساعدهم في شئون البيت، ويسابق السيدة عائشة رضي الله عنها وعندما يسبقها يقول لها واحدة بواحدة، وهو أيضاً سلوك يسبق عصره في أمة كانت تئد البنات ولاتعترف لهن بأية حقوق.
نحتاج الى أن نتعلم من تواضعه الجم وأخلاقه الكريمة التي وصفتها السيدة عائشة بالقول “كان خلقه القرآن”، وكيف تصرف مع ذلك الأعرابي الذي كان في حالة خوف و إرتباك عندما قال له ” هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد “اللحم المجفف وهو طعام الفقراء آنذاك”.
نحتاج أن نتعلم الكثير مما لانستطيع حصره في تلك المساحة وهو الذي تناولت سيرته وحياته آلاف المؤلفات، عن شجاعته وحلمه وتواضعه ورحمته، حتى لايخرج من بيننا ممن يؤمنون به وبدينه ويظهرون عكس ذلك قولاً وفعلاً والإدعاء بأن الدعوات الى الصلاة على النبي دروشة المرفوضة أو أنها تفوق الدعوات لذكر الله خالق محمد وغيره من الأنبياء.
وأمثال هؤلاء لم يقرأوا أو يفهموا سيرته ويستوعبوا مواقفه التي نحتاج اليها لنصلح أمور دنيانا قبل آخرتنا، فعندما دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووجده ينام على حصير قد أوجعت جانبه فيبكي ويقول يارسول الله ان كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فيقول أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة.
مخطيء من يتصور أن مايجري من مساجلات بين وقت وآخرهدفها تفنيد فكر البخاري أو غيره أو محاولة تنقية التراث كما يروجون ويزعمون، كل مافي الأمر أن من يتربصون بالدين الحنيف لن تأتيهم الجرأة ليعلنوا موقفهم الرامي الى الطعن في الأصول والثوابت الدينية والأخلاقية وكانوا يأخذون من البخاري وغيره من العلماء مدخلاً لتشكيك الناس في صحيح السنة وهي بالتأكيد خطوة نحو هدف أكبر يتمثل في هدم الدين نفسه لكن الدين محمي ومحفوظ بوعد الله لو كانوا يعلمون.
العودة الى السنة النبوية أصبحت ضرورة الآن أكثر من أي وقت مضى، لنقرأ ونتعلم “ونتحصن” في مواجهة تلك الحملات الضارية التي لاتتوقف.. ولا أظنها ستتوقف.
***
في استطلاع للرأي داخل المجتمع الأمريكي، قال موقع “بيبي سنتر” إن اسم “محمد” تصدر أكثر الأسماء شيوعاً بالولايات المتحدة خلال عام 2020م، بينما حل اسم “عائشة” في المرتبة الثالثة، ضمن قائمة ضمت عدداً من الأسماء الشهيرة.
هذا الإستطلاع يحمل بلا أدنى شك رسائل ذات مغزى لايخفى على أصحاب العقول والألباب، لأن تلك الأرقام جاءت في نفس العام الذي شهد واقعة الرسوم المسيئة لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهو أمر بحاجة الى التأمل يا أولي الألباب.
أيمن عبد الجواد
[email protected]