»»
المعين الصافي لإبداعات أدباء المحروسة لن ينضب أبدا ،ويطل علينا كل يوم بما هو جديد ، وضيفنا عبر هذه السطور الأديب الكاتب أشرف بدير والذي أهدي منصة المساء أون لاين غيضا من فيض إنتاجه المتنوع ، ” زائر الليل” في ثياب القصة القصيرة.

🍂
زائر الليل
في وقتِ السَّحَرِ، في ليلٍ ساكنٍ حالِكِ الظَّلام، من ليالي الخريف غير المُقْمِرة، أفاقتْ ” أمَل” من نومٍ عميقٍ، على صوتِ طَرْقٍ خَفيفٍ بِبابِ شُرفَةِ غُرفتها، لم تنزعجْ كثيراً فهي تَعلمُ جيدًا مَن هو الطَّارِق، الذي تعودَتْ أنْ تلقاه كل ليلةٍ، في مثل هذا الوقت من الليل.
وفي عُجالةٍ انتهت ” أمل” من ترتيب ثيابها، و هِندام نفسِها، ثم خرجَتْ إليه في لَهفةٍ..
وجدته كما اعتادت أن تراه، شاباً وسيماً أنيقاً جداً، يرتدي بدلة بيضاء، يبدو كأنه قمرٌ قد تخلى عن سَمائه، ليهبط في تلك الشُّرفةِ ليشع فيها نوره، كان يجلسُ في هدوءٍ و وقارٍ، على أريكةٍ صغيرةٍ في رُكنِ الشُّرفة، يَحْملُ بين يديه باقةً من زهور النرجس الأبيض الخَلَّاب.
عندما بَصُرَ بها تقدم عليه هَبَّ واقفاً، و أمسكَ بيدِها وقبَّلَها برِقَّةٍ، ثم أجْلسَها بجواره على الأريكة، ووضع بين يديها باقةَ الزهور، وأخذا يتهامسان في وُدٍّ، كما تعودا في كل ليلة، حتى بَزغَت من بعيد في الأُفُقِ أشعَّةُ شمس الصباحِ، آنئذٍ نهضَ الشَّابُ واقفاً، و دعاها بِرفقٍ ورِقَّةٍ لتدخل إلى غرفتها، كي تستأنف نومها، حيث وَجَبَ عَليه الآن أنْ يغادر المكان ..
دلفَتْ ” أملُ ” إلى غرفتها، و رَكَنَتْ إلى فِراشِها، كانت سعيدةً جدًا، كعادتها عَقبَ كلِ لقاءٍ بينهما، حتى إنها لمْ يَجُل بخاطرها، ولم تسألْهُ منذ لقائهما الأول في العام الماضي؛ كيف يُمْكِنه أنْ يأتي كلَّ ليلةٍ، في هذا الوقت المتأخر من الليل، وأنْ يَصْعد إلى شُرفةِ غرفتها، بالطابق الثالث، بمنزل أسرتها الكائن في طَرفِ القرية، على ضِفافِ البحرِ الصَّغير، بين الحقول؟
🍂

أشرف بدير في سطور
– روائي وقاص
– عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب والمسؤول الثقافي بفرع الدقهلية ودمياط.
-عضو نادي القصة المصري.
– عضو نادي أدب المنصورة.
– مؤسس مسابقة “أشرف بدير” الأدبية السنوية التي فاز فيها أربعون أديبا وشاعرنا في دوراتها الثلاث السابقة وصدر عنها أربعون كتابا للفائزين
– له سبع روايات وخمس مجموعات قصصية وكتاب في النقد الأدبي.














