تعالت الصيحات الله أكبر.. بسم الله.. بسم الله ، في كل أرجاء المحروسة ووطننا العربية ،ابتهاجا وإحتفاء بالنصر التاريخي علي إسرائيل وبكسر شوكة جيشها المتغرطس الذي لا يهزم ،وإستعادت مصر عزتها وشرفها وكرامتها الجريحة، وبلغت روح أكتوبر الجديدة بالمصريين أعنان السماء.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وتحقق نصر أكتوبر عام 1973 ووقف العالم منبهرا بمعجزة السادس من أكتوبر، ويصفق إحتراما وتوقيرا لأبناء مصر صناع النصر والأمل وأسطورة العبور العظيم .
وبعد هذا الضربة القادمة لكبرياء الصهاينة تملص الكثير من قادة إسرائيل من الإعتراف بالهزيمة النكراء التي كسرت غرورهم وصلفهم وسجلت في سجلات تاريخ الدنيا صفحات مشرقة وتضحيات، وبطولات ،أصبحت نماذج خالدة تدرس في كافة الكليات والمعاهد العسكرية في مختلف أنحاء العالم.
وبدأت محاولات خبيثة للتقليل من حجم النصر وممارسة حرب نفسية لإضعاف الروح المعنوية للمصريين من جديد ، لكن كانت مظاهر فرحة أبناء النيل وغبطتهم بالإنتصار المبين ورسائل الرئيس السادات عبر خطبه وتصريحاته القوية، كالصواعق التي عمقت جراح الصهاينة.
وكانت المفاجأة المدوية خلال المفاوضات مع العدو الغاشم لإستعادة الأسري ،فقد أصر السادات على إعادة الأسرى الإسرائيليين مرتدين”البيجامات الكستور”، في رسالة قوية لكل من يهمه الأمر،و إشارة صريحة لإذلالهم وإخراجهم من الخدمة بعدما تلقنوا درسا لن ينسي!.
واستقبلتهم جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل حينذاك باكية بحسرة وحزن عميق ،وانهمرت الدموع من عينيها لتجسد الهزيمة النفسية والعسكرية وما لحق بجيشها من خزي وعار وشنار في مشهد لن يمحي، ولن تتجاهله ذاكرة التاريخ أبدا !.
لقد إستعادت مصر عزتها ومكانتها ، وبدأت مرحلة جديدة للتنمية والبناء .
واتفق كثيرون من أبطال و قادة حرب أكتوبر ان سر قرار الرئيس الراحل أنور السادات بأن يرتدي الأسرى اليهود البيجامات الكستور أثناء عودتهم إلى تل أبيب بعد الهزيمة، لأنه قديما في الريف المصري كان يقوم “حلاق الصحة” بإجراء عمليه الطهور للأطفال الذكور عندما يتموا عامهم السادس، وبعد انتهاء العمليه بنجاح يرتدي الطفل “البيجامة” الكستور المقلمة لأنها تكون رقيقة الملمس حتى لا يتألم الطفل من جرح العملية، وبعد ذلك يزفه أهل القرية ، ويغنون له مسرورين “يا أم المتطاهر رشي الملح سبع مرات”، كناية عن درء الحسد عن ابنها الذي أجريت له الجراحة حديثا.
وقد جسد هذا المشهد النجم المحبوب أحمد حلمي في فيلمه”زكي شان” ، حين استعاد الثقة بنفسه وإسترد كرامته وألبس البلطجية المتنمرين به الجلاليب الكستور في إشارة إلي أنه لم يعد ضعيفا واهنا خانعا مغلوبا علي أمره، بل أصبح قويا مهابا !.
لقد أراد الرئيس السادات بالقرار التوقيع على هزيمة العدو الصهيوني، بخاتم العزة والأنفة ،والحط منه وإذلال أفراد جيشه، ليعودوا ويراهم شعب الإحتلال وقادته بهذا المشهد المزري،ومن هي مصر مقبرة الغزاة ،ومن هم أبطال الجيش المصري.
هكذا كانت روح عزة أكتوبر.. وستظل بصمة حياتية وحالة قيمية وجدانية فريدة تجمع كل ما هو جميل من الحب والعطاء والتفاني والتضحية والفداء قربانا للوطن الغالي.
روح أكتوبر..منارة تغرس الأمل وتشرح الصدور وتصنع الحياة وتضيء غياهب العقول ، ونستمد منها الوعي بقيمة العزة والكرامة وعودة الروح للجسد.
روح أكتوبر.. نماء وبناء وتنمية ومنظومة عطاء متصل من جيل إلي جيل لبناء دولة قوية ووطن عزيز.
تحية حب وإجلال وإعزاز لروح المجاهدين وشهداء الوطن الأبرار ولمن حفروا في قلوبنا وعقولنا معني كلمة وطن.