أحياناً نعاني من اختلاط الأوراق والأفكار ومن ثم تتوه الحقائق أو المقصود من النشر، وأحياناً أخرى نبالغ في رد فعلنا تجاه القضايا المثارة بشكل عام.. في الرياضة والسياسة وكل أمور حياتنا وهو ما نسميه “جلد الذات”.
في المقابل نعاني أحياناً ــ أو كثيراً ــ من الإكتفاء بالقراءة السطحية أو العناوين دون أن نتعمق في الفكرة ذاتها، لذلك يكون رد الفعل خادعاً والقراءة قاصرة ولاتعبرعن حقيقة مايتم طرحه بهدوء وبعيداً عن التعصب من أجل تحقيق الفائدة من النشر ليكون النقاش على أساس واضح للوصول الى نقاط اتفاق أو حتى اختلاف.
عقب مباراة مصر وغانا في بطولة الأمم الأفريقية المقامة حالياً في كوت ديفوار وانتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق، كتبت منشوراً “بوست” على صفحتى بموقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك” قلت فيه ان المنتخب بدون صلاح أفضل، وهي عباراة تحتمل كل المعاني لمن يحلل بهدوء بعيداً عن ضغوط وعصبية النتيجة المحبطة خاصة وأنها جاءت بعد أيام قليلة من تعادل آخر مخيب للآمال أمام موزمبيق يضع لاعبينا “قبل الجماهير” تحت ضغوط كبيرة وهم يواجهون منتخب الرأس الأخضر في العاشرة من مساء “الإثنين” حيث لايديل عن الفوز للاستمرار في البطولة.
التعليقات جاءت بين مؤيد “وهم الأكثرية” ومعارض أو متحفظ “عدد محدود”.. أما أهم التعليقات والتي ربما تكون السبب في كتابة هذا المقال فكانت من أحد الأصدقاء المقربين عبر الهاتف والذي عاتبني مازحاً ليس بسبب رأيي ولكن لأنني قمت بالرد على جميع التعليقات “المؤيد أو المتحفظ” بعلامة “لايك” كناية عن الإعجاب والموافقة على الرأي وهو مايعتبره غير مفهوم تجاه من يخالفني في الرأي.
قلت له ببساطة: لأنني أتفق مع الجميع فيما طرحوه، فالبعض تعامل مع الأمر على أساس أن المقصود المباراة وحدها وليس بشكل عام، فالجميع شاهد أن الأداء تحسن فعلاً بعد خروج “صلاح” وتخلص اللاعبين من الضغوط وحرصهم على التمرير الدائم لنجم الريدز، وهي مسئولية كبيرة لايستطيع أي لاعب تحملها حتى لو كان الأفضل عالمياً.. ومن ناحية أخرى تحرر المنتخب من الخطة الدفاعية والخوف من المغامرة الهجومية والسعي الى التعويض ولذلك ظهر اللاعبون بمستواهم الحقيقي.
والبعض الآخر تعامل مع البوست برؤية أوسع باعتبار أن المنظومة الكروية بأكملها تعاني من الخلل وتحتاج الى الإصلاح ومن الظلم تحميل “صلاح” وحده تبعات سوء الأداء مهما كان مستواه أو حجم نجوميته، وهو أيضاً قول صحيح ولايمكن أن أعارضه أو أختلف معه.
في حين يتحدث فريق ثالث عن الفارق الكبير في أداء نجمنا الأشهر بين ليفربول ومنتخبنا القومي، وهذا هو الخلط الذي تحدثت عنه في بداية المقال، فالكلام صحيح مائة في المائة وأتفق معه تماماً مثلما اتفقت مع الرأيين السابقين ولكنني أرى أن “صلاح” مظلوم في تلك الرؤية أو الحسبة لأن المناخ الكروي في أوروبا واتجلترا على وجه التحديد يختلف بصورة جذرية مع المناخ العام في القارة السمراء سواء من حيث نوعية اللاعبين والقدرة على التناغم مع الريدز في فريق كله نجوم أو الإختلاف الكبير في البنية الرياضية من ملاعب ومناخ عام خاصة ما يتعلق بالحكام، ففي حين يتم التعامل بحسم في الملاعب الأوروبية وبقرارات تصل الى الطرد المباشر في حالة الخشونة المتعمدة نجد الصورة مختلفة تماماً مع حكامنا الأفارقة الذين لايوفرون الحماية الكافية للنجوم وليس من المنطقي أن يغامر بمستقبله كله من أجل نتيجة مباراة بعيداً عن فكرة الوطنية أو الإنتماء، وهذه نقطة مهمة للغاية تؤثر على مستوى النجوم “صلاح وغيره”.
لا أحد يختلف على مستوى نجمنا العالمي الأشهر الذي لفت الأنظار الى الكرة المصرية ولاعبينا بصورة أكبر من ذي قبل ولولا القيود الكبيرة التي تضعها الأندية أمام احتراف لاعبينا في سن مبكرة لكان لدينا الآن أكثر من صلاح ، وهذا هو السبيل الأمثل ــ أو الوحيد ــ للنهوض بالكرة المصرية واعداد منتخبات قوية لاتتأثر بغياب لاعب أو حتى فريق بأكمله، ووقتها سيتحقق التناغمم المطلوب والقوة التي نحسد عليها منتخبات أفريقية كنا نسبقها بمئات السنين الضويئة على مدار عقود قبل أن تفتح الباب أمام لاعبيها للإحتراف.