تتميز أعمال الشاعر الكبير جميل محمود عبد الرحمن، بطزاجتها وتدفقها، وقدرة مبدعها على ترويض اللغة والإيقاعات لخدمة تجربته، فقد جرب كل الأشكال الشعرية وانتقل بينها برشاقة وتمكن وحرفية.
يطوف بنا جميل محمود عبد الرحمن في قصائده بكل القضايا الإنسانية، ويبرع فيها جميعا، سواء أكانت وطنية أم عاطفية أم دينية، فهو شاعر صاحب خبرة طويلة وثقافة عميقة، ويتبدى ذلك كله في شعره الذي لا تستعصي عليه أي قضية أو شكل.
وقد خاض الشاعر الكبير جميل محمود عبدالرحمن رحلة طويلة مع الشعر، وحقق مكانة رفيعة بين شعراء مصر والوطن العربي، ورغم أنه تمسك بالإقامة في مسقط رأسه بمحافظة سوهاج، ولم تغره أضواء الشهرة في العاصمة أو تجذبه إليها، فقد استطاع من هناك، من مكانه البعيد أن يصل بصوته ليس إلى أقاليم مصر الأخرى فحسب ، بل إلى قراء العربية خارج مصر.
جميل محمود عبدالرحمن، الذي يواصل عطاءه كأنه ابن العشرين، صدر له ديوان جديد بعنوان” الأميرة في زمان الرعود” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة” سلسلة أصوات أدبية” وهو ديوان يمثل إضافة مهمة إلى ديوان الشعر العربي، وفيه يواصل فتوحاته الشعرية، ويقدم مجموعة من القصائد المتنوعة في قضاياها، وفي أشكالها وأطوالها، فالديوان يضم ما هو عمودي ، وما هو تفعيلي، ويضم القصائد الدرامية الطويلة، وتلك القصيرة التي تأتي سريعة كضربات الفرشاة، ويضم ما هو وطني وما هو عاطفي وإنساني عموما، وكأنه يستعرض فيه إمكاناته الشعرية، وفتوحاته التي عودنا عليها دائما.
ومن أجواء الديوان من قصيدة” أقول انتبه”:
انتبه
أيها الساهم الطرف
إن الأمان البعيد بلاء
وأفق السماء معتكر
أيها الحالم المتصور
إنك جاهدت نفسك حتى انتصرت
والشظايا على الأرض ملآنة بالخطر
والطريق لغايات حلمك
تخفي الفخاخ بجوف الحفر
أنت خلصت أرضك لكن
حلمك لم يكتمل
والمرايا مخادعة
والشخوص صور