»» بقلم ✍️د.حاتم عبد المنعم احمد
(أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس)
غيرت حرب غزة في شهر واحد الكثير المفاهيم والمعتقدات السائدة قبلها ويتوقع أن تستمر تداعياتها في السنوات القادمة إن شاء الله .وخاصة أنها تصادف وقوعها مع متغيرات عصر ما بعد الحداثة وما يرتبط به من تغيرات هيكلية كبيرة في السياسة والاقتصاد والمجتمع.
و يتميز هصر ما بعد الحداثة بمتغير تكنولوجي وهو عصر الانترنت والفضاء المفتوح على العالم ويصعب فيه إخفاء الحقائق كما يتميز عصر الحداثة بمتغير فكرى ويعتمد على أن الحقيقة البشرية نسبية وتختلف من مكان لأخر ومن عصر لأخر ،ومن ثم يجب إعادة النظر في أي مسلمات او افكار سابقة مع حدوث تغيرات كبرى على مستوى العالم في ميزان القوى والهيمنة.
وبالنسبة لغزة أعادت مرة أخرى زيف أن إسرائيل قوى كبرى ولديها جيش كبير لا يهزم فقد سقط، وفقد توازنه بل إن الدولة وقيادتها فقدن توازنها بعد بضعة أيام وخاصة حينما طالب أحد وزراء الكيان الغاصب ضرب غزة بالنووي، مما يعد اعترافا صريحا بامتلاكهم سلاحا نوويا وعلينا استغلال ذلك وطلب تفتيش دولي.
ويجب أن نتذكر أنه قامت حرب شعواء ضد العراق لمجرد ادعاءات واهية بامتلاكه أسلحة نووية والان بعد تصريح المسؤول الإسرائيلي من حقنا المطالبة والإصرار على تفتيش منشئات العدو والمعاملة بالمثل مثلما حدث مع العراق ،وسبق ذلك تصريح ريس الكيان المغتصب بأن حماس قتلت أطفالهم وهو ادعاء كاذب ولكن آثارة مدمرة على العدو لأنه يعنى ببساطة فشلهم في توفير الأمن ،وهذا في حد ذاته سوف يؤدى لوقف الهجرة الخارجية إلى إسرائيل بل وظهور هجرة عكسية إلى خارج إسرائيل مما يعنى تراجع الدولة وتقزيمها وانحسارها تدريجيا .
هذا كله نتيجة مقاومة حركة شعبية وليس أمام جيش أو عدة جيوش عربية فهل هذه الدولة آمنه ،وتستحق أن يأتي إليها من يقيم بها ويشعر داخلها بالأمن والأمان.
اعتقد حرب غزة أضاعت الشعور بالأمن والأمان لديهم جميعا وللابد وأضاعت الثقة في التوسع أو حتى المحافظة على الوضع الحالي فالقادم للعدو اسواء بكثير ان شاء الله لان ضياع الشعور بالأمن يعنى غياب الوطن أو أنه لا يوجد وطن وبغير رجعه ان شاء الله، وهذا متغير ومؤشر نفسى هام جدا خاصة لنمط شخصية العدو الذى عادة ما يكون ثرىا وناجحا في عمله مع ضعف روح الإقدام والمغامرة ثم كان للحرب متغيرا جديدا فاجأ العالم ،وهو بداية ظهور وعى شعبي في الدولة الغربية وامريكا بالقضية الفلسطينية بل وتعاطف قطاعات كبيرة من شعوب الغرب وامريكا وقيام مظاهرات منددة بالعدوان الغاشم وتأييد فلسطين ..
واعتقد ان هذا التغير مجرد بداية وسوف تتضاعف في الأيام القادمة ان شاء الله وذلك راجع لمتغيرات العصر وصعوبة إخفاء الحقائق مع العدوان الغاشم وغير المسبوق ضد المدنيين والأطفال وتهور قيادات العدو أو خروجها عن كل ما هو طبيعي فهم قيادة فقدت وعيها ..
وهذا سوف يؤدى لتراجع تأييد العدو ويفقد قريبا كل حلفائه بالتدريج، ثم كل ما سبق سوف يكون له تأثيرات كبيرة على الوطن العربي والشرق الأوسط كله فسوف تسقط أنظمة، وتتغير أنظمة كثيرة لأن البعض منهم راهن على الحصان الخاسر وقوة أمريكا والعدو كل هذا يصاحبه تغيرات في النظام العالمي حيث اصبح هناك فعلا عدة قوى مع أمريكا في مقمتها الصين والهند وروسيا ولن يعد العالم تحت سيطرة القطب الواحد ولذلك نجد كثير من أصدقاء أمريكا في حيرة وسوف تكتشف الشعوب في عالم الانترنت الحقائق لذلك أتوقع تغيرات كبيرة ومؤثرة في المدى القريب، وإن شاء الله تكون خيرا ،وللأفضل ..والله ولى التوفيق