»»
بقلم ✍️ د.خالد محسن
يعيش الإنسان في هذه الحياة بين صور متعددة من المسؤولية والابتلاء والشقاء والتعب والنصب، وأحيانا من السرور والسعادة ،لكنها سنة الحياة بألوانها المتقلبة ،كي يكون اهلا لانفاذ إرادة الخالق في اختباره وتكليفه،وربما يحقق الإنسان مهامه المنوط بها ..
قال تعالى: ( لقد خلقنا الانسان في كبد) صدق الله العظيم. “٤ البلد”.
ومن أدبيات ديننا الحنيف وثقافتنا العربية الإسلامية الأصيلة النظر للحياة بعين التفاؤل ورفض القنوط والنظرة السوداوية للحياة بقصد،أو بدون ،وهو اختبار يفشل فيه الكثيرون من ضعاف الإيمان ،وممن يتشدقون بالإيمان بالقدر خيره وشره..
يقول الله تعالى عز وجل : (..ولا تيأسوا من روح الله ،إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). يوسف ٨٧.
فالمرجفون الشكاؤون البكاؤون ،والمحبطون أو من يتصنعونه أحيانا لحاجة في نفس يعقوب ،اعتادوا علي نشر المساويء ونقل الاخبار المحزنة، والمثيرة للشجن ،ولا يتحدثون إلا عن كل ما هو سلبي ومقلق بنظرة تشاؤمية للواقع والمستقبل، وكأن سعادتهم تتلخص في صناعة النكد والتفنن في التنغيص علي خلق الله مع كثرة البكاء والتبرم والشكوي الدائمة من ضيق الحال!.
ومع هذا السيل المتدفق من الضبابية والموجعات والهموم والأزمات، يحتاج الإنسان لمزيد من الطاقة الإيجابية والمساندة المعنوية لمجابهة جراحات الحياة وأوجاعها، والتي اختفت بساطتها وجمالها وتلقائيتها،وازدادت تعقيدا وتشابكا مع ظهور بوادر التأثيرات السلبية للعصر الافتراضي والتقنيات المتسارعة لأنظمة الذكاء الاصطناعي ومفرزاتها التي أثرت علي منظومة القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية.
أتصور أن أخطر آفات ومضار ومقابح عالم “الميديا الجديدة ” تيسير تصدير الإحباط واليأس والقنوط ونشر كافة الصور السلبية، فلا تعني حرية الرأي التعبير جلب الأنكاد والأتراح ليلا ونهارا.
واعتقد أن حالة الانفلات في النشر وغياب المسؤولية الاجتماعية والإنسانية تسمح لملايين من رواد شبكات التواصل والمغردين فكرة المبالغة في نشر صور الاحزان والهموم، وصنوف الابتلاءات، إما دفعا للحسد أو رغبة في التلويث الوجداني للآخرين ،ومضاعفة الهموم والأتراح.
وقد زاد الأمر عن حد الاعتدال والاتزان وتجاوز حدود المشاركة الوجدانية والتكاتف الإنساني،مما دفع الكثيرين لغلق صفحات التواصل ومقاطعة منصاتها ،ولو بصورة وقتية ،أملا في صلاح الحال!.
ولكي تستمر الحياة بحلوها ومرها فلا يأس ولاتشاؤم ،بل تكيف وتعايش إيجابي وسعي متواصل لصناعة الأمل..
وصدق القائل :
اعلل النفس بالآمال أرقبها ..ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
وفي زمن متغير ،وأحوال متبدلة ،لا تتحدث كثيرا عن المنغضات،و المستقبل الغامض، وعن سوء الطالع ، بل عن الومضات والإيجابيات التي قد تعطي الآخرين طاقة إيجابية وقوة وجدانية وصفاء نفسيا لتكملة مشوار الحياة..
وصدق القائل: كن جميلا تري الوجود جميلا..ولله الأمر من قبل ومن بعد!.