الطمع سيطر عليه.. إستدرج صديقه وخلص عليه
وعده بقضاء سهرة حمراء.. وأنهى حياته فى عقار تحت الإنشاء
القدر كشف الجريمة.. والمحكمة باجماع الآراء قضت على خاين العشرة بالإعدام
كتب – عبدالرحمن أبوزكير :
“اختر الصديق قبل الطريق” .. حكمة يرددها الكثيرين عند إسداء النصائح للمقربين منهم نظرًا لكثرة الجرائم التى كان سببها رفقاء السوء فى الفترة الأخيرة، فالأزمات هي التي تظهر معدن الصديق وتكشف الصديق الوفي من الصديق الخائن .. وهذا ما حدث في الأقصر بعد أن فقد “نقاش” حياته على يد صديق السوء الذى استدرجه إلى مكان مهجور بحجة قضاء سهرة حمراء ليفاجئ بتحول صديق عمره إلى عدو شرس ينهال عليه ضربًا فوق رأسه بقطعة حديدية حتى سقط جثة هامة ليستولى الصديق الخائن على متعلقات صديقه ويفر هاربًا من مسرح الجريمة.
أكثر من عشر سنوات هى عمر الصداقة التى جمعت بين السائق ” أبوالحسن.ج.ح.ق” – 39 سنة – والمقيم بناحية أرمنت الحيط بمحافظة الأقصر، وبين “محمد.ف.س.أ ” الذى يعمل نقاشًا ويقيم بمركز قوص بمحافظة قنا، بعد أن التقى الاثنين في “سكة سفر” حيث استقل النقاش السيارة التى يمتلكها الأول وكان في طريقه لإنهاء أعمال النقاشة في إحدى الشقق وقاده الحظ ليستقل السيارة مع ابن مركز أرمنت، ويجلس بجواره في الكرسى الأمامى ليتجاذبا أطراف الحديث حتى نهاية الطريق لينته الأمر بتبادل أرقام التليفونات .
لم تكن العلاقة بين السائق والنقاش مجرد علاقة عادية انتهت بانتهاء الرحلة، ولكن تبادل أرقام التليفونات جعلهما يتقربا من بعضهما بشكل أكبر ويتبادلان الزيارات المنزلية من حين لآخر .
بدأت العلاقة بين السائق والنقاش تأخذ منحى آخر بعد أن قررا عمل مشروعات تجارية مشتركة بينهما، ويتعاهدا على أن يكون شعارهما الإخلاص والأمانة حتى تستمر العلاقة التى قامت على الحب والوئام .
استمرت العلاقة كذلك عنوانها الوفاء والإخلاص حتى بدأ الشيطان يدخل بين الصديقين وتدب الخلافات بينهما من حين لآخر ، لكن سرعان ما تذوب الخلافات في سهرة على إحدى المقاهى وتبادل الأحاديث التى لا تخلو من الحديث عن الجنس اللطيف.
وما تلبث الخلافات أن تهدأ حتى تعود لتطل برأسها من جديد، حتى تفاقمت الخلافات بين السائق والنقاش، وذات يوم فوجئ النقاش بهاتفه يرن في ساعة منتصف النهار، وما إن نظر إلى هاتفه فوجد صديقه السائق على الناحية الأخرى يحاول الاتصال به.
لم يتردد “النقاش” في الرد على اتصال صديقه “السائق” والذى وجده ودودًا في حديثه معه وهو يطلب منه مقابلته لإنهاء الخلافات المالية بينهما، بل إن السائق طلب من صديقه النقاش أن يكون اللقاء ليلًا لقضاء سهرة حمراء وممارسة الرذيلة مع إحدى الساقطات على أن يكون اللقاء في مدينة ” طيبة الجديدة “.
وما إن حل المساء حتى خرج ” النقاش ” متجهًا إلى مدينة طيبة الجديدة وهو يتخيل كيف ستكون سهرته التى أعدها له صديقه بعد تصفية الخلافات بينهما .
وصل ” النقاش ” إلى المكان المتفق عليه سلفًا مع صديقه ” السائق ” .. التقى الاثنين وتبادلا الأحضان والقبلات معلنين بذلك إسقاط أى خلاف بينهما وبدء صفحة جديدة يسودها الحب والوئام الذى قامت عليه الصداقة بينهما .
