مناوشات الفرارجى والعامل .. انتهت بطعنة غدر فى الصدر
طلب منه اسكات صوت الكتاكيت .. مزق صدره بالمطواة إلى فتافيت
كاميرات “سعيد” صورت الواقعة .. والمباحث ضبطت المتهم متلبسا بأداة الجريمة
كتب – عبدالرحمن أبوزكير :
” الجار قبل الدار ” .. هكذا يقول المثل الشعبى الذى جاء من قصة الرجل الذى تعرض لأزمة مالية أجبرته على التفكير لبيع مسكنه، ووضع قيمة مالية ضخمة للبيع؛ نصفها ثمن البيت ونصفها الآخر للجيرة الطيبة التى سيحظى بها المشترى .. وهو ما دفع أحد الجيران بعد علمه بالقصة لسداد الديون عن صاحب المنزل حتى لا يبيع منزله ويبقى وسط جيرانه .. أما عن جيران عصرنا هذا؛ فحدث ولا حرج .. فالغل والحقد والجحود، كلها صفات ذميمة أصبحت في جينات معظم الجيران؛ إلا من رحم ربي.
قلوب لوثتها أمراض العصر من حقد دفين وكره بغيض؛ فكانت النتيجة انتشار الهرج الذي أصبح يعكس ما وصل إليه الناس من فتن عظيمة بسبب بعدهم عن تعاليم الدين، فالمفسدون في الأرض يتحزبون لأطماع الدنيا، وأهواء النفس وشهواتها، فيقع القتل، ولا يدرى القاتل لماذا قَتَل، ولا يدري المقتول عن سبب قتله، وكأننا نعود إلى بداية الخلق حينما اختلف هابيل مع أخيه قابيل، فقام قابيل بقتله .. ولا تزال الأحداث تتكرر في مشاهد إجرامية بين الأخ وأخيه، وبين الجار وجاره، وكل منهم يبطش بالآخر، فيسقط طرف قتيلًا والطرف الآخر يقضى بقية عمره خلف القضبان بعدما أعمى الشيطان عينيه وقتل فيه الإنسانية ودفعه لإشهار السلاح في وجه أقرب الأقربين، وكأن الدم تحول إلى ميه !!
ما سبق يلخص المشاهد المؤسفة التي تشهدها بعض قرى محافظة قنا من وقت لآخر، حيث أن هناك أناس أصبح أسهل ما لديهم هو سفك الدماء لأتفه الأسباب، فهذا سائق يمزق جسد جاره في قرية المحروسة التابعة لمركز قنا، مستخدمًا سلاح أبيض، ليحول صدره إلى “فتافيت” من الداخل بعدما مزقه بسلاحه وسدد له طعنات غادرة، و ذلك لأن الجار الضحية كان دائم الشكوى من أصوات الكتاكيت التي يمتلكها جاره الفرارجي، ونتيجة المناوشات والشكاوى المتكررة، قرر صاحب محل الفراخ إسكات صوت جاره بدلا من إسكات صوت الكتاكيت، فتخلص منه بطعنة نافذة فى صدره، لتتحول الجيرة إلى عيشة هباب، أخرتها قتل وعذاب، فأحد الجيران سقط غارقه فى الدماء، أما الثاني فيبدأ رحلة عذاب خلف الأسوار.
تفاصيل الواقعة المؤسفة والتى تنشرها “المساء” ترجع إلى يوم 26 / 2 / 2023 حينما تلقت وحدة مباحث مركز قنا بلاغًا من المستشفى الجامعي بوصول المواطن “محمد.ع.ع” جثة هامدة إثر إصابته بطعنة نافذة بالصدر.
وعلى الفور انتقلت قوة أمنية من مباحث المركز لمعاينة الجثة، مع إخطار النيابة العامة بالواقعة لمباشرة التحقيقات، وبسؤال “خيرية.ح.ح” – زوجة المجنى عليه – قالت في أقوالها أمام محمود عبداللطيف وكيل نيابة مركز قنا، أن زوجها المتوفى لرحمة الله، كان على خلاف مع جارهم “محمود.ك.أ” – سائق وفرارجي يمتلك محل ومخزن فراخ بقرية المحروسة، وسبق أن طلب زوجى من جارنا المشكو في حقه أن يقوم ببناء وتعلية الحائط الخاص بالمخزن بسبب أصوات الكتاكيت وحضور بعض الشباب وجلوسهم لأوقات طويلة، وبالفعل استجاب الجار بعد تدخل أهل القرية، ولكن المناوشات لم تتوقف حيث جارنا صاحب محل الفراخ كان دائم التلقيح بالكلام على زوجي، وحدثت مشادة بينهما قبل أيام وتدخل الجيران وعقدوا الصلح بينهما.
وأشارت الزوجة في أقوالها، إلى أن جارهم الفرارجي حضر أمام منزلهم وكانت عينه تنذر بالشر، ثم جلس أمام محل الفراخ الخاص به، وبعد أن أبصر زوجها يخرج من المنزل اقتفى أثره وأخذ يستثير غضبه بتلقيح الكلام كالعادة فحدثت مشادة كلامية، انتهت بقيام الجار بطعن زوجها بعدة طعنات فى شارع السوق وتم نقله إلى المستشفى.
