شجون حسن
مما لا شك فيه أن الأوبرا هي أكبر المنابر الثقافة في مصر والوطن العربي، فهي الملاذ الأول والأخير لكل المثقفين والمبدعين الباحثين عن تقديم فن راقي أصيل ، بعيدا الضجيج الذي امتلأت به الفضائيات التي أعطت الفرصة لأولئك الذي لا يمتون بصلة لا من قريب ولا بعيد للفن الهادف الراقي وخلال السنوات الأخيرة قدمت الأوبرا العديد من الأصوات منها مصطفي النجدي ، احمد عفت ‘ مي فارق ، وريهام عبد الحكيم وغيرها من الأصوات التي أصبحت عشقا لكل من يبحث عن طوق نجاة من طوفان التلوث السمعي الذي طفا علي الساحة الفنية مؤخرا.
الأوبرا مليئة بالمواهب القوية التي بنيت علي أساس فني سليم وتعلم موسيقي صحيح ومع كل هذا فهم ليسوا بقدر نجومية تلك الطفيليات، رغم انهم الأكثر موهبة وتمكن علي المسرح دون ابتزال في القول أو في المظهر ،
ورغم الجهود المبذولة من قبل الرئيسة الحالية لدار الأوبرا الدكتورة لمياء زايد إلا أنني أقول أن هولاء المطربين أو بمعني أصح الجواهر المكنونة مظلمون إعلاميا وهذا ما ترك الساحة لمطربي المهرجانات الاستحواذ علي الساحة الغنائية حاليا فهم يتقاضون يوميا آلاف الدولارات من اليوتيوب والتيك توك وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعي علي خلاف مطربي الاوبرا الذين يتقاضون مبالغ زهيدة بالنسبة لهم هل أختلت الموازين أم ماذا ، هل سيبقي الحال علي ما هو عليه ؟ إذن ما هو السبيل للوصول لجذور ثقافتا الأصلية العريقة ثقافة أوبرا الستينيات هل من المعقول أن نصل في هذا الجيل إلي أم كلثوم أو عبد الحليم الشباب أم ستطفح بلاعات المهرجانات وتقضي علي أعظم تراث غنائي في الشرق الأوسط أم ماذا ؟ أسئلة عديدة تراودني لا أجد لها جوابا.
ولكننا لا نغفل الدور الذي يقوم به الأستاذ حمادة السعيد رئيس الإدارة المركزية بدار الأوبرا بالتعاون مع رئيسة دار الأوبرا الحالية في التسويق لهذه المؤسسة العريقية علي المستوي المحلي والدولي فمن مهام الإدارة وضع الخطط وتحديد الأهداف والأولويات والمبادرات التي تعزز فهم الجمهور للفن الراقي وتلبي احياجاته والترابط القائم بين الفنانين والموسيقى واختيار المواهب لتقديم عروض عالية الجودة وهذا ما يقوم به حمادة السعيد علي اكمل وجه
إذن كي تقوم الأوبرا في نشر الثقافة التنويرية للجمهور والقضاء علي ظاهرة المهرجانات لابد أن تقوم الأوبرا ببناء العلاقات مع الجمهور المباشر والتسويق الهائل علي أوسع نطاق وبشكل غير تقليدي ومتجدد ، والتعريف بعروض المؤسسة علي أوسع نطاق وجذب جمهور الفن الراقي مما يعطي مستقبلا قاعدة عريقية لنشر ثقافة الكلمة الهادفة واللحن الذي يطرب أسماع الجمهور والصوت المعبر عن همومنا والامنا بشكل محترم دون كلمات ومعاني مقززة
ويمكن أن تلعب الأوبرا دورا هاما في تقليل شعبية المهرجانات من خلال تعزيز القيم الثقافية ودعم المواهب الشابة ، ومع ذلك ينبغي أن يتم التعامل مع هذه الظاهرة بشكل شامل من خلال تنفيذ سياسات إجتماعية وإقتصادية وتعليمية تستهدف الجذور العميقة لهذه المشكلة وانا علي يقين أن من بين الأشواك سنري الورود