بعد ذلك طلب السائق من النقاش أن يذهب معه إلى المكان المعد لقضاء السهرة الحمراء مع إحدى الساقطات وقضاء الليلة معها.. ويتحرك الاثنين معًا حتى وصلا إلى عقار تحت الإنشاء بمدينة طيبة الجديدة، وكل ذلك والسائق يحاول إقناع ” النقاش” بأن الفتاة تنتظرهما داخل المبنى الذى لم يكتمل وهو المكان الأنسب للقاء حتى لا يشاهدهم أحد .
لم يكذب “النقاش” صديقه السائق فسارع للدخول إلى العقار بحثًا عن الساقطة ليشبع معها رغباته ومن خلفه ” السائق ” الذى نجح في استدراجه وخداعه بهذه الحيلة الماكرة لينفذ مخططه الشيطانى حيث أمسك بقطعة حديدية وانهال بها على رأس صديقه ” النقاش ” حتى سقط أرضًا غارقًا في الدماء .
بعد أن تأكد السائق من وفاة صديقه ؛ بدأ في استكمال مخططه الإجرامى الذى قتل من أجل صديقه فقام بسرقة المبلغ المالى الذى كان بحوزته وكذلك سرقة هاتفه المحمول وتركه غارقًا في الدماء وفر هاربًا من مسرح الجريمة.
مرت ساعات الليل على أسرة “النقاش” دون أن يعود إلى منزله ومحاولات الاتصال بهاتف باءت بالفشل بعد أن كان السائق قد أغلق الهاتف، حتى بدأ القلق يقتل أفراد الأسرة التى فشلت في الوصول إليه فبادرت بإبلاغ الشرطة بتغيبه.
السائق الخائن كان يظن أن جريمته ستمر دون أن يكتشفها أحد وقد تمضى الأيام وتتغير ملامح الجثة ولا يتعرف عليها أحد ، ولكنه تناسى أنه لابد بعد الظلام من قدوم النور، حيث توجه العمال لاستئناف الأعمال في العقار الذى شهد الجريمة ليفاجئ أحدهم بوجود جثة غارق في الدماء .
دقائق معدودة كانت كفيلة أن تتبدل الأجواء بالمنطقة، بعد أن طوق رجال الشرطة للعقار ويفرض ضباط مباحث مركز شرطة طيبة كردون أمني حول العقار الذي بات مسرحًا لجريمة قتل، ومع انتهاء معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة تم نقل الجثة إلى المستشفى تحت تصرف النيابة.
وبعد ساعات كانت أجهزة الأمن تراجع بلاغات التغيب بنطاق مركز شرطة طيبة والمراكز المجاورة، حتى تبين أن الجثة لشخص يدعى “محمد.ف.س.أ ” يعمل نقاشًا ويقيم بمركز قوص بمحافظة قنا .. وتوصلت تحريات رجال المباحث إلى أن وراء إرتكاب الجريمة سائق – صديق المجني عليه – يدعى “أبوالحسن.ج.ح.ق” – 39 سنة – والمقيم بناحية أرمنت الحيط بمحافظة الأقصر.
عقب تقنين الإجراءات القانونية، استهدفت قوة أمنية مسكن المذكور وأمكن ضبطه وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وقرر بسابقة ارتباطه بعلاقة صداقة بالمجني عليه، وحدوث خلافات بينهما مؤخرًا مما أثار حفيظته فعقد العزم على التخلص من المجني عليه بقتله وسرقة ما بحوزته من مبالغ مالية وهاتفه المحمول.
وأضاف المتهم في اعترافاته: “أنه في سبيل تنفيذ مُخططة الإجرامي قام بإعداد قطعة حديدية لاستخدامها في التعدي على المجني عليه، وقام باستدراجه إلى العقار المُشار إليه (مكان العثور على الجثة) وباغته بالتعدي عليه بالضرب على رأسه بالقطعة الحديدية فأودى بحياته واستولى على (هاتفه المحمول ومبلغ مالي) وتخلص من الأداة المستخدمة بإلقائها بخط سير هروبه.