وبناء على قرار ياسين رمضان معاون النيابة بنيابة مركز قنا بسكرتارية أحمد أبوالقاسم بندب أحد الضباط لمعاينة مكان الواقعة لبيان ما إذا كانت توجد كاميرات مراقبة بمكان الواقعة، فقد تلقى معاون النيابة المحضر رقم ٤١ أحوال مركز قنا بتاريخ 5 / 3 / 2023 محرر بمعرفة النقيب أشرف عبدالغفار، أثبت فيه وجود كاميرا مراقبة داخل سوبر ماركت ملك المواطن “سعيد.هـ.د” وتم تفريغها بفلاشة dt5e9 سعة 16 جيجا ماركة Kingston وبفض الحرز بمعرفة محمود عبداللطيف معاون النيابة بنيابة مركز قنا بسكرتارية مصطفى أنور ظهر المتهم وهو يتعدى على المجنى عليه من بعد.. وتمكنت قوة أمنية من ضبط المتهم وإحالته للنيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
بعد انتهاء التحقيقات أمر المستشار فخرى خيرى المحامى العام لنيابات قنا الكلية بسكرتارية أحمد فتحى مدير الإدارة الجنائية بنيابة قنا الكلية بإحالة المتهم “محمود. .ك.أ” إلى محكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف قنا مع استمرار حبسه احتياطيا على ذمة القضية.
وتضمن قائمة أدلة الثبوت التي أعدها محمد الصحصاح رئيس النيابة الكلية بنيابة قنا الكلية، فيما شهد به الشاهد الأول البدوى حمودة محمد البدوى نقيب شرطة، ويعمل معاون مباحث مركز قنا، حيث شهد أن تحرياته السرية دلت على أن المتهم وعلى إثر خلافات سابقة بينه وبين المجنى عليه طعن الأخير في صدره بسلاح أبيض أحرزه عبارة عن مطواة ذات نصل حديدي قاصدًا من ذلك قتله فأرداه قتيلًا، وأضاف بأنه ونفاذًا لأمر النيابة العامة، تمكن من ضبط المتهم وبمواجهته أقر بارتكابه الواقعة وأرشد عن مكان أداة الجريمة “السلاح الأبيض آنف البيان” والتى كان يخبئها بأحد المناطق الزراعية المجاورة لمسكنه، فتم ضبط ذلك السلاح الأبيض الذى عثر على نصله أثار دماء، وقرر المتهم انها دماء المجنى عليه.
وتضمنت ملاحظات النيابة العامة ما ثبت من معاينة الشرطة لمسرح الواقعة من وجود كاميرات مراقبة تم نسخ محتواها على ذاكرة تخزين خارجية، وثبت من تفريغ النيابة العامة لمحتوى ذاكرة التخزين العثور على مقطع فيديو يظهر فيه المتهم يحمل شيء ما في يده والمجنى عليه يترنح وهو يضع كلتا يديه على صدره، كما تضمنت ملاحظات النيابة ما أقر به المتهم بتحقيقات النيابة العامة بصحة ذلك المقطع المصور وأنه كان ممسكا بيده السلاح الأبيض المضبوط، وثبت من تقرير المعامل الطبية الشرعية أن البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من عينة الدماء المأخوذة من مسح المطواة المضبوطة تطابقها مع البصمة الوراثية للحمض النووي بعينة الدماء المأخوذة من جثمان المجنى عليه.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه تعزى وفاة المجنى عليه إلى اصابته الطعنيه بالصدر والتي حدثت من جسم صلب ذو حافة حادة مثل المطواة المستخدمة والتي أحدثت قطع بالأنسجة الرخوية والعضلات والرئة اليسرى والأوعية الدموية وتفرعات الشعب الهوائية وكسر بأحد ضلوع الصدر وما صاحب ذلك من نزيف دموي حاد وصدمة، وأن الواقعة جائزة الحدوث وفق التصور الوارد على لسان مجرى التحريات وفى تاريخ معاصر لها.
وبعد تداول القضية؛ حكمت محكمة الجنايات وأمن الدولة بقنا حضوريًا بمعاقبة المدعو “محمود.ك.أ” البالغ من العمر ٣٠ عامًا ويعمل سائق ومقيم قرية المحروسة بمركز قنا لقيامه بقتل جاره “محمد.ع.ع” لعدم قدرته على السيطرة على أصوات الكتاكيت الصادرة من مخزنه الملاصق لمنزله بالسجن المشدد ٣ سنوات بتهمة الضرب حتى أفضى إلى الموت وألزمته بالمصاريف والمصادرة.
أصدر الحكم المستشار أحمد صهيب محمد حافظ رئيس الاستئناف ورئيس الدائرة الأولى بمحكمة استئناف جنوب الصعيد التي تضم أسوان والاقصر وقنا والغردقة ونجع حمادي وبعضوية المستشارين مؤمن أبوالفتوح رضوان وتامر أحمد رضا الرئيسين بالمحكمة، بحضور مصطفى جمال طه وكيل النيابة، بأمانة سر صلاح فراج وعلاء سلوك الجبلاوي ومحمد صلاح العدوى مدير تنفيذ الأحكام بنيابة قنا وجبريل العقيصى كبير حجاب محكمة استئناف جنوب الصعيد.