»»
معين إبداعات أدباء المحروسة لن ينضب أبدا ،ومن بين إصدارات معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي انطلقت فعالياته اليوم شاركت الأديبة الروائية حنان الهواري برواتيين “كِشّ مات”، و”زاهين” بجناح دارإشراقة للطبع والنشر .
شاركت الأديبة حنان الهواري في العديد من الفعاليات الثقافية والأدبية ، ولها مجموعة من الأعمال الأدبية الأخري قيد الإعداد والطبع.
🍂
كِشّ مات
ومن روايتها كش مات نقطف هذه السطور:
لم أكن أميز ما أضع في فمي من كثرة ما زجته سعدة في طبقي.، وهي تقول: هاك يابرنسي ومع حبي لمعرفة الجديد والمختلف في كل شئ أستحسن طعاما وألوي شفتي إذا لم أستسغ غيره، فتضحك بطفولة محببة؛ لتغير لي الصنف بغيره.
تنكفئ على الطاولة متجاوزة ثلاثة من إخوتها، يجلسون بجواري؛ لتضع لي من كل الانواع أو تترك مقعدها وتمر من خلفهم؛ لتضع قطعة في فمي.
يدور ساعتها بؤبؤ عيني؛ ليرى من حولى. أمضع ما وضع في فمي وأحمد الله أن ما قامت به، مر بعيدا عن أعينهم التي انهمكت مع أفواههم في التهام الطعام.
وفي رؤية انطباعية نقدية عابرة وعن الرواية يقول الأديب كمال المصري :
هي رواية لمحبي السفر داخل الأشخاص ..
كش مات.. يأخذنا “حسن البرنس” في رحلته تاركا أهله وراء ظهره، يقع في غواية ثلاث نساء في كل بلد يذهب إليها، يغير جلده وأفكاره بعد كل مرة يموت في تلك اللعبة..
كش مات.. لعبة تتحكم بك، ما أن تأخذك وتشعر أن زمامها بيدك حتى تقتلك..
كش مات.. حيث لا مفر فبعد العبور، كل الجسور محروقة وكل الأمنيات سفاح..
كش مات.. لعبة تمنيك بالفوز، تمنحك فرصة أخرى؛ لتتلاعب بك مرات ومرات ومع كل حياة موت ومع كل أمنية فقد..
كش مات.. لك أنت تختار في تلك اللعبة أن تكون بيدقا أو ملكا تظن أنك من تحرك الرقع لتكتشف أنك صرت أحدها..
🍂
اقتباسات مميزة من داخل الرواية:
“لم أنس هذا اليوم رغم مرور الأعوام. كان نهارا صيفيا، ترتدي عباءة مفتوحة من الجانبين، مذمومة على خصرها العرق يبلل جسدها، فيلتصق بالجلباب الحريري، مخبرا بما تخفيه تحته من فتنة. وكأنه أراد أن يبوح بلواعجه، وهذا الجنون الذي يعتريه، لملامسة جسدها المرمري..
وقفت أراقبها سارحا بخيالي مع كل انثناءة لخصرها، على وقع الموسيقى. سرقتني منذ اللحظة الأولى. تهتز كغصن سلم قلبه للريح”.
“جاورت الغجر (الكاولية)، احتككت بهم احتكاكا مباشرا في قرية الزهور، حيث خيامهم وحميرهم. شاركتهم الطعام وسقوني من ألبان أغنامهم. توهت معهم بين الشعاب والوديان ودخلت تجمعاتهم على أطراف البصرة ونينوى. ومع نسائهم حضرت سعدة بسمارها الخلاب أمامي، نفس الملامح والشغف، امرأة لدنة، حمراء، عسلية العينين، سوداء الشعر. عندما وقعت عيني عليهن، تأكدت أن المرأة تسعي خلفي في حكايات كثيرة، مثيرة، كل امرأة مرت في حياتي، أخذت مني بقدر ما أعطتني إلا الغجريات. لم تجمعني بإحداهن علاقة خاصة وإن كان الجنس مهنة أغلبهن. حتى دخلت وسمية بنت سعيد الحاوي علينا موقع العمل”.
زاهين
تتناول الرواية قصة (زاهين) الفتاة الأيزيدية التي تعيش في إحدى قرى سنجار بالعراق
يتعرض قومها للتصفية العرقية على يد داعش
فتُأسر وتُغْتَصب وتُباع في سوق الرقيق مع غيرها من الفتيات الصغيرات
والأيزيدون مجتمع مغلق، يدين بديانة غير سماوية، لا يدخل فيها إلا من ولد بها فهي ديانة غير تبشيرية بل أنه لا يجوز أن يتزوج أحد المنتمين لطوائفها الثلاثة الا من طائفته فقط .
يؤدون طقوسهم التعبدية في معبد لالش.
وهم لا يعترفون بإنفتاح على مجتمعات أخرى ولا يقبلون إلا أن يكونوا دولة قائمة داخل الدولة العراقية.
تؤمن بالإله طاووس ( الشيطان طاووس الملائكة) ولذلك يقع هذا المجتمع تحت طائلة داعش التي تسميهم عبدة الشيطان و تعتبر أن أموالهم ونسائهم حل لهم إلا إذا دخلوا الإسلام وكانوا جنودا في جيش الرب كما يسمون أنفسهم . يتخذون النساء جواري وإماء وملك يمين أو سلعة تباع كخادمات للإنفاق على الجيش
يقتل الرجال والعجائز من النساء.
أماالأطفال يأخذونهم للتدريب على السلاح ليكونوا جنودا في جيش الخلافة
تقع زاهين في أسر داعش بعد أن هوجمت بلدتها الصغيرة كوجو بجبل سنجار وقتل والدها وأخوها وأختها بعد ذلك أمام عينيها
وواجهت الحياة في الأسر فتعرضت للإغتصاب والبيع مرات عديدة
حتى استطاعت قتل مغتصبها والفرار ليساعدها سيروان الكردي الذي عرفت به من إحدي رفيقاتها في الأسر لتتمكن هي من الفرار بعد أن تم ذبح رفيقتها.
🍂
ومن سطور روايتها “زاهين” تقول حنان الهواري:
أجسادٌ مكدَّسة في غرفةٍ واحدة لا تسعُ إلّا عشرة، الهواء كثيف، نتنفَّس ما يخرج من صدور بعضنا.. نبكي الموت والفقد.
مشهدُ الموت مريع، وانتظارُ الموت أشدُّ فتكًا بالأرواح من الموت. تموت الكلماتُ على الشفاه, وتحلِّق العيون فوقَ الرؤوس، تتحسَّس الوجوه الغضَّةَ والأرواح التي شيَّبها الخوف.
بابٌ حديدي وأجسادٌ متراصَّة، نرهفُ السمع، أصوات غليظة وضحكاتٌ مستنفِرَة، تنبجس في هذا السكونِ؛ لتقتل أرواحنا.
نتساءل: أهو الموتُ كامنٌ خارجَ هذا الباب؟! أم عبوديةٌ للجسد واغتصابٌ للروح. نستأنس ببعضِنا ونستسلمُ لقدَرِنا. مِن باب خلفي تدخل إحدى النساء المُلتحفات بالسواد، ومعها اثنتان على نفس الهيئة؛ لينتشلونا من الكابوس ونُدفع كالشياه الواحدةَ تلو الأخرى.
🍂