تم بإرشاد المتهم ضبط الأداة المستخدمة في ارتكاب الواقعة بمكان تخلصه منها، والهاتف المحمول لدى محل لبيع الهواتف المحمولة، وأضاف بإنفاقه المبلغ المالي.
أحال المستشار خميس عيد المحامى العام الأول لنيابات الأقصر القضية المقيدة برقم 630 لسنة 202 جنايات طيبة والمقيدة برقم 395 لسنة 2020 كلى الأقصر إلى محكمة جنايات الأقصر بدائرة محكمة استئناف قنا لمحاكمة المتهم، وتبين من أمر الإحالة قيام المتهم “أبوالحسن.ج.ح” بتاريخ 6 / 1 / 2020 بقتل المجنى عليه “محمد.ف.س” مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتله وأعد له لذلك الغرض عدته عبارة عن ” أداة حديدية ” وذلك لنشوب خلاف بينهما وحاجته للمال لمروره بضائقه ماليه فاستدرجه لمكان ناءٍ “عمارة تحت الإنشاء بمدينة طيبة الجديدة” مبتعدًا عن أعين الناظرين وذلك بزعم إنهاء الاتفاق على ممارسة الرزيلة مع إحدى الساقطات وإزالة الخلاف فيما بينهما، فتم له ما أراد وما إن ظفر به حتى كاله عدة ضربات على رأسه بالأداة الحديدية قاصدًا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التى أوجت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات، وقد ارتكب تلك الجناية بغية تسهيل ارتكابه جنحة وهو انه في ذات الزمان والمكان سرق المبلغ المالى والهاتف المحمول المملوكين للمجنى عليه، وأحرز أداة حديدية مما تستخدم في الاعتداء على الاشخاص دون مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.
وكان المتهم قد أقر بارتكاب الواقعة وقام بتمثيل كيفية ارتكابها بالمعاينة التصويرية التى تم اجرائها بمعرفة النيابة العامة بإشراف المستشار حازم الأمين رئيس النيابة الكلية، وثبت بتقريرى الصفة التشريحية أن إصابة المجنى عليه بالرأس رضية حيوية تنشأ عن المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة بالقدر الذى يسمح معه بحدوث المعالم الإصابية الموصوفة وتعزى إلى اصابته بما أدت إليه من نزف دماغى وصدمة يجوز معها حدوث إصابته من مثل الأداة الحديدية المضبوطة.
تداولت القضية بمحكمة جنايات الأقصر وتبين من شهادة الشاهد الأول أحمد حسين أحمد حسين – 30 سنة – رئيس مباحث مركز شرطة طيبة، بأنه يشهد بأنه تبلغ إليه بالعثور على جثة المجنى عليه داخل أحد العقارات تحت الإنشاء وبإجرائه التحريات اللازمة توصلت إلى أن الجثة خاصة بالمجنى عليه وأنه قد تم قتله بواسطة المتهم بغرض سرقة المجنى عليه حيث أنه على اثر خلافات بينهما بيت النية وعقد العزم على قتله فقام باستدراجه لمكان الواقعة وتعدى عليه بالضرب بواسطة قطعة حديدية أعدها سلفًا لهذا الغرض محدثًا إصابته التى أودت بحياته ثم قام بسرقته ونفاذُ القرار النيابة العامة تمكن من ضبطه وبمواجهته اقر بارتكاب الواقعة وأرشد على مكان القاءه للقطعة الحديدة المستخدمة في الواقعة والهاتف المحمول المسروق. كما شهد الشاهد الثانى تامر محمد رضا سالم ” 41 سنة ” مقدم شرطة – مفتش مباحث بإدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الأقصر، بمضمون ما شهد به رئيس مباحث مركز شرطة طيبة .
وأصدرت محكمة جنايات الأقصر برئاسة المستشار كمال فخري شمروخ وعضوية المستشار أحمد عصام الدين والمستشار نهاد أبوالنصر والمستشار أسامه أحمد محمود، بأمانة سر محمد حفني محمد، حكمًا بإجماع الآراء بتطبيق عقوبة الإعدام على المتهم .